يلاحقهم للشهر العاشر على التوالي

القصف والتجويع والتهجير تنهك الغزيين

القصف والتجويع والتهجير تنهك الغزيين
  • القراءات: 462
ص. محمديوة ص. محمديوة

تتواصل حرب الإبادة الجماعية، التي دخلت شهرها العاشر وتجري فصولها في قطاع غزة، أمام مرأى ومسمع عالم لا يزال في موضع المتفرج على واحدة من أبشع وافظع المآسي التي تشهدها الإنسانية في الوقت الحالي ولا يزال عاجزا سواء عن قصد أو عن غير قصد بكل مؤسساته الدولية الحقوقية والإنسانية ودوله الديمقراطية عن وضع حد لها.
فعلاوة على القصف المكثف الذي لا يزال جيش الاحتلال الصهيوني يشنه يوميا ومنذ السابع أكتوبر الماضي بلا هوادة على كل شبر من قطاع غزة المنكوب، يواصل هذا الاحتلال ضغطه العسكري الجنوني على ما لا يقل عن مليوني نسمة محاصرين في مساحة صغيرة لا تتجاوز 360 كلم مربع ويدفع بهم من تهجير قسري الى آخر في العراء وتحت وطأة قنابله وصواريخه التي لا يزال يمطر بها القطاع، ويضاف إلى كل هذه المعاناة ممارسته لسياسة تجويع ممنهجة رمت بالغزيين في مجاعة حقيقية وضعت حياة عشرات الأطفال والمرضى منهم على المحك.  وارتكب جيش الاحتلال مجزرة فظيعة ضد النازحين في مدرسة بمنطقة عبسان شرق خان يونس راح ضحيتها 29 شهيداً غالبيتهم أطفال ونساء والتي تأتي استكمالاً لجريمة الإبادة الجماعية التي يشنها بحق الشعب الفلسطيني للشهر العاشر على التوالي. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أمس، أنه بعد المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال بشكل متلاحق، حيث جاءت هذه المجزرة بعد اقترافه ست مذابح أخرى في مخيمات الوسطى، مما رفع أعداد الشهداء إلى 60 شهيداً خلال الساعات الماضية غالبيتهم من الأطفال والنساء.
واضاف انها تأتي في ظل إسقاط الاحتلال للمنظومة الصحية وتدمير وإحراق المستشفيات وإخراجها عن الخدمة، وفي ظل الضغط الهائل على الطواقم الطبية وما تبقى من غرف العمليات الجراحية، وفي ظل نقص المستلزمات الصحية والطبية، وفي ظل إغلاق المعابر أمام سفر الجرحى والمرضى وعدم إدخال الوقود وفي ظل كارثية الأوضاع الإنسانية والصحية.
عجز عن الاستجابة لنداءات الاستغاثة في غزة لكثافة القصف
أكد الهلال الأحمر الفلسطيني، أمس، أن طواقم غرفة العمليات التابعة له تتلقى العشرات من نداءات الاستغاثة الإنسانية من مدينة غزة دون تمكن طواقمه من الوصول إليها بسبب خطورة المناطق المستهدفة وكثافة قصف الجيش الصهيوني فيها.
وأوضح، في بيان له، أن أوضاع السكان في مدينة غزة "مأساوية للغاية، حيث تواصل قوات الاحتلال الصهيوني استهداف المجمعات السكنية وتعمل على تهجير المواطنين من أماكن سكانهم ومن مراكز الايواء". وكان الهلال الأحمر الفلسطيني قد أعلن أن جميع النقاط الطبية والعيادات الطارئة التابعة للجمعية في محافظة غزة "خرجت عن الخدمة" بسبب إجراءات الاحتلال الصهيوني بالإخلاء القسري على مناطق مختلفة في المحافظة والتي تتواجد بها النقاط الطبية والعيادات". وأشار إلى أن 15 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى في قطاع غزة يعمل وجميعها تعمل جزئيا وتواجه نقصا حادا في العاملين والإمدادات الطبية، بما في ذلك التخدير والمضادات الحيوية ما يجعل العاملين في مجال الرعاية الصحية يكافحون من أجل إنقاذ الأرواح.
الاحتلال يصدر مزيدا من أوامر الإخلاء
لا يكفي جيش الاحتلال ما يقترفه من مذابح مروعة، حيث أصدر مجددا مزيدا من أوامر الاخلاء باتجاه سكان مدينة غزة في الشمال وخان يونس ورفح في الجنوب، ليرمي بهم مجددا في رحلة بحث قاسية عن مأوى ما بين الانقاض والمباني المدمرة ورائحة الموت التي تفوح من كل مكان في القطاع المنكوب.
ووصف العاملون في المجال الإنساني في الأمم المتحدة أوامر الإخلاء التي يصدرها الكيان الصهيوني لسكان غزة بأنها "فوضوية بشكل خطير" وتتسبب بنزوح عشرات الآلاف من الأشخاص.
وقال كبير المتحدثين باسم الأمين العام الأممي "يصف زملاؤنا من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" تهجير "الكيان الصهيوني" آلاف الأشخاص في مدينة غزة بأنه فوضوي بشكل خطير"، مضيفا أنه جاء في أعقاب أوامر الإخلاء الفوري التي أصدرها جيش الاحتلال الصهيوني الاثنين الاخير بعدة مناطق في مدينتي رفح وخان يونس، والتي دعت أهالي المدينتين الى المغادرة إلى أو عبر مناطق نشطة قتاليا أو مناطق تخضع لأوامر إخلاء منفصلة.
وتابع ستيفان دوجاريك "إن سكان غزة غادروا في اتجاهات متعدّدة ولا يعرفون أي طريق قد يكون أكثر أمانا. وتحت النيران والقصف، نزح عديد الأشخاص ولم يتمكن سوى عدد قليل جدا منهم من أخذ ممتلكاتهم"، داعيا إلى حماية المدنيين في غزة وتلبية احتياجاتهم الأساسية سواء من انتقلوا أو بقوا في مواقعهم. وشدّد المسؤول الاممي على "ضرورة أن يكون لدى الذين يغادرون الوقت الكافي للقيام بذلك،  فضلا عن طريق آمن ومكان آمن يذهبون إليه"، موضحا أن "الأعمال القتالية النشطة والطرق المدمرة والقيود على الوصول الإنساني وغياب النظام العام والسلامة، كل ذلك يواصل تقويض الحركة على طول الطريق الرئيسي للشحنات الإنسانية من معبر كرم أبو سالم إلى خان يونس ودير البلح".

 


 


استهداف النازحين في مدارس اللجوء.. المجتمع الدولي يكتفي بالإدانة دون تفعيل آليات الردع

في كل مرة يقترف فيها جيش الاحتلال مزيدا من المجازر الدامية في حق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، تتوالى بيانات الإدانة والتنديد من أكثر من عاصمة ومؤسسة دولية وإقليمية ومسؤولين أمميين.. ولكن من دون أن يرافق ذلك أي من آليات الردع التي يمكن تفعيلها لوقف حرب ابادة جماعية اودت حتى الساعة بأكثر من 38 الف شهيد غالبتهم أطفال ونساء عزل.
وهو حال المجازر الأخيرة التي راح ضحيتها عشرات الشهداء على إثر استهداف جيش الاحتلال مراكز ومدارس لجوء في قطاع غزة تأوي آلاف النازحين الذين ضاقت بهم سبل العيش تحت وطأة القصف الصهيوني العشوائي المستمر على مدار الساعة وحصار مطبق يحرمهم من ادنى مقومات الحياة.
وتحركت باريس أمس لتقول انه من "غير المقبول" استهداف مدارس مراكز لجوء تأوي نازحين فارين من المعارك. وقالت الخارجية الفرنسية في بيان أمس أن "القصف الذي استهدف مساء الثلاثاء مدرسة العودة والذي اودى بحياة الكثيرين هو الثالث من نوعه في ظرف اسبوع واحد"، واضافت انها تطالب بتسليط كل الضوء على هذه الغارات.
طبعا الخارجية الفرنسية لم تقل أنها ستستدعي مجلس الأمن الدولي للانعقاد كما بادرت بذلك عندما افادت تقارير اعلامية الاسبوع الماضي بأن الجيش الروسي استهدف مستشفى في أوكرانيا، بما يكشف مرة اخرى ازدواجية المعايير التي لا يزال يتعامل بها عالم غربي يدعي الدفاع وحماية حقوق الانسان لكن لم تحركه حصيلة 38 الف شهيد 70 بالمئة منهم اطفال ونساء ليقول كفى للاحتلال الصهيوني ويجبره بآليات الردع التي يمتلكها على وقف حربه الدامية في غزة.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية التركية بأن اكتشاف مقابر جماعية في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة واستهداف أربع مدارس تأوي النازحين في الأيام  الماضية، هي أدلة ملموسة على أن الكيان الصهيوني" يهدف إلى القضاء على الشعب الفلسطيني بشكل كامل".
وأدانت الخارجية التركية في بيان لها" إعدام جيش الاحتلال عشرات المدنيين الفلسطينيين في مدرسة لجأوا إليها في مدينة خان يونس"، مشيرة إلى أن "هذه الهجمات تظهر أيضا أن الاحتلال يهدف إلى تقويض فرص التوصل لوقف إطلاق النار". وشددت الخارجية التركية على أن المسؤولين الصهاينة "سيحاسبون أمام القانون على هذه التصرفات التي تتجاهل كافة القيم الإنسانية والقانون الدولي".
نفس موقف الإدانة أعربت عنه وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية على لسان  المتحدث باسمها، سفيان القضاة، الذي أكد رفض بلاده المطلق لاستمرار الكيان الصهيوني في ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية ضد المواطنين في قطاع غزة، مشددا على أن هذه الجرائم تعد انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وجميع القيم الإنسانية والأخلاقية.
وجدد القضاة دعوته للمجتمع الدولي خاصة مجلس الأمن الدولي لاتخاذ خطوات فورية وحازمة لوقف هذه الجرائم وتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين، موضحا بان غياب أي شكل من أشكال المحاسبة والإفلات المستمر من العقاب يشجع الاحتلال الصهيوني على المضي في انتهاكاته وزيادة معاناة الشعب الفلسطيني. كما شدد على أن هذه السياسة المنهجية تستمر في ظل الصمت الدولي والتقاعس عن اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف العدوان الصهيوني على غزة.
أما رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، فقد المجتمع الدولي ومجلس الأمن المسؤولية الكاملة عن الاستهداف اليومي والمتكرر للمدارس والعمارات السكنية والمنشآت المدنية من قبل الاحتلال الصهيوني.
وقال فتوح إن جيش الاحتلال مصمم على استهداف النازحين في المدارس وإبادة مئات من الضحايا من المدنيين وآخرها سقوط عشرات الشهداء والمصابين بجريمة قصف مدرسة العودة في بلدة عبسان. وأضاف أن الأعداد الكبيرة من الضحايا الأبرياء في صفوف المدنيين هي نتاج تعمد جيش الاحتلال القصف المركز للمدنيين لإجبارهم على الهجرة والنزوح القصري وترك بيوتهم، مؤكدا أنه ليست جرائم حرب فحسب، بل إنها جريمة العصر والإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يتعرض لها الأطفال والنساء في قطاع غزة.
وطالب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الحكومات والمنظمات والهيئات بتحمل مسؤولياتها واتخاذ خطوات جادة وعملية لوقف حرب الإبادة ولجم الاحتلال عن هذه الفظاعات التي يرتكبها في تعد سافر وانتهاك واضح للقانون الإنساني والدولي ولجميع القيم الإنسانية والأخلاقية ومبادئ حق الإنسان بالحياة وإعادة الاعتبار للقانون والعدالة الدولية.a