بعد معارك ضارية ضد مقاتلي تنظيم "داعش"
القوات العراقية تستعيد مدينة الرمادي الاستراتيجية
- 623
شرعت قوات الجيش العراقي أمس، في عمليات تمشيط واسعة في مختلف أحياء مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار على بعد مائة كلم إلى الغرب من العاصمة العراقية في محاولة لملاحقة عناصر تنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على هذه المدينة الإستراتيجية منذ قرابة العام. وتمكنت تعزيزات القوات العراقية من استعادة المدينة بعد معارك ضارية خاضتها ضد عناصر التنظيم قبل أيام بتغطية جوية لطائرات قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وقال ناطق باسم الجيش العراقي إن الوحدات العراقية دخلت المدينة على عدة جبهات ضمن خطة لتشتيت عناصر التنظيم وإضعاف فعاليتهم العسكرية قبل أن تشرع في عمليات مطاردة وتطهير لأحياء المدينة من عناصر تنظيم "داعش".
وقال صباح النعمان إن المدينة سيتم تطهيرها بشكل نهائي مع بداية الأسبوع، في تأكيد لتصريحات سابقة أدلى بها وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي الذي أكد أن استعادة الرمادي سيتم قبل نهاية العام الجاري. ويجهل إلى حد الآن مصير عناصر التنظيم وما إذا كانوا انسحبوا ضمن خطة تكتيكية أم أنهم دحروا ولم يعد لهم مقام في هذه المدينة تماما كما حدث لهم في مدينتي تكريت وبيجي الإستراتجيتين في شمال العاصمة بغداد. واعترف النعمان أن الاستيلاء على المدينة تم دون مقاومة مما يدفع إلى التساؤل حول ما إذا كان التنظيم تعمد هذا الانسحاب أم أنه شعر بخطر الجيش العراقي، مما جعله يفضل الانسحاب إلى مناطق أخرى تفاديا لمزيد من الخسائر البشرية.
وتكمن أهمية استعادة هذه المدينة كونها تعد عاصمة الغرب وتكتسي أهمية إستراتيجية خاصة، كما أن الجيش العراقي وضع مسألة استرجاعها من بين أولوياته لتكون أول خطوة على طريق استعادة كل المحافظات والمدن العراقية التي سقطت تباعا العام الماضي بين أيدي هذا التنظيم الإرهابي. ويتذكر العالم كيف كانت بدايات استيلاء هذا التنظيم على هذه المدينة ضمن حراك شعبي أعلن خلاله سكان المحافظة عن "بيعتهم" لهذا التنظيم الإرهابي، انتقاما للسياسة الطائفية والتهميش الذي طالهم من طرف حكومة الوزير الأول العراقي السابق، نوري المالكي الذي حمّلته فعاليات المجتمع العراقي مسؤولية مباشرة في المآل الذي وصل إليه وضع العراق الآن.
وبقدر ما شكل هذا الانجاز مكسبا ميدانيا هاما بالنسبة للقوات النظامية العراقية، فإنه في المقابل، شكل ضربة موجعة للتنظيم الإرهابي الذي راهن منذ البداية على مدينتي الفلوجة والرمادي لجعلهما قواعد خلفية لشن هجماته على مختلف مناطق البلاد الأخرى وبسط سيطرته على بغداد وجعلها عاصمة "الخلافة".وتكمن أهمية مدينة الرمادي في موقعها الاستراتيجي وقربها من العاصمة العراقية بغداد، كما أنها تقع على الطريق الدولي الرابط بين العراق وسوريا والذي تحول في ظل هذه الحرب إلى شريان حيوي لتنظيم "داعش" من أجل تنقل عناصره من سوريا وإليها وأيضا الحصول على الأسلحة الحربية التي يريد الحصول عليها.
كما أن استعادتها سيعيد بعضا من "الشرف العسكري" للقوات العراقية التي فرت من ساحات المواجهة أمام أول هجمات عسكرية لمقاتلي التنظيم وسط سيل من التساؤلات حول فرار قوات جيش نظامي وترك ثكناته عرضة لعمليات سلب ونهب ضمن أكبر غنيمة حرب لم يكن التنظيم ينتظرها بالنظر إلى نوعية الأسلحة والمواقع التي استولى عليها فيما بعد.