المعارضة تربح رهانا بتغيير وجهتها نحو الغرب

النظام الأوكراني ينهار خلال ساعات

النظام الأوكراني ينهار خلال ساعات
  • القراءات: 855
م. مرشدي م. مرشدي

لم تكن تصريحات الرئيس الأوكراني، فيكتور ايانوكوفيتش، بالبقاء في منصبه سوى آخر رصاصة لمقاتل لم يتمكن من الصمود أكثر من ثلاثة أشهر في معركة لم يكن مهيأ لها وكانت نهايته رحيلا على طريقة الثورة المخملية في ربيع براغ عاصمة دولة تشكوسلوفاكيا السابقة سنة 1968. وكان ايانوكوفيتش يدلي بتصريحه بأنه لن يستقيل من منصبه وهو على يقين أن ذلك سيكون آخر تصريح له بصفته رئيسا لأوكرانيا بعد أن غادر العاصمة كييف الى مدينة في أقصى شرق البلاد متخليا عن مهامه في وقت بلغت فيه الأزمة أوجها ووضعت البلاد أمام مصير مجهول.

ويبدو أن السلطات الروسية قدرت الموقف من زاويته الايجابية وقررت عدم المغامرة في مواصلة الوقوف الى جانبه ودعمه وهي تشاهد ركائز نظامه يتخلون عنه واحدا تلو الآخر ونظامه ينهار شيئا فشيئا.

كما أدركت أن المعارضة مصرة على مواصلة مسعاها إلى غاية الإطاحة به مستغلة في ذلك الدعم الذي قدمته الدول الغربية التي اعتبرت أن ثورة ساحة الميدان هي الفرصة السانحة التي لا يجب تضييعها لاستقطاب دولة أخرى من دول الاتحاد السوفيتي السابق إلى تحت مظلتها.

وكان ميزان القوة الذي طبع القبضة بين الحكومة الأوكرانية السابقة والمعارضين لها منذ نهاية نوفمبر الماضي يميل في كل مرة لصالح المعارضة مما جعل تطورات ساحة الميدان تعرف منذ الثلاثاء الماضي تسارعا في الأحداث أكدت مؤشراتها أن النظام الموالي لروسيا سائر لا محالة نحو اندثار حتمي لصالح نظام تسيطر عليه معارضة لم تخف منذ البداية رغبتها الملحة في تحويل وجهتها باتجاه الاتحاد الأوروبي.

ولم يكن إطلاق سراح الرئيسة السابقة ايوليا تيموشنكو وتعيين رئيس جديد بالنيابة وتحديد تاريخ 25 ماي القادم لتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة وانتخاب رئيس جديد للبرلمان بمثابة شهادة وفاة هذا النظام الذي راهن على لعب الورقة الروسية من اجل إنقاذ مستقبله من انهيار محتوم.

ولكن رهانه خاب بعد أن ألقت الدول الأوروبية بكل ثقلها في معادلة المشهد الأوكراني وكان ذلك كافيا لان يعجل برحيل الرئيس ايانوكوفيتش ونظامه.

والمفارقة أن حزب الرئيس ايانوكوفيتش تخلى عنه في أول فرصة بعدما حمله مسؤولية الأحداث الدامية التي عرفها هذا البلد طيلة الثلاثة أشهر الأخيرة ووصلت الى حد اتهامه بـ«الخيانة".

وبدأت السلطات الأوكرانية الجديدة في إقامة عهد جديد بدأ باستعادة مقر إقامة الرئيس المعروفة باسم "مجيغيريا" التي استولى عليها قبل سنوات وأصبحت رمزا للتسلط والرشوة في نظر الأوكرانيين الذين استغلوا فرار الرئيس ايانوكوفيتش لزيارتها بالآلاف حيث صدموا بمظاهر بذخ العيش الذي كان يحياه الرئيس الهارب.

وبات في حكم المؤكد أن الرئيسة الأوكرانية المفرج عنها ايوليا تيموشنكو ستكون اكبر الرابحين من المنحى الذي أخذته الأحداث في ساحة الميدان وستكون من بين أكثر الشخصيات المرشحة للعودة الى قصر الرئاسة الأوكرانية مرة أخرى.

وفي انتظار موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية المسبقة  نهاية شهر ماي فان الحكومة الائتلافية التي سيتم تشكيلها ستمهد للتحول الذي ستعرفه أوكرانيا ويكون ذلك بمثابة نهاية نظام حاول الاحتفاظ بالمنطلقات الاشتراكية ولكنه فشل في الثبات عليها وانهار في زخم أحداث اندلعت بسبب قرار رئاسي بعدم التوقيع على اتفاق مع الاتحاد الأوروبي في 25 نوفمبر مفضلا البقاء تحت العباءة الروسية ولكنه لم يكن يدري أن ذلك سيكون بداية نهايته.