الناشط الحقوقي والسياسي المغربي محمد قنديل
بين مطرقة النظام القمعي المخزني وسندان اللجوء السياسي
- 456
مازال عديد النشطاء الحقوقيين والسياسيين المغاربة يعانون من اضطهاد نظام المخزن، داخل البلاد وخارجها، بسبب ممارسة هذا النظام لأساليب القمع التي تصل إلى حدّ الاغتيال، ما جعل العديد منهم يفرون إلى دول أوروبية بحثا عن الحماية، كي لا يكون مصيرهم كمصير عديد المعتقلين الذين يتواجدون في السجون المغربية منذ سنوات عديدة ومازالوا يواجهون مختلف أساليب التعذيب.
يعد محمد قنديل الذي اشتغل بشركة مدنية مهنية للمحاماة لمدة 17 سنة كمساعد محام، من بين النشطاء الحقوقيين والسياسيين والمدوّنين، الذين عانوا من اضطهاد المخزن بسبب آرائه السياسية التي تصب جميعها في معارضة سياسة عصابة النظام المغربي، فضلا عن دعمه اللامشروط لملف حقوق الإنسان بالمغرب، خاصة قضايا المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، على غرار معتقلي سيدي إفني سنة 2008، معتقلي إگدیم إزيگ 2010 سنة، معتقلي حراك الريف سنة 2017، معتقلي حراك جرادة سنة 2018، إلى جانب الصحفيين المعتقلين والمدوّنين.
ويروي قنديل الذي اشتغل كمدوّن منذ 2011 لجريدة "المساء" أن أحد أصحاب الأيادي النظيفة من داخل الأجهزة الأمنية أبلغه في أواخر شهر جوان 2023 عن وجود محاولات أمنية من أجل مراقبته وتتبع خطواته وجمع معلومات عنه استعدادا لإلقاء القبض عليه، وذلك مباشرة بعد أن أجرى بثا تلفزيونيا مع إحدى القنوات المعارضة، تطرّق خلاله لموضوع الفساد الذي ينخر الإدارة المغربية.
وفور ورود معلومات تخص مصيره، بدأ يستعد لمغادرة المغرب رفقة أبنائه، حيث خرج بعد منتصف ليل 21 أوت 2023 من مطار محمد الخامس بمساعدة الشخص الذي أخبره عن إصدار مذكرة بحث في حقه، حيث كانت الوجهة دولة إيسلندا التي تقدّم فيها بطلب اللجوء السياسي فور وصوله بتاريخ 22 اوت من ذات السنة.
وأجرى قنديل بتاريخ 20 مارس من السنة الجارية مقابلة مع دائرة الهجرة الاسكندنافية، حيث كان اللقاء عمليا، سرد خلاله قصته الكاملة دون أي لبس، وسلمهم كل ما طلب منه من وثائق (تدوينات قبل مغادرة المغرب وبعد المغادرة، تسجيلات لأصدقاء له تؤكد مراقبته من قبل أفراد المخابرات المغربية سواء على مستوى مقر عمله أو بالحي الذي يقطن فيه لجمع أكبر معلومات عنه، تقارير حقوقية وصحفية لمنظمات دولية ومحلية حول أوضاع حقوق الإنسان بشكل عام وأوضاع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي بالمغرب).
وبتاريخ 17 سبتمبر الماضي، أصدرت دائرة الهجرة قرارها القاضي برفض طلب اللجوء مع ترحيله لبلده الأصلي دون مراعاة الجانب الإنساني ولا الجانب النفسي، خاصة وأن معه أربعة أطفال كلهم دون السن القانوني، بعد أن قضوا بهذا البلد 13 شهرا وألفوا المجتمع الإسلندي .
وأكد المعارض السياسي محمد قنديل لدائرة الهجرة أنه قدم لهذا البلد هربا من الاضطهاد بسبب آرائه السياسية وتحرش عناصر المخابرات به والتي بدأت منذ أواخر شهر جوان 2023 إلى غاية لحظة فراره من المغرب، كما أكد أنه ليس استثناء ولن يكون كذلك بالنسبة للأجهزة البوليسية القمعية، وأن مصيره من المؤكد جدا هو ذات مصير العشرات من النشطاء السياسيين والحقوقيين والمدونين الذين ذاقوا ويلات الاختطاف، التعذيب ،تلفيق التهم ، المحاكمة الصورية ، الزج في السجون، ولا يستبعد أن يصل لمرحلة التصفية الجسدية تحت التعذيب أو الإهمال الطبي مثلما وقع مع الدكتور مراد الصغير الذي اغتيل بين أيدي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بدم بارد وانتهى به الأمر بثلاجة الموتى مجهول الهوية.
ويرى قنديل أن الأسباب السالف ذكرها، هي ما جعلته يقتنع بان مصيره سيكون لا محالة الاضطهاد في المغرب، رافضا فكرة الترحيل القسري للمغرب تحت أي ظرف كان، كما يفضل الموت بدل ذلك ، علما أن الترحيل القسري مجرم قانونا، لهذا ارتأى طرق أبواب المنظمات الحقوقية العالمية وكذا الإعلام للتعريف بقضيته .
فقضية محمد قنديل، هي قضية العديد من النشطاء السياسيين المغاربة الذين تم اعتقالهم فقط بسبب تدوينة ينتقدون فيها موظفا عموميا لم يقم بعمله، فمابالكم بمن ينتقد النظام الحاكم في المغرب؟ ويكفي أن نستدل في هذا الصدد بالتقارير الدولية التي تصدر سنويا حول حقوق الإنسان في المغرب والخاصة بالاعتقالات والتصفيات الجسدية ، لتؤكد شراسة نظام المخزن في حق المواطنين المغاربة.