بعد أن رفضت الفكرة طيلة عام كامل

تركيا تقرر دخول حرب مفتوحة ضد تنظيم "داعش"

تركيا تقرر دخول حرب مفتوحة ضد تنظيم "داعش"
  • القراءات: 901
ص. محمديوة ص. محمديوة
وجدت السلطات التركية نفسها مجبَرة على التحول من طرف مراقب للأوضاع في سوريا والعراق إلى طرف فاعل في الحرب الدائرة فيهما، بعد أن قررت الدخول فيها بمبرر القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في هذين البلدين. وقال وزير الخارجية التركي مولود شاوش أوغلو خلال لقاء جمعه أمس بوزير الخارجية الأمريكي على هامش أشغال قمة دول جنوب ـ شرق أسيا "آسيان" بالعاصمة الماليزية كوالالامبور، إن جيش بلاده سيشرع قريبا في محاربة عناصر الدولة الإسلامية ضمن حرب واسعة النطاق.
يُذكر أن أنقرة رفضت منذ بدء هجومات التنظيم المتطرف على محافظات غرب العراق ثم سوريا شهر جوان من العام الماضي، الانضمام إلى التحالف الدولي الذي أقامته الولايات المتحدة لمواجهة خطر هذا التنظيم، وأصرت على الالتزام بموقف محايد قبل أن تنقلب على مواقفها من مجرد مراقب إلى فاعل في كل ما يجري. ومهّدت الحكومة التركية لهذه الخطوة بعمليات قنبلة جوية شنتها طائراتها الحربية منذ نهاية الشهر ضد ما أسمته بالإرهاب، استهدفت من خلاله معاقل مقاتلي حزب العمال الكردي التركي في العراق، وكذا مقاتلي الدولة الإسلامية في شمال سوريا.   
ووجدت السلطات التركية في التفجير الانتحاري الذي استهدف قرية سروج الحدودية مع سوريا  يوم 20 جويلية وخلّف مقتل 32 شخصا، المبرر القانوني لتغيير موقفها، وقررت التدخل عسكريا تحت ضغط السكان الأكراد، الذين طالبوا بالسماح لهم بمواجهة عناصر التنظيم، وقبلها إسناد بني جلدتهم أكراد سوريا، في المعارك التي خاضوها ضد تنظيم "داعش" في مدينة عين العرب "كوباني".
ولكن الرئيس التركي طيب رجب أردوغان رفض بشكل قاطع، فتح جبهة قتال على الحدود السورية؛ خشية استغلال الأكراد تلك الحرب لتشكيل قوة عسكرية لن يتوانوا في استخدامها كورقة ضغط لتحقيق مطالبهم الاستقلالية. ويكون هذا الانتصار الميداني هو الذي جعل أنقرة تعيد حساباتها؛ قناعة منها بأن ذلك سيفتح شهية الأكراد من أجل فرض منطقهم العسكري على الوحدات النظامية التركية.
وكشف مولود شاوش أوغلو أيضا عن قيام بلاده بتدريب مقاتلي المعارضة السورية "المعتدلة"، وتزويدهم بالأسلحة؛ بهدف محاربة الجيش النظامي السوري، قبل أن يجدوا أنفسهم في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، الذي دخل المعادلة العسكرية في سوريا منذ هجمات ربيع العام الماضي على محافظات غرب العراق، قبل أن يوسّع نطاق عملياتها إلى داخل العمق السوري، وصولا إلى مناطق شمال سوريا على الحدود التركية في عين العرب كوباني، التي تمكن المقاتلون الأكراد من تحريرها بعد معارك ضارية مع عناصر التنظيم المتطرف.
وبهذه الغارات تكون الحكومة التركية قد وضعت نهاية لحالة اللاحرب ـ واللاسلم التي التزمت بها حيال المقاتلين الأكراد، على أمل التوصل إلى اتفاق نهائي معهم يضبط العلاقة المتوترة بينهما منذ أكثر من ثلاثة عقود. ومهّدت السلطات التركية لهذا التحول أيضا من خلال قرارها المفاجئ بفتح قاعدة انسرليك الجوية أمام الطائرات الحربية الأمريكية، بعد أن رفضت ذلك طيلة عدة أشهر؛ بقناعة أنها غير معنية بالحرب الدائرة في سوريا والعراق. وعرفت القاعدة الجوية الواقعة في جنوب تركيا انطلاق أول طائرات أمريكية غير مأهولة، التي نفّذت أول غارات على مواقع التنظيم الإرهابي في سوريا.
وإذا كانت السلطات التركية بررت تحول موقفها بقناعة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن المعارضة التركية أكدت أن ذلك لم يكن سوى غطاء لتبرير العمليات ضد مقاتلي حزب العمال الكردي؛ على خلفية سياسية لإضعاف جناحه السياسي ممثلا في حزب ديمقراطية الشعوب، الذي تمكن من الفوز بثمانين مقعدا نيابيا في الانتخابات العامة التركية بداية شهر جوان الماضي، محدثا بذلك مفاجأة لم يكن الرئيس الطيب رجب أردوغان يتوقعها.
وشكلت هذه النتيجة معضلة حقيقية بالنسبة للوزير الأول التركي أحمد داود أوغلو، الذي لم يتمكن إلى حد الآن من تشكيل حكومة بعد أن فقد حزب العدالة والتنمية  الحاكم الأغلبية المطلقة في البرلمان، وحتّمت عليه البحث عن تحالفات سياسية لتشكيل حكومة قادرة على مواجهة كل هزة سياسية محتملة.
ووجد أحمد داود أوغلو نفسه محاصَرا بضغط العامل الزمني؛ حيث يتعين عليه تشكيل حكومته قبل 23 أوت الجاري وإلا فإن الرئيس أردوغان يجد نفسه مرغما على حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة لتجاوز حالة الانسداد القائمة.