رغم مخاطر استمرارها على الأمن الإقليمي

حسابات فرقاء الأزمة الليبية تبعد حظوظ اتفاق نهائي

حسابات فرقاء الأزمة الليبية تبعد حظوظ اتفاق نهائي
  • 604

تعددت النداءات الدولية باتجاه أطرف الأزمة الليبية، محذرة ومنذرة إياهم من مغبة مواصلة سجالهم السياسي وحتى اقتتالهم دون أن يغير ذلك شيئا في مواقف هؤلاء الذين أصموا آذانهم، مفضلين مواصلة لعبة التنافر غير مكترثين من تبعات أزمة أمنية تنذر بكارثة إقليمية. وعكست هذه المواقف حقيقة الاختلافات القائمة بين "الإخوة ـ الأعداء" الليبيين من أزمة تأكد منذ الوهلة الأولى بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي أنها تسير بسرعة البرق باتجاه مأزق يصعب على الجميع حله بما فيها الدول الغربية والعربية التي شجعت وساعدت على إشعال فتيل فتنة بدأ الجميع يدفع ثمن تبعاتها. وهو ما يفسر تهديدات مجلس الأمن الدولي الذي بح صوته من أجل إقناع أطراف الأزمة الليبية بالتوقيع على اتفاق المصالحة الوطنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون أول لبنة على طريق الخروج من حالة الانسداد التي يعرفها المشهد الليبي.

ورغم مرور قرابة شهر منذ توقيع أجنحة من هذه الأطراف على اتفاق السلم والمصالحة الليبية منتصف الشهر الماضي دون غيرها، إلا أن ذلك وبدلا من تحقيق أول انفراج في تعقيدات الأزمة، زاد في ضبابية الموقف العام وجعل الدول الغربية ومعهم مارتن كوبلر، المبعوث الأممي الى هذا البلد يتيهون في دروب أزمة حلها ما انفك يزداد تعقيدا. وحتى ناقوس الخطر الذي أصبح يشكله تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الإرهابي على السلامة الأمنية على الجميع في هذا البلد ورفعه مجلس الأمن كورقة ضغط في وجه الأطراف الليبية المتحفظة على مضمون الاتفاق الليبي، لم يغير في مواقفهم شيئا. وتواصل الإصرار على الرفض رغم تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم كل المساعدات المالية والأمنية للحكومة الليبية التوافقية بمجرد تمكّن الأطراف الليبية من وضع خلافاتها جانبا ووافقت على تشكيلها.

وهو ما يجعل مضمون وثيقة اتفاق المصالحة الليبية ـ الليبية على كف عفريت ـ كما يقال ـ ويزيد في احتمالات انهيارها تماما كما انهارت الاتفاقات السابقة التي رعاها المبعوث السابق، برناردينو ليون الذي أنهيت مهامه ولم يشرب من نبع الاتفاق الذي سعى جاهدا ليضيفه إلى سجله كدبلوماسي أممي خبير في حل الأزمات الدولية ولكن أمله خاب وسط نكسة إنهاء مهمته شهر أكتوبر الماضي. وكانت التفجيرات الإرهابية التي نفذها تنظيم "داعش" وزحف عناصره المتواصل باتجاه ما يعرف بمنطقة "الهلال النفطي" في وسط البلاد حيث توجد أكبر المرافئ والخزانات النفطية، إنذارا آخر باتجاه سلطة الفرقاء الليبيين ولكنه أبقى الأطراف الليبية على موقفها المبدئي الرافض لمضمون الاتفاق. وحتى التخويف بالسيناريو العراقي والسوري والاحتمالات المتزايدة لتكراره في ليبيا بسبب وجود الأرضية الخصبة لذلك، إلا أن ذلك لم يغير في هذه المواقف شيئا.

وهو ما يحتم على الأمم المتحدة وجهازها التنفيذي ممثلا في مجلس الأمن الدولي البحث عن خلفيات الريبة التي دبت في مواقف أطراف ليبية تأكد بعد مرور أربع سنوات من الاقتتال أنها ليست مستعدة لوقف الحرب حتى وسط تهديدات "داعش" التي لم تستثن أحدا. ورغم إدراكهم المسبق أن الطبيعة تخشى الفراغ الذي وجد فيه التنظيم الإرهابي الفرصة المواتية وانقض عليها لتأكيد تموقعه في مشهد ليبي يبعث على الخوف بما يفتح الوضع الليبي أمام كل الاحتمالات وخاصة الأسوأ منها. وكلها معطيات تجعل من غير المؤكد المصادقة على وثيقة اتفاق المصالحة يوم 17 جانفي من برلماني طرابلس وطبرق ضمن مؤشرات ستحتم على الدبلوماسي الألماني، مارتن كوبلر استئناف مساعيه من نقطة البداية.