اللائحة الأمريكية حول الصحراء الغربية
ضغوط فرنسية لتوجيه «بوصلة» مجلس الأمن اليوم
- 3925
يصادق أعضاء مجلس الأمن الدولي مساء اليوم، على لائحة جديدة حول مسار المفاوضات في الصحراء الغربية، يتم خلالها وضع الإطار العام لتعامل الهيئة الأممية مع هذا النزاع بالاعتماد على مشروع لائحة صاغتها الولايات المتحدة التي تضمن الرئاسة الدورية للهيئة الأممية خلال الشهر الجاري.
ويتم مناقشة ملف النزاع في الصحراء الغربية هذه المرة في ظل عهدة الأمين العام الأممي الجديد، انطونيو غوتيريس دون وجود مؤشرات تفاؤل بإمكانية إحداث حلحلة في مسار تسوية متواصل منذ سنة 1991 بقناعة أن آليات التعاطي معها ستبقى دون تغيير جذري تماما كما كان عليه الحال منذ توقيع طرفي النزاع على اتفاق وقف إطلاق النار قبل 25 عاما.
وجانب مشروع اللائحة التي صاغتها الولايات المتحدة الحقيقة وأسباب الانسداد الذي يعرفه ملف المأساة الصحراوية بعد أن ركز فقط على التطورات الأخيرة التي عرفتها منطقة الكركرات العازلة على الحدود الموريتانية وكادت أن تؤدي إلى اندلاع مواجهة عسكرية بين قوات الجانبين المغربي والصحراوي.
ورغم أن المغرب كان المتسبب في الانزلاق الخطير الذي عرفته هذه المنطقة بخرقه لاتفاق وقف إطلاق النار بنشر قواته هناك قبل انسحابه منها شهر فيفري الأخير تحت ضغط جبهة البوليزاريو التي سارعت إلى التعامل بالمثل، إلا أن مشروع اللائحة طالب فقط بانسحاب القوات الصحراوية من هذه المنطقة.
وهو انحياز مفضوح، سارعت روسيا والأورغواي إلى معارضته بعد أن أكدتا أن مشروع اللائحة جاء أعرجا وغير متوازن بعد أن تجاهل الإشارة إلى الأسباب التي حتّمت على البوليزاريو نشر قواتها هناك.
وهو ما يجعل الديناميكية الجديدة التي تعهد الأمين العام الأممي إعطاءها لمسار تسوية هذا النزاع محل تساؤلات مادامت انطلاقتها لم تبدأ على أسس صلبة وبما يعطي القناعة أنها ستكون فعلا بداية ـ نهاية حالة الاحتقان التي تعرفها مفاوضات مسار التسوية منذ سنة 2012.
لم يخف ايلبيو روسيلي سفير دولة الأورغواي في مجلس الأمن الدولي تخوفه، وقال إن «مشروع اللائحة غير متوازن وخاصة ما تعلق بإشارته إلى جبهة البوليزاريو، دون أن يتطرق إلى السياق العام لحدوث تلك التطورات والمسببات التي أوصلتنا إلى الراهن القائم هناك»، في إشارة إلى الوضع المتوتر في منطقة الكركرات العازلة و هو الموقف الذي أيّده نظيره الروسي الذي أكد أن النص غير متوازن بما يستدعي إدخال تعديلات جذرية عليه.
وكشفت مصادر أممية أن أول جلسة خصصها مجلس الأمن الدولي مساء الثلاثاء لمناقشة مشروع اللائحة، عرف خلافات حادة بين الأعضاء وخاصة ما تعلق بعبارة الانسحاب الفوري لجبهة البوليزاريو من منطقة الكركرات.
وقال أحمد بوخاري، ممثل جبهة البوليزاريو في الأمم المتحدة إن المغرب وفرنسا ضغطا بقوة إلى غاية المطالبة بالانسحاب الفوري لجبهة البوليزاريو من الكركرات دون أدنى شرط، مما جعله يؤكد على «ضرورة معالجة أسباب ونتائج أزمة» اندلعت عندما حاول المغرب استكمال مشروع الطريق العابر على المنطقة العازلة بموجب الاتفاقات العسكرية، مما أدخل مسار السلم في الصحراء الغربية إلى منطقة الخط الأحمر.
يذكر أن جبهة البوليزاريو اقترحت على الأمم المتحدة إرسال لجنة تقنية للوقوف على حقيقة انتهاك وقف إطلاق النار على أرض الواقع ولكنه اقتراح اصطدم برفض فرنسا التي حاولت توريط مجلس الأمن في إضفاء الصفة الشرعية على أفعال الرباط.
ووضعت هذه التطورات الأمين العام الأممي الجديد أمام مسؤولية تاريخية في التعاطي مع ملف هذه القضية، وهو الذي تعهد منتصف الشهر الجاري في تقرير أولي إلى أعضاء مجلس الأمن أنه سيعمل على إعادة بعث المفاوضات المتوقفة بين طرفي النزاع منذ سنة 2012 وإعطائها ديناميكية جديدة.
ويعد هذا بمثابة رهان صعب التحقيق يتعين على المبعوث الأممي الجديد إلى الصحراء الغربية الرئيس الألماني الأسبق هورست كوهلر رفعه وتأكيد حقيقة الإرادة التي عبر عنها غوتيريس لإعادة الروح إلى مسار تسوية أصبح قاب قوسين من انهيار محتوم وفي اتجاه كارثي ما لم يكن لمجلس الأمن الجرأة الكافية لردع المحتل المغربي وإرغامه على الامتثال للوائح مجلس الأمن والأمم المتحدة المقرة لحق تقرير مصير الشعب الصحراوي.
ويطرح مثل هذا الواقع سؤالا عن فحوى تصريح، فرانسوا دولاتر السفير الفرنسي في الأمم المتحدة الذي أكد قبل يومين أن الوقت قد حان للنظر باتجاه المستقبل وإعادة بعث المفاوضات. ولكنه لم يحدد الوجهة التي تريدها بلاده لسير هذه المفاوضات، وهو الذي رحب بنص مشروع اللائحة الأمريكية لمجرد أنها طالبت جبهة البوليزاريو بسحب قواتها من منطقة الكركرات.