العامل الزمني وحدة الصراعات هل يكتبان لها النجاح؟
لائحة أممية جديدة لإنهاء الأزمة السورية
- 752
صادق أعضاء مجلس الأمن الدولي فجر أمس على قرار دولي لوقف إطلاق النار في سوريا بين القوات الحكومية وأجنحة المعارضة المسلحة، تمهيدا للدخول في مفاوضات سلام بداية شهر جانفي القادم. وتمت المصادقة على هذا القرار الجديد الرامي إلى إنهاء الحرب في سوريا بإجماع أعضاء الهيئة الأممية الخمسة عشر، بما فيها فيدرالية روسيا الذين اجتمعوا على مستوى وزراء الخارجية، تحت إشراف كاتب الخارجية الأمريكي، جون كيري. ووصف هذا الأخير هذه اللائحة بمثابة رسالة واضحة وقوية لكل أطراف الأزمة السورية ليتأكدوا أن الوقت قد حان لوضع حد لعمليات القتل المتواصلة في بلادهم.
وحتى إن اعترف وزير الخارجية الأمريكي بصعوبة المهمة، فإنه حيا ما أسماه بأول اتفاق يتم التوصل إليه بين القوى الكبرى. وطالبت اللائحة من الأمين العام الأممي، بان كي مون تحديد موعد لعقد أول جلسة بين ممثلي الحكومة السورية والمعارضين لها للشروع في مفاوضات فورية لبحث مسار الانتقال السياسي بعد أن يكون هؤلاء قد التزموا بالموازاة مع ذلك بوقف شامل للاقتتال في كل الأراضي السورية قبل مباشرة مفاوضات لتشكيل حكومة وحدة وطنية تشرف على إدارة المرحلة الانتقالية إلى غاية شهر جوان وإعداد مشروع دستور جديد للبلاد وتنظيم انتخابات عامة في آجال عام ونصف. وطالبت اللائحة من الأمين العام الأممي بوضع كل البدائل المتاحة لوضع آلية عملية لمراقبة مدى احترام قرار وقف إطلاق النار بين المتحاربين. وأكد نص اللائحة بخصوص هذه النقطة بالذات أن وقف إطلاق النار لا يجب أن يشمل العمليات العسكرية الرامية إلى محاربة تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة المحسوبة على تنظيم القاعدة.
يذكر أن الدول الأعضاء في مجلس الأمن اعتمدت في صياغة هذه اللائحة على نص خطة "خارطة الطريق" التي تمت المصادقة عليها في لقائي العاصمة النمساوية فيينا حول الأزمة السورية شهري أكتوبر ونوفمبر الماضيين، والتي نصت على حتمية وقف الاقتتال والدخول في مفاوضات مباشرة قبل أن تختتم بلقاء ثالث عقد هذه المرة بمدينة نيويورك الأمريكية وحضرته وزراء 17 دولة مهتمة بالوضع في هذا البلد، والتي اقتنعت جميعها على أن تسوية الأزمة بانتهاج الخيار العسكري أصبح مستحيلا ويتعين بحث حلها من خلال إجلاس الفرقاء حول طاولة المفاوضات قبل التفرغ لمواجهة الخطر الذي أصبح يشكله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام. وإذا كانت القوى الكبرى قد اتفقت على هذه المسائل التي تحظى بالإجماع الدولي بعد أن تأكدت باستحالة قدرة أية جهة تمرير موقفها على الآخرين، إلا أنها اختلفت في قضية وحيدة تخص مستقبل الرئيس بشار الأسد. ويبدو أن الدول الغربية وروسيا فضلت تفادي إثارة هذه المسألة لحساسيتها في هذه المرحلة وآثرت إرجاءها إلى وقت لاحق حتى لا تنهار مساعيها الهادفة إلى البدء في مفاوضات مباشرة بين المعارضة ودمشق.
وحتى الرئيس الامريكي، باراك أوباما عندما جدد التأكيد على ضرورة رحيل الرئيس الأسد، تفادى التطرق إلى توقيت هذا الرحيل رغبة منه في المحافظة على التوازنات الدولية القائمة، خاصة وأن الإجماع بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن على مضمون اللائحة جاء بعد مفاوضات عسيرة راعت مصالح كل منها. وإذا كانت هذه القوى أبدت بعض الجدية في تعاطيها مع ملف الأزمة السورية، إلا أن ربط تجسيد خارطة الطريق بآجال زمنية يجعل من الصعوبة تحقيق النجاح فيها، خاصة أن الأمر يتعلق بوقف إطلاق النار ومباشرة مفاوضات مباشرة في أقل من أسبوعين إذا راعينا حجم الخلافات والحساسيات التي كرستها خمس سنوات من حرب أهلية مدمرة.