بين مطرقة شارع صهيوني غاضب وسندان مقاومة صامدة

نتنياهو يواجه ضغط الداخل والخارج

نتنياهو يواجه ضغط الداخل والخارج
  • 1641
 ص. محمديوة ص. محمديوة

تصاعدت حدة ضغط الشارع الإسرائيلي على رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لحمله على تنفيذ صفقة تبادل للأسرى، تضمن على الأقل استعادة ما تبقى من الأسرى الإسرائيليين، الذين لا زالوا في قبضة المقاومة الفلسطينية أحياء وليس جثثا هامدة، بعدما تأكد فشل جيش الاحتلال في تحقيق هذه الغاية.
غداة مظاهرات حاشدة وغاضبة اجتاحت قلب الكيان الصهيوني، هتفت بضرورة تنفيذ صفقة التبادل، شلّت الحركة أمس، في هذا الكيان استجابة للإضراب الشامل الذي دعا له اتحاد نقابات العمال المعروف باسم "الهيستدروت". وأدى الإضراب، الذي حظي بدعم شركات صناعية كبرى ورواد أعمال في قطاع التكنولوجيا المتطوّرة في إسرائيل، إلى توقف معظم الأنشطة الاقتصادية في إسرائيل بعدما شمل قطاعات واسعة، على غرار المدارس والجامعات ومطار "بن غوريون" والمواصلات العامة..  ما أثار حالة ارتباك داخل حكومة نتنياهو الذي راح يستنجد بالقضاء لوقف الاضراب. وكان له ذلك عندما أقرت محكمة إسرائيلية بعدم شرعية الإضراب الذي اعتبره نتنياهو "دعما ليحي السنوار" رئيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
ويلقي الشارع الإسرائيلي وحتى بعض الوزراء والمسؤولين في حكومة الاحتلال باللوم على نتنياهو في فقدان الأسرى الإسرائيليين حياتهم، بسبب إصراره على الخيار العسكري لاستعادتهم، رغم فشل جيشه بعد 11 شهرا من عدوانه الوحشي على قطاع غزة، من تحقيق هذا الهدف. بل وأكثر من ذلك حتى حليفه المقرب الرئيس الأمريكي، جو بادين، اعتبر أمس أن نتنياهو لا يبدل ما يكفي من الجهود من أجل التوصل الى اتفاق يتضمن ابرام صفقة التبادل.
والمؤكد أن تصريح بادين لن يمر مرور الكرام  خاصة وأنه يشكل صفعة في وجه نتنياهو الذي يسعى للتنصل من مسؤولية حماية حياة الأسرى عبر إلقاء اللوم على "حماس" واتهام المقاومة بقتلهم، رغم أن الجميع يدرك ونتنياهو نفسه قبل غيره، أن "حماس" لن تقامر بحياة هؤلاء باعتبارهم ورقة رابحة تستخدمها للتفاوض لوقف شلال الدم الفلسطيني المتدفق منذ السابع اكتوبر الماضي في غزة.
هي حقيقة لا يمكن تجاهلها ولم يعد بإمكان نتنياهو القفز عليها، خاصة وان هيئة عائلات الأسرى الاسرائيليين، أكدت أن تصريح بايدن هو اثبات على عرقلة نتنياهو لصفقة التبادل. كما سبق وأكدته "حماس".
واشتدت حدة غضب الإسرائيليين بعد انتشال أول أمس، جثث ستة أسرى في نفق بغزة، منهم أربعة رجال وامرأتان، ويحمل أحدهم الجنسية الأمريكية، ما وضع رئيس حكومة الاحتلال ومعه الرئيس الأمريكي في قفص الاتهام، بسبب تواطئهما في تعطيل العملية التفاوضية بالنظر للدعم اللا مشروط الذي يواصل بايدن تقديمه لنتنياهو، حتى على حساب حياة الأسرى الحاملين للجنسية الأمريكية.
وكشف رئيس الوفد المفاوض لحركة "حماس"، خليل الحية، في تصريحات صحافية مساء أول أمس، بأن ملف التبادل الشائك يواجه عقبات جديدة وضعها نتنياهو ولم تكن موجودة في ورقة التفاوض المطروحة في 25 ماي الماضي، ولا تلك التي قدمت في الثاني جويلية الماضي، ووافقت عليها "حماس"، مشيرا إلى أنه لا توجد مفاوضات حقيقية لصفقة وقف الحرب في غزة وتبادل الأسرى مع إسرائيل، وأن الحركة جاهزة فورا لاتفاق إذا أراد ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأكد الحية، أنه كان بإمكان الأسرى 6 وغيرهم أن يخرجوا إلى ذويهم ضمن صفقة تبادل حقيقية وهم أحياء، ولكنه أوضح بأن إصرار جيش الاحتلال ونتنياهو وحكومته المتطرفة هو السبب في فقد هؤلاء حياتهم مع عشرات آخرين، قتلهم الاحتلال مباشرة بقصفهم مع من يجلسون معهم ويحرسونهم ويعيشون معهم.
وحمّل المتحدث الولايات المتحدة مسؤولية تعطيل المفاوضات، "كونها لا تريد الوصول إلى صفقة وتراجعت عما قدمته". وقال إنه بالعودة إلى الوراء بشكل سريع، منذ مارس الماضي كانت هناك مفاوضات غير مباشرة بيننا وبين الوسطاء والاحتلال، توقفنا عند نقطة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وانسحاب الاحتلال والإعمار.
والحقيقة أن ما يحدث في قلب الكيان الصهيوني ينطبق عليه المثل القائل "ينقلب السحر على الساحر" بدليل فشل الدعاية الصهيونية في الترويج لروايتها الكاذبة بقتل المقاومة للأسرى الإسرائيليين. وهو ما زاد في تضييق الخناق أكثر على إسرائيل التي طلب سفيرها في الامم المتحدة بعقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي لبحث قضية الأسرى.
والمثير للسخرية، أن تلجأ إسرائيل إلى مجلس الأمن لتطرح هذه القضة وهي التي ضربت عرض الحائط بكل نتائج جلساته السابقة وقراره القاضي بضرورة وقف اطلاق النار في قطاع غزة المنكوب. بل إن مسؤوليها كالوا سلسلة اتهامات وانتقادات لاذعة للأمين العام الأممي وباقي المسؤولين الأمميين، لا لسبب سوى أنهم جاهروا بحقيقة الابادة الجماعية التي يقترفها جيش الاحتلال الصهيوني في غزة.