مؤتمر دولي لبحث الوضع في ليبيا بالعاصمة النمساوية
هل تنجح المجموعة الدولية في احتواء الأزمة الليبية هذه المرة؟
- 695
ستكون الأزمة الليبية وتداعياتها الإقليمية والدولية موضوع اجتماع وزاري هام الإثنين القادم بالعاصمة النمساوية فيينا يتم خلاله بحث سبل تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة صلاحياتها وكذا وضع استراتيجية لمواجهة الخطر الذي أصبح يشكله تنظيم "الدولة الإسلامية" على هذا البلد وكل دول الجوار بما فيها الأوروبية. وقال باولو جونتيلوني وزير الخارجية الايطالي خلال زيارة أمس إلى تونس أنه سلم دعوة رسمية للسلطات التونسية للمشاركة في هذا الاجتماع الذي يحضره وزراء خارجية دول الجوار الليبي بالإضافة إلى القوى الكبرى المعنية بأزمة هذا البلد. وأكد مسؤول الخارجية الايطالي مبررا الدعوة إلى عقد هذا الاجتماع بقناعة الحاجة الملحة لتكثيف جهود كل الأطراف المعنية من أجل مساعدة ليبيا على تحقيق الاستقرار واستعادة الأمن المفقود". وأضاف أن الدعوة التي سلمها للسلطات التونسية كانت باسمه وباسم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي تريد بلاده أن تضطلع بدور أكثر فعالية في سياق المساعي لوضع استراتيجية دولية لإنهاء الأزمة الليبية.
وتسعى الحكومة الايطالية بحكم قربها الجغرافي من ليبيا والعلاقات التاريخية التي تحكم البلدين إلى لعب دور محوري في كل الترتيبات السياسية والأمنية الرامية إلى إنهاء أزمة جارتها الجنوبية. ولم تخف روما في عديد المناسبات ضمن هذه الرغبة، مخاوفها المتزايدة من مخاطر وصول عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى العمق الايطالي مستغلا الفوضى التي خلفتها الأزمة الليبية وخاصة على متن قوارب الموت التي اتخذت من السواحل الليبية نقاط انطلاق باتجاه جزيرة لامبيدوزا الايطالية. وهو ما يفسر إصرار إيطاليا على عدم البقاء في موقع المتفرج على ما يجري في مستعمرتها السابقة أمام قوى دولية أخرى تريد تهميشها وخاصة فرنسا التي كانت في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي السباقة إلى الإطاحة بنظام العقيد الليبي ضمن مهمة تركتها في منتصف الطريق مما فتح هذا البلد على الفوضى العارمة. وأكدت السلطات الايطالية على هذه القناعة لدى احتضانها نهاية العام الماضي لمؤتمر دولي تم خلاله بحث تصورات لإخراج ليبيا من تبعات الإطاحة بنظامها السابق مباشرة بعد توصل الفرقاء الليبيين إلى اتفاق المصالحة الوطنية وتشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.
وإذا كان وزير الخارجية الايطالي لم يحدد جدول أعمال ندوة فيينا القادم فإن الإشكالية التي يتعين إيجاد مخرج لها تبقى مسألة التمكين لحكومة الوزير الأول ضمن أكبر تحد يجب ربح رهانه كخطوة أولى قبل توحيد الجهود الداخلية والدولية لمواجهة خطر تنظيم "الدولة الإسلامية". وهما تحديان يتطلبان إقناع مجلس نواب طبرق بمنح تزكيته لحكومة فايز السراج والتي استحال الحصول عليها بسبب حسابات سياسية وصراعات داخلية بين مختلف القوى الليبية السياسية منها والأمنية. وهو الموقف الذي جعل فايز السراج يطالب الدول العربية بالتحرك "دبلوماسيا" لإقناع العواصم الغربية برفع الحظر المفروض على بلاده للحصول على الأسلحة التي تحتاجها في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي اتخذ من مدينة سيرت عاصمة له. وهي إشكالية استعصى القفز عليها بعد أن ربطت العواصم الغربية مثل هذه القضية الحساسة بحصول حكومة الوفاق على ثقة برلمان طبرق أولا قبل حصولها على المساعدات التي تريد. ولكن السراج شكك في مثل هذا الشرط أمام ممثلي الدول العربية بالجامعة العربية أول أمس وقال منتقدا الموقف الدولي بطريقة ضمينة أنه "لا يعقل أن يؤيد المجتمع الدولي حكومتنا في محاربة تنظيم داعش ولكنه يرفض في المقابل تسليم الأسلحة التي تحتاجها".