انقطاع التيار بين دمشق والأخضر الإبراهيمي
هل دقت ساعة نهاية مفاوضات جنيف ـ 2؟
- 926
اشتدت اللهجة خلال اليومين الأخيرين بين دمشق والأخضر الإبراهيمي الموفد الأممي الخاص إلى سوريا، على خلفية تصريحات أدلى بها في أعقاب تسليم تقريره لمجلس الأمن الدولي، والتي لم تستسغها السلطات السورية، واعتبرتها بمثابة تدخّل في شؤونها الداخلية.
وأكدت السلطات السورية أمس أن الإبراهيمي تجاوز إطار الدور المحدد له، بعد أن انتقد سعيها الحثيث من أجل تنظيم الانتخابات الرئاسية وهي في "حالة حرب". وقال إن موعدها لا يساعد في إحراز تقدم بالنسبة لمفاوضات "جنيف ـ 2"، التي توقفت نهاية شهر فيفري.
وقال عمران الزغبي الناطق باسم الحكومة السورية، إن الموفد الأممي الخاص ما كان عليه أن يدلي بمثل تلك التصريحات التي تهم الشأن الداخلي السوري، ويتعين عليه أن يحترم الدور المنوط به، وأن يكون نزيها وغير منحاز إلى أي طرف في الأزمة.
وكان الأخضر الإبراهيمي حذّر أول أمس بمقر الأمم المتحدة، من أن تنظيم انتخابات رئاسية في سوريا ستكون بمثابة شهادة وفاة لمفاوضات جنيف؛ على اعتبار أن كل أطياف المعارضة لن تكون مهتمة بالتفاوض مع دمشق.
ولم يكتف المسؤول السوري بذلك فقط، بل ذهب إلى حد اتهام الدبلوماسي الأممي بالانحياز إلى جانب موقف المعارضين للنظام السوري، وخدمة الموقف الأمريكي.
فهل يعني ذلك أن الإبراهيمي لم يعد يحظى بالإجماع، الذي يؤهله للعب دور الوسيط لإنهاء أزمة دخلت عامها الرابع، ولا مؤشر بإمكانية إنهائها؟
والواقع أن الانتخابات كان يمكن أن تجري بشكل عاديّ لو أنها تمت. وقد توصل الفرقاء إلى تسوية خلافاتهم، غير أن تنظيمها شهر جويلية القادم، كما سبق وأن أعلن عنه؛ يعني بشكل تلقائي فوز الرئيس بشار الأسد بعهدة أخرى، وهو ما يرفضه المعارضون له، ويصرون على رحيله.
وتبقى إشكالية مستقبل الرئيس السوري معضلة كبيرة بالنسبة لمهمة الإبراهيمي، الذي يتعين عليه إيجاد أرضية توافقية مع حكومة رافضة لرحيله وأحزاب معارضة، تصر من جهتها على عدم بقائه؛ مما جعل من الاستحالة بمكان، التوصل إلى نقطة التقاء تنهي هذا المأزق.
وهو ما كرسه القانون الذي صادق عليه البرلمان السوري نهاية الأسبوع، والذي نص صراحة على منع شخصيات المعارضة السورية في الخارج من الترشح للموعد الانتخابي القادم، واشترطت أن يكون المترشح مقيما في سوريا طيلة العشر سنوات الأخيرة.
وتكون هذه العقبات هي التي حتّمت على الأخضر الإبراهيمي حمل عصا الترحال ثانية في إطار مساعيه لتسوية هذه الأزمة، وقرر التوجه إلى إيران بداية من غد؛ من أجل إقناع طهران بالتوسط لدى دمشق؛ من أجل تأجيل موعد الرئاسيات، التي إن هي تمسكت بها فإنها ستكون قد قضت على جهود قرابة سنتين من الاتصالات والتحركات الدولية؛ من أجل إقناع الفرقاء على الجلوس إلى طاولة مفاوضات واحدة. وكان ذلك بمثابة أكبر اختراق تحققه الأمم المتحدة في أزمة معقدة بمثل الأزمة السورية.