زيارة مرتقبة لرئيس الدبلوماسية الصينية إلى واشنطن
هل نجح بلينكن في إذابة جليد العلاقات الدبلوماسية مع الصين؟
- 882
شرع كاتب الدولة الأمريكية، انطوني بلينكن، أمس، في زيارة رسمية من يومين إلى الصين هي الأولى لمسؤول أمريكي سامي منذ قرابة خمس سنوات في محاولة لمعالجة التوتر الذي يميز العلاقات بين هاتين الدولتين العظميين بخصوص عدة قضايا شائكة داخلية واقليمية ودولية تنتظر الحلّ.
التقى بلينكن لدى وصوله العاصمة بيكين نظيره الصيني، تشين غانغ، حيث تصافح الرجلان أمام علمي البلدين وعدسات الكاميرات ومشيا جنبا الى جنب على بساط أحمر من دون الإدلاء في حينه بأي تعليق. ومن المقرر وفق وسائل اعلام أمريكية أن يلتقي بلينكن بالرئيس الصيني، شي جينبينغ، ومجموعة من كبار الدبلوماسيين الصينيين.
وحتى وإن لا يتوقع تحقيق أي في هذه الزيارة بالنظر الى تعدد القضايا الخلافية بين واشنطن وبيكين، غير أن موافقة رئيس الدبلوماسية الصينية على زيارة واشنطن تعد في حد ذاتها نتيجة ايجابية باعتبار أن ما تسعى اليه واشنطن من خلال هذه الزيارة هو فتح قنوات اتصال مع بيكين تسمح بإطلاق حوار لـ«ادارة العلاقات الأمريكية ـ الصينية بطريقة مسؤولة".
وبالنسبة لواشنطن فان الأمر يتعلق قبل كل شيء باستعادة خطوط الاتصال المباشر مع بيكين و«إدارة" التوترات من أجل تجنب مواجهة "عرضية" بعد أشهر من الاضطرابات منذ حادث المنطاد شهر فيفري الماضي.
وقد أبقى بلينكن على تفاؤله بخصوص هذه الزيارة التي قال إنه يجب أن تسمح "بفتح خطوط اتصال مباشرة حتى يتمكن بلدينا من إدارة علاقتنا بمسؤولية، بما في ذلك معالجة بعض التحديات والمفاهيم الخاطئة وتجنب الحسابات الخاطئة". وأشار لدى مغادرته واشنطن باتجاه بيكين بأن "المنافسة الشديدة تتطلب دبلوماسية المستمرة ضمان عدم تحولها إلى مواجهة أو صراع"، مضيفا بأن "العالم ينتظر تعاون الولايات المتحدة والصين".
ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم يتوقعون إجراء "محادثات مباشرة وصادقة" مع السلطات الصينية حول القضايا الخلافية بين القوتين في مقدمها قضية تايوان التي أكدت بيكين في مناسبات عديدة أنها خط أحمر لا يمكن تجاوزه، الى جانب المنافسة في مجال التكنولوجيا والتجارة.. وحتى مطالب الصين في بحر الصين الجنوبي.
ولكن بيكين استبقت زيارة بلينكن بالتأكيد على مواقفها المبدئية بضرورة أن تحترم واشنطن "مخاوف الصين الجوهرية" وأن تتعاون مع بيكين. بل وأكدت على لسان المتحدث باسم خارجيتها، وانغ وانبين، بأنه "يجب على الولايات المتحدة أن تتخلى عن وهم التعامل مع الصين "في موقع قوة" وأنه يتعين على الصين والولايات المتحدة تطوير العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والمساواة واحترام خلافاتهما".
ويبدو أن الولايات المتحدة التي كانت ألغت الزيارة شهر فيفري الماضي بعد حادثة منطاد التجسس الصيني، قد فهمت الرسالة بما جعلها ربما تعيد حساباتها بشأن علاقتها مع الصين التي بدأت تفرض نفسها كلاعب دولي لا يمكن القفز عليه في أي ترتيبات مستقبلية بخصوص ما يقال ويشاع حول النظام الدولي الجديد.
وهي حقيقة يدركها جيدا الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الذي استغل زيارة بلينكن الى بيكين ليعبر عن رغبته في لقاء نظيره الصيني، شي جينبينغ خلال الأشهر القادمة للحديث، كما قال، "عن خلافاتنا الشرعية، ولكن أيضا المجالات التي يمكن الاتفاق فيها".
ومهما كانت نتيجة هذه الزيارة التي لا ينتظر بحسب الادارة الأمريكية نفسها أن تحقق اختراقا ولا أن تشكل نقطة تحول استراتيجية في العلاقات بين العاصمتين، الا أنها تكشف على الأقل عن رغبة مشتركة لتفادي أي صدام بينهما.
وتدهورت العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات مما أثار مخاوف من احتمال اشتباكهما عسكريا خاصة بسبب قضية تايوان التي تدعم الولايات المتحدة استقلاليتها، في حين تصر الصين على انها جزء من أراضيها، إضافة إلى الخلافات الحادة حول مسائل أخرى تتعلق بالدرجة الأولى بالتجارة وجهود الولايات المتحدة لكبح صناعة أشباه الموصلات في الصين، والتي أثارت حربا تجارية خفية بين القوتين الاقتصاديتين بلغت أوجها في السنوات الأخيرة.