شهر "ربيع الأنوار" بأدرار
أجواء ونفحات روحانية متميزة
- 1075
تعيش ولاية أدرار هذه الأيام أجواء ونفحات روحانية متميزة عبر مختلف أقاليمها، تزامنا مع دخول "ربيع الأنوار" (ربيع الأول)، شهر مولد خير الأنام محمد رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وشرعت مختلف المساجد والمدارس القرآنية والزوايا المنتشرة عبر بلديات الولاية منذ مطلع شهر ربيع الأول، في إحياء حلقات للمديح النبوي، إضافة إلى إلقاء الدروس والمحاضرات الدينية من طرف مشايخ وأئمة حول السيرة النبوية العطرة، حسبما أشار إليه رئيس مصلحة الثقافة الإسلامية بمديرية الشؤون الدينية والأوقاف في الولاية.
يحرص أئمة المساجد في هذه المناسبة الدينية العظيمة، على إقامة العديد من الأنشطة، تشمل إنشاد مختلف مصنفات المديح التي تم تأليفها في مدح الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وتعديد خصال وشمائل خير الأنبياء والمرسلين، حيث تستقطب هذه الجلسات الروحانية مختلف شرائح المجتمع، من شيوخ وأطفال، لا يفوتون هذه الأجواء الدينية التي تقام خلال أمسية كل يوم من هذا الشهر بين صلاتي المغرب والعشاء، مثلما أضاف الدكتور قصباوي عبد الخالق.
تختلف مصنفات المديح التي يتم إنشادها طيلة شهر ربيع الأول من منطقة لأخرى، حيث تتنوع تلك المؤلفات والقصائد بين عدة عناوين، على غرار مدائح "البردة" و«الهمزية" و«تخميس البغدادي" و«ابن مهيب" وغيرها، حيث يشكل إنشاد هذه القصائد فرصة لإبراز مختلف جوانب السيرة النبوية العطرة وترسيخها في الأذهان، للاقتداء بها في تهذيب النفوس والسلوك وتربية النشء على القيم النبيلة والسامية الكفيلة بصون المرجعية الوسطية للأمة.
كما أصبح الملتقى الوطني حول السيرة النبوية الذي تنظمه المدرسة القرآنية "أنس بن مالك" لشيخها الراحل مولاي التهامي غيتاوي، محطة علمية بارزة في هذه المناسبة الدينية المباركة، ويدرك هذه السنة طبعته السابعة التي ستحمل عنوان "دور العرف في التلاحم والاستقرار الاجتماعي ـ منطقة توات نموذجا"، وينتظر تنظيمها ضمن الفعاليات الاحتفالية بالمولد النبوي الشريف.
طقوس وعادات اجتماعية واحتفالية راسخة
يكتسي شهر "ربيع الأنوار" أهمية كبيرة في أوساط المجتمع بولاية أدرار، تترجمها تلك الطقوس والعادات الاحتفالية التي ما زال السكان متشبثين بها منذ أزمنة عريقة، إذ تبلغ هذه المظاهر الاحتفالية ذروتها في الثاني عشر ربيع الأول، حيث تشهد بلدية تيمي القريبة من مدينة أدرار توافد العديد من المواطنين والضيوف لحضور محطة من أبرز المحطات الاحتفالية بالمولد النبوي الشريف، للاستمتاع بالعروض والأهازيج الشعبية والفلكلورية التي تقدمها الفرق المحلية.
تشمل هذه الأنشطة المتنوعة التي تشكل عنصر تشويق وتستقطب جماهير غفيرة، عروض البارود والحضرة والقرقابو والفنتازيا لفرق الخيالة، إلى جانب الرقصة الشهيرة بالمنطقة المعروفة بـ«برزانة"، التي تستهوي الكثير من الشباب الذين يطلقون فيها العنان للتعبير عن مشاعرهم في حب المصطفى صلى الله عليه وسلم، مشكلين حلقة كبيرة تتوسط الجمهور، حاملين فيها العصي والعكاكيز في مشهد صوفي لا يتكرر إلا في هذه المناسبة الدينية المباركة.
تتواصل الاحتفالات بذكرى المولد النبوي الشريف عبر مختلف مناطق ولاية أدرار، إلى أن تبلغ محطتها البارزة الأخرى التي تقام بعد مرور أسبوع من إحياء ذكرى ميلاد خير البرية عليه الصلاة والسلام، ممثلة في تظاهرة "أسبوع المولد" التي تقام بكل من المقاطعة الإدارية تيميمون (220 كلم شمال الولاية) وبلدية زاوية كنتة (70 كلم جنوب أدرار)، حيث تعرف هذه الاحتفالية الشعبية غمرة الاستقطاب الجماهيري والتوافد السياحي والإعلامي من داخل وخارج الوطن.
تساهم هذه التظاهرة الاحتفالية الكبيرة بشكل مباشر، في إنعاش الحركة السياحية بالمنطقة والترويج لوجهتها، وتشكل أيضا فرصة أمام الحرفيين لعرض وتسويق منتجاتهم التقليدية، من خلال المعارض والصالونات التي تقيمها الهيئات والمرافق التابعة لقطاع السياحة بالولاية.