فيما يرتبط الصيف عند البعض بالاستجمام والراحة

أطفال يكدون من أجل لقمة العيش

أطفال يكدون من أجل لقمة العيش
  • القراءات: 323 مرات
 رشيدة بلال رشيدة بلال

تحولت عمالة الأطفال إلى ظاهرة مرتبطة ارتباطا وثيقا مع الموسم الصيفي، فبمجرد الإعلان عن دخول موسم العطل، يشرع العديد من الأطفال في ممارسة مختلف الأنشطة التجارية، لدعم أسرهم، حيث نجدهم ينتشرون بشكل كبير على الشواطئ وعلى الطرق المؤدية إلى مختلف المرافق الترفيهية، وحتى في الغابات، الأمر الذي يستدعي، حسب رئيس "شبكة ندى للدفاع على حقوق الأطفال"، عبد الرحمان عرعار، إعادة النظر في هذه الظاهرة من أجل محاربة السوق الموازية لعمالة الأطفال، والتي يعتبر فيها الأولياء المسؤولين عن انتشارها.
إن اخترت التواجد في أي شاطئ كان، فأكيد سوف تصادف باعة صغار من الجنسين، يجوبون الشاطئ طيلة اليوم ذهابا وإيابا، من أجل بيع بعض "المحاجب" أو "البينيي" وحتى "البيتنزا المنزلية"، وهي نفس الظاهرة التي تصادفك إن كنت في أي مكان للنزهة والترفيه، حيث تجد عددا من الأطفال مصطفين على حافتي الطريق لبيع بعض المشروبات أو المياه، أو بعض الفاكهة الموسمية ومختلف أنواع "المطلوع"، والغريب في الأمر، حسب ما وقفت عليه "المساء"، في الطريق المؤدي إلى شاطئ الحمدانية ببلدية شرشال، ولاية تيبازة، أن الأطفال الذين يبيعون مختلف المأكولات على حافتي الطريق، تجدهم في أي وقت، حتى عند الظهيرة، حيث تكون درجات الحرارة عالية جدا، وعند العودة للمنزل بعد غروب الشمس، تجدهم في نفس المكان، لأن الهدف هو الوصول إلى تصريف كل سلعتهم، وعزاؤهم طيلة فترة الانتظار، هو التسلية باللعب بالهاتف النقال، حتى لا يشعروا بالملل من المكوث لساعات طويلة.

استفحال ملفت للانتباه ومقلق في نفس الوقت

وعن ظاهرة عمالة الأطفال والآليات المقترحة للحد منها، خاصة وأنها تمس أطفالا لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، قال رئيس "شبكة ندى" في معرض حديثه لـ"المساء"، إن العطلة الصيفية أصبحت في السنوات الأخيرة، تكشف عن ظاهرة بدأت صغيرة، واستفحلت بشكل ملفت للانتباه ومقلق في نفس الوقت، حيث نجد الكثير من العائلات المعوزة تدفع بأبنائها، بمجرد بداية العطل، إلى العمل في مختلف الأنشطة التجارية أو الفلاحية أو ورشات البناء، فيما يسمى بالسوق الموازية، مقابل ربح بعض المال.
وحسب المتحدث، فإن الإشكال ليس في الدفع بالأبناء إلى سوق العمل فقط، وإنما أغلبهم صغار السن، ومعرضون لمختلف المخاطر النفسية والاجتماعية والأخلاقية، خلال تواجدهم في بعض الأماكن للبيع، مؤكدا أن بعض الأطفال يتعرضون لشيء من الانتهاك، والسؤال الذي يطرح في بعض الأحيان، هو "كيف يصل هؤلاء الأطفال للبيع في بعض الأماكن؟"، و"كيف يدافعون عن أنفسهم إن تعرضوا للاعتداء؟" وأيضا "كيف يحمون أنفسهم من الشمس وغيرها من المخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها؟" و"كيف يؤمّنون أنفسهم، وهل لديه استعداد أصلا للعمل؟"...... وغيرها من الأسئلة كثير.

القانون والدستور يجرمان عمالة الأطفال

الأمر الذي يجعلنا نؤكد، يقول عرعار، "إننا أغفلنا السوق الموازية التي توظف عددا من الأطفال، رغم أن القانون والدستور يجرمان عمالة الأطفال، لاسيما الدستور الذي كان صريحا وأقر برفض عمالة الأطفال مهما كانت وضعيتهم الاجتماعية، وواصل أن "شبكة ندى" ترفع نداءها أمام البدائل الموجودة، والتي تحتاج إلى التفعيل، مشيرا إلى أنه من الضروري القيام بمسح وطني لتشخيص الظاهرة، وتنفيذ القانون المستمد من الاتفاقية الدولية، للحد من استغلال الأطفال، والبحث عن الحلول لحماية هذه الفئة من الاستغلال الاقتصادي لهم".
وزاد عرعار أنه لا يوجود قانون صريح يمنع الأولياء من الدفع بأبنائهم للعمل، لكن دستوريا الأولياء مسؤولون عن المخاطر التي يتعرض لها أبناؤهم، لافتا إلى أنه لا يحبذ فكرة اللجوء إلى معاقبة الأولياء، وإنما مع فكرة السعي إلى المرافقة والدعم الاجتماعي والتربوي، أما إن ثبت وجود حالة استغلال، فإن القانون مطالب بمعاقبتهم، وأضاف أنه في الشبكة لا يبررون عمل الأطفال أيا كانت الأسباب، لأن الأمر يتعلق بالمصلحة الفضلى للأطفال،  وقال "إن قلة المبادرات والحوار جعل ظاهرة عمالة الأطفال تتفاقم، وأصبحت صفة مقترنة بالعطلة الصيفية، وينظر إليها على أنها شيء عادي، رغم أن الجزائر قادرة على محاربتها، فمن الناحية الرسمية، ليس هنالك عمالة أطفال، ولكن السوق الموازي يستقطب أعدادا كبيرة في مجال الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي".
من جهة أخرى، أشار محدث "المساء"، إلى أن "شبكة ندى" تستقبل عدة اتصالات فيما يتعلق بموضوع عمالة الأطفال، وتُسجل  في السنوات الأخيرة، قضايا تخص الاستغلال في مجال التجارة الإلكترونية التي يقبل عليها الأطفال، خاصة المراهقات، حيث أصبحت التجارة الإلكترونية تشكل خطرا على القصر الذين يفتحون صفحات ويمارسون بعض الأنشطة، دون أي خلفية حماية ومرافقة.
بالمناسبة، كشف عرعار عن مشروع تعمل عليه "شبكة ندى" في موضوع عمالة الأطفال، خاصة في التجارة الإلكترونية، ينتظر أن يتم الإعلان عنه، مطلع سبتمبر المقبل، حيث يخص المراهقين بين 13 و16 سنة، وكيفية إخراجهم من السوق الموازية وإدماجهم في المهن والتكوين والتأسيس لمشاريعهم الخاصة.