الجزائر تمنع العملات المشفرة

أموال افتراضية مشبوهة تداولها يؤدي إلى السجن

أموال افتراضية مشبوهة تداولها يؤدي إلى السجن
  • 160
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

أصدرت الجهات الرسمية الجزائرية مؤخرا، قوانين صارمة، تجرم بشكل واضح ومباشر كل أشكال التعامل بالعملات الرقمية المشفرة، على غرار "البيتكوين" و«الإيثيريوم"، وغيرها من العملات غير المعترف بها في المنظومة المصرفية الوطنية، القرار جاء لتنظيم المعاملات الاقتصادية، وسد ثغرات اقتصادية قد تحول تلك المعاملات إلى محاولات لتبييض الأموال، تمويل أنشطة مشبوهة، أو احتيال مالي، أو تهرب من الرقابة المصرفية، باعتبارها معاملات مالية لا أثر لها، ولا تعترف بها الكثير من النصوص القانونية، لحماية المتعامل في حال وقوع ضحية احتيال أو نصب.

وبالرغم من أن قانون المالية لسنة 2018، نص صراحة على منع حيازة أو تداول العملات الافتراضية، إلا أن التحذيرات الأخيرة الصادرة عن الجهات الأمنية والقضائية، أعادت التأكيد على جدية المتابعة القانونية في حالة أي مخالفة للنظام القانوني الجديد، الذي جاء بالعبارة الصريحة "منع أي تعامل بالعملات الرقمية" مهما كانت، سواء بدافع الربح أو حتى التجربة، فالقرار جاء بعد الانتشار الواسع لتلك المعاملات، لاسيما وسط الشباب، ليتم إصدار قانون واضح، وفرض العقوبات المصاحبة لمخالفة القرار، والتي تكون سارية منذ إصدار القانون.

وقد انتشرت في الآونة الأخيرة، مفاهيم اقتصادية جديدة وسط الشباب، يتقنها بلغة اقتصادية تبدو لغير المختص ألفاظا مشفرة، تخص معاملات مالية رقمية، أي وهمية لا وجود لها بصفة ملموسة، مجرد حسابات عبر الأنترنت وأموال هي الأخرى رقمية، أُطلق عليها اسم المشفرة، إذ يتم التعامل بها من خلال اقتنائها عبر الأنترنت، والتعامل بها من خلال تلك المنصات الخاصة.

وراح المتعاملون بتلك الأموال المشفرة إلى أبعد من معاملات تجارية أو خدماتية عبر الأنترنت، بل أصبحت تهديدا حقيقيا للاستقرار الاقتصادي، والمعاملات المالية، إذ تحولت من مفهومها الاقتصادي إلى مفاهيم تشوبها الكثير من الشبهات، في تمويل معاملات "غريبة" أو يتم من خلالها تبييض الأموال أو الاحتيال، وغيرها من المشاكل المصاحبة لتلك المعاملات صعبة المراقبة.

حول هذا الموضوع، كان لـ«المساء"، لقاء مع أستاذ وخبير اقتصادي، عبد الصمد صرايعي، الذي أشار إلى أن هذا القانون رقم 25-10 المنشور في العدد 48 من الجريدة الرسمية، بتاريخ 24 جويلية 2025، يهدف إلى تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب، ويشمل بذلك، تجريم جميع أشكال التعامل بالعملات الرقمية داخل التراب الوطني، بما في ذلك التعدين والترويج، أو التشجيع على تلك المعاملات التي أصبحت رسميا غير قانونية. 

وأضاف المتحدث، أنه بموجب هذا القانون، سوف تصبح أي معاملة بتلك العملات الرقمية من قريب أو بعيد، جريمة مالية، تترتب عنها عقوبات تختلف بين غرامات مالية ضخمة، مساءلة قضائية أمام محاكم الجرائم الاقتصادية، مصادرة الأجهزة والممتلكات ذات الصلة أو الأموال المشبوهة، وإدراج المتعامل ضمن قوائم المشتبه فيهم، بتبييض الأموال أو التهرب المالي.

وشدد الخبير الاقتصادي، أن الدولة لا تجرم المعاملات في حد ذاتها أو تنكرها، وإنما تسعى إلى تنظيم ما قد يهدد الاقتصاد الوطني أو يعرض المستهلك للنصب والاحتيال، لأن المعاملات الرقمية هي معاملات مشفرة، صعبة التحديد، وبعضها قد يتم بطريقة مجهولة، ولها قنوات متشعبة وجد معقدة، يمكن أن يستغل الكثيرون بعض الثغرات، خصوصا وأنها غير خاضعة لرقابة مصرفية، وتشكل بذلك بيئة مثالية لعمليات إجرامية، كتبييض الأموال، الاحتيال المالي، تمويل جماعات ومنظمات غير قانونية وإجرامية، التهرب من القوانين المالية والمصرفية، وأضاف أنه لا حماية قانونية في حالة الاحتيال، فلا محكمة ولا بنك ولا جهة مسؤولة، سوف تحمي المتعامل من أي افلاس أو احتيال أو نصب قد يقع من خلال تلك المعاملات، وإنما الشكوى قد تعرض صاحبها في حد ذاته إلى متابعة قضائية، لم يعد يتم التساهل معها اليوم، يشدد الخبير.

وأضاف المتحدث، أنه لا يمكن اليوم، الحديث عن إدراج هذه المعاملات النقدية المشفرة ضمن الاقتصاد الوطني، ووضع قوانين رقابية صارمة لتأطيرها، لأن الدولة لها أولويات أخرى، وهي امتصاص المعروض النقدي المتداول في السوق الموازية، لمكافحة غسل الأموال، دون ضخ السوق بأموال مشفرة، تزيد من إقبال المواطن عليها، كملاذ لتخزين القيمة وزيادة من وطأة المعروض النقدي داخل الاقتصاد الوطني، ما يرفع من عمليات تبييض الأموال.

للإشارة، فإن العملة الافتراضية أو المشفرة، تتميز بانعدام ركيزة مادية، كالعملات المعدنية أو الأوراق النقدية والدفع بالشيكات أو بطاقات الائتمان، التي تعتبر نقودا حقيقية مخزنة لدى البنوك، فهي قيمة فردية في وحدات حسابية عبر الأنترنت فقط، ليس لها أي صفة قانونية ولا تخضع لرقابة البنك المركزي، ولا تنقل من قبل المؤسسات المالية، أي لا تتعامل بها مطلقا، وتتميز بسرية البيانات من خلال تقنية تسمى "البلوك تشين"، وبذلك يكون غسل الأموال جريمة قائمة ومحتملة، نظرا لانعدام إمكانية تتبع المعاملات.