معدل تحرير وصفة طبية لا يتعدى دقيقتين
إفراط كبير في استهلاك الدواء ودعوة وزارة الصحة لتنظيم السوق
- 1178
رفع الدكتور فتحي بن أشنهو نداء إلى السلطات الصحية لتنظيم سوق استهلاك الدواء الذي بلغ اليوم مستويات تنذر بالخطر، لاسيما منها الأدوية المخفضة للألم. واعتبر أنه من الممكن جدا ربح المعركة ضد الإفراط في استهلاك الدواء، خاصة أن الجزائر تملك كافة الإمكانيات البشرية والمادية، لذلك بالتالي الحفاظ على الصحة العمومية. وبرر قوله بتمكن الجزائر سنوات بعد الاستقلال، من القضاء على عدوى السل، إلى جانب القضاء على شلل الأطفال، وخفض معدلات وفيات الأمومة والطفولة بدون إغفال سياسة تنظيم الولادات وما انجر عنه من آثار إيجابية على صحة الأم، وبالتالي صحة الأسرة والمجتمع.
غير أن الصورة على إيجابيتها مازالت تشير إلى أن فيه الكثير من التحديات لا بد للقطاع الصحي من مواجهتها، لاسيما ما تعلق باستهلاك الدواء، إذ يقول الدكتور بن أشنهو إن سوق الدواء في الجزائر يبقى فوضويا ليس فقط في مجال التسميات التجارية المختلفة لمنتج صيدلاني واحد، على غرار الباراسيتامول الذي يوجد تحت عدة مسميات كالباندول والبارلغان، قد تصل إلى 15 أو 20 نوعا، ولكن أيضا تحدي فوضوية استهلاك الدواء بسبب السهولة المفرطة في الوصول إلى اقتنائه، أو ما يُعرف بالاقتناء الذاتي للدواء وما ينجر عنه من مضاعفات خطيرة على الصحة العمومية، ملفتا إلى أن حوالي 70% من المواطنين يشترون الدواء بدون المرور على الطبيب.
ويشبّه المختص دواء الباراسيتامول بـالغول المخيف بسبب الإفراط الكبير في تناوله حتى لدى الأطفال. واعتبره من حيث ترتيبه الصيدلاني من أحسن الأدوية المخفضة للألم، ولكن بالمقابل قد يكون من مسببات الإصابة بسرطان الكبد، علما أن هناك أشخاصا يتناولون قرابة 6 آلاف مليغرام؛ أي ست حبات من وزن ألف مليغرام في اليوم الواحد، وهذا قد لا يسبب التسمم الدوائي فحسب وإنما قد يسبب سرطان الكبد؛ كونه العضو الذي يتأثر أسرع من أي أعضاء أخرى في الجسم بالأدوية الكيماوية، ما يعني تحديات أخرى يواجهها النظام الصحي في التكفل بمرضى السرطان في الوقت الذي من الممكن تفادي تلك الإصابات.
وحسب توجيهات المنظمة العالمية للصحة، فإنه لربح معركة الدواء لا بد من تنظيم السلسلة الدوائية بدءا من محرر الوصفات الطبية، وهو الطبيب، إلى الذي يستهلكها مرورا بالصيدلي، وهي السلسلة التي تؤثر تلقائيا في خفض فاتورة استيراد الأدوية شريطة احترام معايير تحرير الوصفات الطبية: “في الجزائر وحسب بعض الدراسات، معدل تحرير الوصفة الطبية لا يتعدى الدقيقتين في الوقت الذي تشير دراسات عالمية إلى أن المعدل العادي هو ست دقائق”، يقول المختص مضيفا: “لقد وقفنا كمختصين في الصحة العمومية على بعض الوصفات الطبية؛ حيث تُكتب الأدوية على بطن وظهر الوصفة، وهو ما يبين الإفراط الكبير لبعض الأطباء في صرف الأدوية. واليوم ندعو وزارة الصحة إلى تنظيم هذا السوق الحساس جدا إلى جانب تنظيم حملات للتوعية بأهمية اقتناء الدواء فقط بوصفة طبية”.
كما دعا الخبير في الصحة العمومية إلى أهمية تفعيل مصالح الطب الوقائي المتواجدة بكل المؤسسات الصحية عبر الوطن، والخروج بها من النظام الإداري إلى الميدان من أجل إجراء الدراسات والتحاليل وتحيين المعطيات الصحية، حسب تغير التركيبة الديموغرافية للمجتمع، مع تسطير حملات للوقاية لتغذية الوعي الصحي أكثر فأكثر عوض الاعتماد على دراسات عالمية أو دراسات قديمة صارت لا تنفع الواقع اليوم، حسب الدكتور فتحي بن أشنهو.