حلت محلها تسميات غربية وأخرى غريبة
الأسماء الجزائرية تختفي من قاموس الأولياء
- 614
يحاول الكثير من الآباء في السنوات الأخيرة، مواكبة ما يوصف بـ"الحداثة" في تسمية المواليد الجدد، بتسميات بعضها مبتكر وأخرى غريبة تماما عن المجتمع الجزائري، مستوحاة من ثقافات أجنبية، وهو ما أدى إلى اختفاء الكثير من الأسماء، وأصبح وجودها نادرا، وقد أرجعت ذلك، سماح بركاني، مختصة اجتماعية، إلى الثقافات الدخيلة التي أثرت على التفكير العام للمجتمع الجزائري، والتفتح على الآخر، بفعل ما تروج له الأفلام والمسلسلات الأجنبية.
يدخل الآباء في رحلة بحث عن اسم مولودهم الجديد، منذ الساعات الأولى عند الكشف عن الحمل، ومعرفة أنهم سوف يرزقون بطفل جديد، إذ يصبح حينها الكثيرون في حيرة تامة، لاختيار الإسم الملائم الذي يليق بطفلهم، والذي يكون في نفس الوقت، مواكبا لموضة العصر وليس من "الطراز القديم".
في السابق، كان الجميع من أفراد العائلة، يملك حق المشاركة في تسمية الطفل، كالجد والجدة من الطرفين، أو أحد الأخوال أو من قبل العم أو العمة، ويمكن أن يكون الإسم تيمنا بأحد الأشخاص المتوفين في العائلة، كذكرى على أرواحهم، ويمكن أحيانا أن لا تعترض أمّ وليس لها الحق في رفض الإسم، وكانت تختلف بين ما تم اختياره من التراث العريق، سواء للبنات أو حتى الذكور.
في هذا الصدد، تحدثت المختصة الاجتماعية بركاني، لـ"المساء"، قائلة: "لم نعد اليوم نسمع مطلقا بعض الأسماء التي كانت شائعة جدا وسط العائلات الجزائريين، وبين جداتهم وخالاتهم وعماتهم، والتي هي كثيرة وتعكس التراث الشعبي، على غرار زوليخة، علجية، النبية، الهذبة، نعناعة، فروجة، نورية، نوارة، حليمة، الزهور، صافية، خدوجة، خداوج، مباركة،.. وغيرها من أسماء النساء، أما الرجال فأقل تأثرا، لكن بالرغم من ذلك، اختفى الكثير منها، كبوعلام، زبير، الهاشمي، العربي، لخضر، فاتح وغيرها من الأسماء التي لم نعد نسمع بها إلا عند كبار السن".
وأضافت المتحدثة قائلة: "إن الأسماء هي الأخرى، أصبحت اليوم تتأثر كثيرا بالوقت والعقليات، وتمسها في كل مرة بموضة جديدة، مثلما شهدناه في عهد دخول المسلسلات التركية الجزائر، وانتشارها بشكل كبير وسط النساء، اللواتي تأثرن كثيرا ببعض أسماء شخصيات تلك المسلسلات، وانتشرت حينها بين مواليد تلك الأسر، على غرار لميس، مهند، سيلين وايدا وغيرها، وهذا ما تغير بعد سنوات، أي بعد حدوث ملل من تلك الأسماء، حيث أصبحت العائلات تختار أحيانا تسميات من ثقافات أجنبية تماما، ليست من الثقافات المسلمة ولا حتى العربية". وأكدت المتحدثة في هذا الصدد، أن هذا التغير راجع أساسا إلى تغير تفكير الأسرة الجزائرية، ومحاولة مواكبة الحداثة، حتى في اختيار الأسماء، حيث يعتبر بعض الأهل أن اختيار الإسم الأكثر "جمالا" أمر لابد منه، لأنه سوف يرافق الإنسان طول حياته. وأشارت المختصة، إلى أن اختيار الإسم، وحتى الخروج عن المألوف، لابد أن يتم وفق الثقافة السائدة، خاصة الإسلامية، حتى لا يتعارض معنى الإسم مع المعايير الإسلامية، أو يكون لشخصية غريبة، أو معنى الإسم هو شتم أو كلمة غريبة في لغة أجنبية، أو حتى بعض الأسماء التي معناها شيء مكروه أو محرم في قرآننا الكريم، كإسم من أسماء الأودية أو الشجار في جهنم أو غير ذلك.
وشددت المختصة في هذا الصدد، على أهمية البحث جيدا عن محاولة اختيار أسماء للمواليد الجدد، والبحث في دلالتها ومعانيها، والاستلهام من الثقافة الجزائرية، التي كانت تحمل أسماء جميلة، واختفت بفعل العولمة، حتى يحملها الطفل معه طول حياته ويفتخر بها، خاصة أن يحمل من صفاتها الجميلة.