خفف من معاناة المرضى والمسنين

الاستشفاء المنزلي تكفل بـ37 ألف مريض عبر الوطن

الاستشفاء المنزلي تكفل بـ37 ألف مريض عبر الوطن
  • 1103

يعد الاستشفاء المنزلي الذي انطلق العمل به منذ عام 1999، من الخدمات الجوارية التي تستهدف التخفيف من معاناة المرضى، لاسيما فئة المسنين منهم، من خلال تجنيبهم عناء التنقل إلى المستشفي بغيةتلقي العلاج، وقد خضع الاستشفاء المنزلي للتنظيم من طرف وزارة الصحة سنة 2003 بعد إصدار قرار ينظم ويسير هذه الخدمة، تلاه قرار عام 2015 متعلق أساسا بالعلاج المنزلي، وإلى حد الآن، تم التكفل بـ37 ألف مريض على المستوى الوطني. 

يعتبر محمد الذي يقطن ببلدية الشراقة، واحدا من الذين استفادوا من خدمات الاستشفاء المنزلي، حيث كان  يعاني من عدة أمراض مزمنة وتعرضه لأزمة شرايين الدماغ أدت إلى إصابته بشلل نصفي، ألزمه الفراش مدة طويلة، لكن معاناته مع الألم لم تمنع ابتسامته العريضة وهو يستقبل الفريق الطبي في بيته، ولعل أكثر ما استحسنه هذا المريض أنه محاط بكل أفراد عائلته. أما صالح وهو مريض آخر تجاوز الخمسين من عمره، ويسكن في عمارة من 10 طوابق بابن عكنون، فلم يخف فرحته بعد استجابة الفريق الطبي لطلبه وقبول علاجه في المنزل بسبب صعوبة تنقله إلى المستشفى، خاصة أنه بدين ويعاني من عدة أمراض مزمنة. 

ومن المرضى المستفيدين أيضا من الاستشفاء المنزلي؛ السيدة علجية 82 سنة، قاطنة بتقصرين وتعاني من عدة أمراض مزمنة أفقدتها الحركة لمدة طويلة، مما عرضها إلى الإصابة بتقرحات الفراش. أعربت هي الأخرى عن سعادتها لتنقل الفريق الطبي إلى بيتها كونه أزال عنها وعن أسرتها مشقة الذهاب إلى المستشفى، معربة من جهة أخرى عن رضاها عن نوعية العلاج المقدم من طرف هذا الفريق. بينما تعد حالة المعمرة عائشة التي أشرفت على 100 سنة من الحالات المؤثرة فعلا، فهذه العجوز القاطنة ببلدية سيدي أمحمد تعيش مع ابنها في غرفة متواضعة، وهو أب لثلاثة أطفال معاقين، وفي المقابل أخذ الفريق الطبي للمؤسسة الصحية لهذه البلدية على عاتقه مهمة مرافقتها طبيا ونفسيا بهدف تخفيف أعباء الحياة على هذه العائلة. 

الاستشفاء المنزلي يختلف عن العلاج المنزلي

توجه الخدمات المقدمة في مجال الاستشفاء المنزلي عادة لمن يعانون من أمراض مزمنة أو استفادوا من علاج في المستشفى، وتستدعي حالتهم متابعة هذا العلاج في المنزل، حيث يسهر الفريق الطبي على المراقبة الدورية للمرض واحترام جرعات الأدوية ومداومتها أو وقفها عند الحاجة. وتسند مهمة الاستشفاء المنزلي، حسب القرار المؤرخ في 19 أفريل 2003، إلى مصالح الطب الداخلي للمراكز الاستشفائية الجامعية والقطاعات الصحية التابعة لهذه المراكز وتلك التابعة لمقر الولاية. أما العلاج المنزلي الذي يستند إلى القرار الوزاري المؤرخ في 27 ديسمبر 2015، وجد لفئة المسنين أو مرضى آخرين تستدعي حالتهم متابعتهم منزليا من خلال خدمات تمريض، مثل مراقبة ارتفاع ضغط الدم دوريا أو حقنهم بإبرة أو تغيير الضمادات، حيث بلغ عدد المؤسسات الصحية المعنية بتقديم خدمات الاستشفاء المنزلي على المستوى الوطني 146 مؤسسة، 67 منها بمناطق الشمال و50 بالهضاب العليا و29 بالجنوب، في حين وصل عدد المستفيدين من هذه الخدمة إلى قرابة 37 ألف مريض، أي ما يقارب 13 ألف بمناطق الشمال وأكثر من 14 ألف بالهضاب العليا و10 آلاف بالجنوب. 

70 بالمائة من المستفيدين من الاستشفاء المنزلي مسنون

قال الأستاذ منصور بروري، رئيس مصلحة الطب الداخلي بالمؤسسة الاستشفائية جيلالي بلخنشير في بئر طرارية، بالجزائر العاصمة، أن 70 بالمائة من المستفيدين من الاستشفاء المنزلي من فئة المسنين، مشيرا إلى أن مؤسسته كانت سباقة لإطلاق الاستشفاء المنزلي سنة 1999 لفائدة المسنين، بحكم أنهم يعانون من عدة أمراض مزمنة تستدعي التكفل بها منزليا.  لم يخف الأستاذ منصور أسفه عن غياب وحدات أخرى تتكفل بالاستشفاء المنزلي في ولاية الجزائر العاصمة التي بها أكبر عدد من السكان، وقال بأن "وحدة واحدة لا يمكنها الاستجابة للطلبات الهائلة التي تصلها، مشيرا إلى  أن نشاطات الاستشفاء المنزلي مهما اتسعت لا تضمن تكفلا جيدا بالأمراض التي تصيب المسنين، كداء السكري وأمراض القلب والضغط الدموي، مثل التكفل الذي تقدمه المؤسسات المتخصصة لعلاج هذه الفئة. واقترح في هذا الخصوص التفكير في فتح مؤسسات تتكفل بالمسنين، خاصة بعد ارتفاع نسبة تعدادهم في الجزائر من سنة إلى أخرى بحوالي 7 بالمائة".

مختصون يؤكدون: الاستشفاء المنزلي أصبح حتمية

من جهته، اعتبر الدكتور ابن اشنهو، مدير المؤسسات الصحية الجوارية بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات "أن فكرة الاهتمام بتطوير العلاج المنزلي خلال السنوات الأخيرة، تحول إلى حتمية فرضتها المرحلة الانتقالية لوضعية البلاد الوبائية وظهور أمراض مزمنة، فضلا عن ارتفاع عدد الأشخاص المسنين نتيجة تحسن ظروف المعيشة. في حين يرى ميلود قدار، خبير في الاقتصاد الصحي، أن الاعتماد على الاستشفاء المنزلي يوفر للخزينة العمومية نسبة تتراوح بين 20 و80 بالمائة مقارنة بالاستشفاء التقليدي، معربا عن استحسانه للاستشفاء المنزلي لأنه قرّب الصحة من المواطن، لاسيما بالنسبة للفئات الهشة، حيث ساهم في إبقاء المريض في محيطه العائلي وأشرك الأسرة في العلاج من أجل تخفيف الأعباء.