فيما استنجدت بعض النسوة بمؤسسات متخصصة
البليديات يشرعن في تنظيف منازلهن إحياء لعادة "الشعبانية"

- 383

لا تزال المرأة البليدية تحرص خلال شهر شعبان على إحياء بعض العادات المتوارثة عن الجدات، حيث تحيي عادة "الشعبانية" المرتبطة بتجهيز العدة لاستقبال شهر رمضان المبارك، من خلال تنظيف المنزل وإعطائه حلة جديدة تتناسب وعظمة الشهر الكريم، ولعل أهم ما يميزها حرصها الشديد على توفير كل ما يحتاجه مطبخها ليكون كل شيء معد في وقته، فيما اختارت أخريات الاستنجاد بمؤسسات التنظيف لتحجز موعدا لها بالنظر لكثرة الطلب على عاملات التنظيف خلال هذه الفترة.
خلال التجول في أحد أعرق الأسواق الشعبية بولاية البليدة، وهو سوق "بلاصة العرب"، وقفت "المساء" على التنوع الكبير في المستلزمات المرتبطة بشهر رمضان والتي يأتي على رأسها "المقطفة" التي حضرتها بعض النسوة وشرع في بيعها لإعداد الشوربة، وكذا عدد من التوابل ذات النكهة القوية وكل ما يتعلق بتزيين وتجميل المنزل، حيث برع التجار في عرض كل السلع التي تحمل رموزا توحي باستقبال الشهر الكريم مثل الفوانيس وهلال رمضان، وعبارة "أهلا رمضان" التي أصبحت تطبع على الأواني وأغطية الطاولات والكراسي والمآزر وغيرها من المستلزمات الموجهة للمطبخ.
في دردشة لـ’’المساء"، في هذا السياق، مع بعض النسوة حول كيفية التحضير لاستقبال شهر رمضان، أشارت السيدة وحيدة بن يوسف، إلى أن شهر شعبان هو محطة هامة تتفق فيها البليديات على "تنفيض" المنزل، والذي يقصد به "إعادة ترتيب كل ما يوجد في المنزل وإزالة الغبار عن الأثاث وتلميع كل الأواني، وكذا إعادة طلاء بعض الغرف خاصة ما تعلق منها بغرفة الجلوس التي يتم فيها استقبال الضيوف خلال السهرات الرمضانية والمطبخ أيضا، مشيرة إلى أن عملية الطلاء تعتبر غاية في الأهمية خاصة بالنسبة للمطبخ لأنه المكان الذي تقضي فيه ربة البيت جلّ وقتها في تحضير مختلف الأطباق.
من بين التحضيرات التي تقوم بها المرأة البليدية، مثل باقي نساء الوطن، قبل حلول شهر شعبان تحديدا حسب المتحدثة، هو شراء قدر الفخار الذي يعد تقليدا لابد منه، لأن سرّ البنة في شربة رمضان لا يخرج عن عنصرين هامين وهما: قدر الفخار وحسن اختيار التوابل العطرية، مشيرة إلى أنه فيما يتعلق بالتوابل فإن المرأة البليدية تقتنيها في مادتها الخام أي أنها لا تشتري المطحونة وإنما تقوم بطحنها في منزلها، خاصة وأن بعض الأنواع التي تباع مطحونة يشتبه في كونها مخلوطة وتفقد نكهتها، إلى جانب تغيير غطاء الطاولة واقتناء أو خياطة ما يسمى بـ"التروسو" الخاص بالمطبخ، لافتتا بالمناسبة إلى أن المرأة البليدية خاصة في الأحياء الشعبية مثل حي الدويرات لا تزال تحرص كل الحرص على إحياء العادات القديمة المرتبطة بالتحضير لشهر رمضان بما فيها حمام شعبان الذي يأتي قبيل استقبال الشهر الفضيل.
من جهتها، أشارت مواطنة أخرى، إلى أن الاهتمام بتنظيف المنزل أمر مفروغ منه، حيث يتم على الأقل إعادة طلاء جانب من المنزل خاصة المطبخ ووسط الدار إن كان المنزل من البيوت القديمة، بعدها تتوجه إلى السوق لاختيار عدد من التوابل ذات النكهة القوية، حيث يتم شراؤها ودرسها وحفظها في علب مغلقة، وتحضير الحمص وتخزينه وتجهيز "المقطفة"، إذ أن بعض البليديات يقمن بتحضيرها منزليا، وأخريات يقمن بشرائها من سوق "بلاصة العرب"، مؤكدة أن العائلات البليدية تفضل شوربة المقطفة، ومختلف أنواع الزيتون الذي تحب الكثيرات تحضيرها في المنزل وتخزينها، لافتتا إلى أن ربة البيت البليدية تعرف أيضا بالحلويات المعسلة حيث تقتني ما تحتاجه من مكسرات مثل الجوز واللوز لتحضير المحنشة و الصامصة.
.. وأخريات يستنجدن بخدمات التنظيف المنزلي
وفي الوقت الذي اختارت فيه بعض النسوة الاعتماد على أنفسهن في تنظيف منازلهن تحسبا للشهر الفضيل، فإن أخريات وخاصة العاملات منهن قررن الاستنجاد بخدمات التنظيف المنزلية، والتي تعتبر من المهن التي ظهرت في السنوات الأخيرة ولقيت إقبالا كبيرا عليها، لاسيما من قبل العاملات اللواتي لا يملكن الوقت الكافي للقيام بتنظيف المنزل، وهو ما جاء على لسان السيدة "عائشة. ع" التي أكدت في معرض حديثها، أن لديها منزلا كبيرا ولا تملك الوقت الكافي للقيام بتنظيفه بالنظر إلى ارتباطها بالعمل، لذا قررت التواصل مع بعض المؤسسات التي تقوم بخدمات التنظيف المنزلي مقابل مبالغ مالية معقولة، مشيرة إلى أن عملية التنظيف تتمثل في تنظيف الجدران والأرضية وإزالة كل الغبار، معربة عن استحسانها لمثل هذه الخدمات خاصة وأن من يقوم بها هنّ نساء.
تواصلت "المساء" مع واحدة من مؤسسات التنظيف المنزلية، إذ أوضحت ممثلة المؤسسة بأن الطلب كبير على خدماتها منذ حلول شهر شعبان، حيث تقدم الخدمة بعد الحصول على موعد وبناء على طلب المعنية، إن كانت ترغب في فريق عمل أو عاملة واحدة، وحسبها فإن الأسعار تختلف حسب مكان المنزل وعدد العاملات، وتقدر التسعيرة من التاسعة صباحا إلى غاية الرابعة مساء بـ5 آلاف دج عن خدمة التنظيف التي تقدمها العاملة الواحدة، مشيرة إلى أن الطلب كبير خاصة في المدن الكبرى مثل العاصمة كون أن أغلب النساء عاملات، فيما أقدمت مؤسسات تنظيف أخرى عبر صفحاتها على منصات التواصل الاجتماعي على تقديم تخفيضات حول خدماتها بمناسبة حلول شهر شعبان لتحفيز النساء على طلب الخدمة.