الأخصائية النفسانية سميرة بعداش لـ«المساء»:
التحضير النفسي الجيد لطالب يجنبه شبح الخوف من البكالوريا
- 14776
تعلن الأسر الجزائرية التي يستعد أبناؤها لاجتياز امتحان شهادة البكالوريا حالة طوارئ، حيث يتعرض الكثير من الطلبة في تلك المرحلة إلى ضغط نفسي، خصوصا هؤلاء الذين واجهوا صعوبات في الفصلين الأول والثاني، ومع اقتراب الموعد يشعر الطالب بالكثير من التوتر والقلق اللذان يؤثران على استعداده المعرفي وعلى المراجعة الجيدة. وحول كيفية الاستعداد النفسي للامتحانات النهائية ودور الأولياء في تحفيز الطالب وتهيئة المناخ المناسب له، تحدثت "المساء" إلى الأخصائية النفسانية بمستشفى "زيغود يوسف" في قسنطينة، سميرة بعداش، وكان لنا معها هذا الحوار.
- مع اقتراب الإمتحانات النهائية، يزيد الضغط نفسي على الطالب، ما تعليقك؟
— لابد أن نعرف أن القلق حالة نفسية فيزيولوجية تجتمع فيها بعض العناصر الحسية مع تغيرات في السلوك، وتشكل حالة من عدم الارتياح والخوف والتوتر، وهي حالة تحدث مع أي فرد عند مواجهة أمر قد يحدث له في المستقبل، وإن زادت مستوياته يتحوًل إلى قلق مرضي، وهذا ما يفسر حالات الإغماء التي يصاب بها الطلاب قبل وأثناء الإمتحان، مصحوب بصداع، إلى جانب حالات من الهستيريا الناتجة عن القلق والخوف. أما عن أسباب قلق الطالب فمرجعها النتائج المسجلة في الفصلين الأولين، فهي تؤثر على نفسيته، هذا فضلا على تصرًفات بعض الأولياء الذين دون وعي يسيئون لنفسية أطفالهم المقبلين على اجتياز الاختبارات بمقارنتهم مع أقرانهم المتفوقين، الأمر الذي يحبطهم ويجعلهم يفقدون الثقة في النفس. كما أن بعض الأولياء يمنعون أبناءهم من الراحة، فكلما توقفوا عن الدراسة عاتبوهم واتهموهم بالتقصير، وهذا أيضا يؤثر على نفسيتهم. كما أشارت المتحدثة إلى مشكل آخر، وهو الإفراط في شرب المنبهات كالشاي والقهوة، مما يزيد من نسبة القلق والتوتر.
- في رأيكم، كيف ينبغي أن يتصرف الطالب خلال مرحلة ما قبل الإختبار؟ وما هو دور الأسرة؟
— لابد أن تكون مراجعة كل المواد من بداية السنة، والنوم المريح وعدم السهر الذي يؤدي إلى الإرهاق والتوتر، كذلك قراءة القرآن، لأن فيه راحة للنفوس والأبدان ويبعد القلق والتوتر، بالإضافة إلى ممارسة الأنشطة الرياضية الخفيفة لأن العقل السليم في الجسم السليم. أما عن دور الأسرة، فهو مهم في تحفيز الطالب وتهيئته وتعزيز الثقة بالنفس، ورفع معنوياته وإقناعه بأهمية نجاحه، مما يخلق جوا دراسيا مريحا وهادئا بعيدا عن التوتر، مع طمأنته بأن البكالوريا ليست شبحا يصعب مواجهته.
- بعض التلاميذ يحضرون للامتحانات، غير أن شبح النسيان يطاردهم، فما هو الحل؟
— المراجعة الجيدة والمنتظمة منذ بداية السنة وبصفة مستمرة، مع التركيز والفهم والاعتماد على المهارات الذاتية بتوظيف الذاكرة السمعية والبصرية والحسية وتكرار الحفظ مع الفهم بصفة مستمرة، يجعل تلاشي المعلومات من الذاكرة مستحيلا، بالتالي النسيان الذي قد يشعر به الطالب يكون وهما مؤقتا، لأن المعلومات مخزنة في العقل الباطن، وبمجرد قراءة الأسئلة تتداعى الأفكار والمعلومات المخزنة بشكل تلقائي. أما فيما يخص النسيان الدائم، فهو راجع إلى عدم التركيز والمراجعة غير المنتظمة ودون فهم؛ يعني المراجعة السطحية وترك الدروس تتراكم إلى غاية موعد الامتحان، مما يجعل الطالب يراجع بشكل عشوائي دون نظام، فتتلاشى المعلومة بسهولة وتختفي.
- كيف نجعل المقبل على الإمتحان يستعد نفسيا؟
— تدريب الطالب على التحصين التصوري ضد القلق بأن يعيش المواقف المثيرة في خياله، بعرض ـ مثلا ـ أفلام وفيديوهات ومواقف حية يشاهد الطالب خلالها كيف يتصرًف بشكل طبيعي يوم الامتحان، تدريب الطلاب الذين يعانون من الخوف والقلق والتوتر على الاسترخاء النفسي العميق بتخيًل صور مريحة للعقل والجسم، والاسترخاء العضلي، بممارسة تمارين رياضية خفيفة، تعزيز الثقة بالنفس، تجنب شرب المنبهات كالقهوة والشاي والنوم المريح ليلا.
- هل تحفيز الأبناء على شرب بعض المهدءات لتجاوز الإمتحانات مفيد لهم؟
— أنصح الأولياء بعدم منح المهدءات لأبنائهم، لما لها من آثار سلبية على النشاط العقلي، لأنها تؤدي إلى النسيان وتؤثر على الذاكرة بشكل ملحوظ، كما تؤثر سلبا على نفسية الطالب في المستقبل، لأنها تزيل أعراض التوتر بصفة مؤقتة وليست دائمة وتؤثر على التحصيل العلمي لدى الطالب.
- عادة المواد العلمية يتفوق فيها الذكور، بينما تتفوق الإناث في المواد الأدبية، فما رأيكم في ذلك؟
— حقيقة، الذكور لديهم ذكاء مجرد أكثر من الإناث، وقدرات فائقة على الفهم وسرعة الإدراك، كما يمتازون بقدرات عالية ومهارات بالفطرة، لذا نراهم ناجحين في المواد التقنية كالرياضيات، الفيزياء، الهندسة وغيرها من المواد العلمية، على عكس المواد الأدبية التي يستلزم حفظها، بينما تلجأ الإناث إلى الحفظ والمثابرة، ونجد أن ميولهن أدبية أكثر مما هي علمية، عكس الذكور، لأن مهارات الذكور تكمن في التصور البصري والقدرة على استقبال الصور المجردة والتفكير فيها، وما تتضمنه من ألوان وخطوط ورسومات، أما الإناث فيعتمدن أكثر على الذاكرة الحسية والسمعية التي تعتمد على الحفظ.
- في السنوات الأخيرة نسبة النجاح عند الإناث أكثر من الذكور، ما تفسيرك ؟
— السبب راجع إلى عامل اجتماعي، لأن الإناث خصوصا في العالم العربي تفرض عليهن قيود اجتماعية كثيرة، منها عدم السماح لهن بالاشتراك في النوادي الرسمية والألعاب الرياضية بخلاف الذكور، لهذا لا يجدن أمامهن إلا الانغماس في الدراسة والاجتهاد والسعي للحصول على أعلى الدرجات، دون أن ننسى التكوين الفيزيولوجي للأنثى المرتبط بالغيرة والطموح والتي تلعب دورا مهما في النجاح والمثابرة. كما أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية عند بعض الأسر تكون عاملا في تفوق الإناث على الذكور، كون البنت تشعر منذ الصغر بروح المسؤولية والمواظبة على التعلم لإنقاد عائلتها، فالأنثى لها طبيعة فطرية وعاطفة مرهفة تمكنها من استشعار الخطر المحدق، ثم أن التسرب المدرسي للذكور والتوجه إلى الميدان العملي والمهني جعل أيضا الإناث يتفوقن في الدراسة على الذكور.