الخبير الدولي في التخطيط الإستراتيجي الأستاذ فاتح لشهب لـ»المساء»:

التخطيط المحكم من دعائم الأمم الناجحة

التخطيط المحكم من دعائم الأمم الناجحة
  • 2230
نادية شنيوني نادية شنيوني

حاصل على ليسانس إعلام آلي وماستر في الرياضيات، كاتب وصحفي بمجلة «أبعاد»، حاصل على شهادة الخبرة الدولية في التخطيط الإستراتيجي من طرف  العالم الأمريكي «روبرت برادفورت»، بمعهد «ميديكس انترناشيونال للتدريب والأبحاث» بالعاصمة القطرية الدوحة. يعد من أبرز الأدمغة في مجال التخطيط الإستراتيجي عالميا، هو المخطط الإستراتيجي الفعلي لشركة «ديزني لاند» العالمية وعميد المخططين لوكالة «ناسا» الفضائية بالولايات المتحدة الأمريكية، الشاب الجزائري «فاتح لشهب» ابن مدينة برج بوعريريج وصاحب الـ25 ربيعا، الخبير الدولي والمستشار في شركة «تالنتس أنترناشيونال» والمدرب الدولي في برنامج القيادة بالكاريزما بمعهد «ميدكس أنترناشيونال» للتطوير والأبحاث المقيم بالدوحة، هو ضيف جريدة «المساء» الذي أخدنا الفضول للغوص في عمق شخصيته التي اختارت مجالا يعد من أصعب المجالات عالميا، وقد حدثنا عن أسس التخطيط الإستراتيجي الناجح وكيفية التدريب والتأهيل لمنح المشورة في  هذا المجال، وعن سر نجاحه في الميدان كان لنا مع الأستاذ «فاتح لشهب» هذا الحوار.

أول وأصغر خبير دولي جزائري في التخطيط الإستراتيجي بالمهجر، ما المؤهلات الذهنية التي مكنتك من تبوء هذه المكانة بتوثيق وشهادة من أكبر المخططين الإستراتيجيين الأمريكيين، الذين يعدون الأقوى والأكثر خبرة في هذا المجال الهام؟

أولا الفضل كله يرجع إلى الله عز وجل، فمنذ الصغر وأنا أبحث عن سبيل يجعلني فردا فعالا ومميزا في مجتمعي خاصة وفي العالم عامة، بحثت عن شغفي وأدركته لما كنت أزاول دراستي الجامعية في كلية الرياضيات والإعلام الآلي، ووجدت هذا المجال «الأرقام والبرمجة» علما قويا جدا وأداة رائعة تساهم في تطوير المجتمعات، وبحكم دراستي وتخصصي في البحث العملياتي، وهو تخصص لتسيير المؤسسات، هدفه تحقيق أفضل النتائج وتحسينها، قررت أن أطور ذاتي وأواصل في هذا المجال بالتفرغ للتعلم أكثر وصقل مهاراتي وخبراتي، بفضل ما جادت به أدمغة، علماء وخبراء مختصين ذوي كفاءة عالية في مجال التخطيط الإستراتيجي، وهذا ما حصل فعلا بفضل الله عز وجل واجتهادي، حيث درست بمعهد «ميديكس أنترناشونال للتدريب والأبحاث»، و تدرّبت على يد الخبير العالمي روبرت برادفورد رئيس مركز التخطيط الإستراتيجي المبسط، ومخطط شركة «ديزني لاند» العملاقة ووكالة «ناسا» الفضائية، رغم صعوبة المادة العلمية وتركيزها العالي، إلا أن الشغف والإصرار يصنعان المستحيل.

كيف استطعت الاندماج وإظهار قدراتك في مجال حساس، وهو التخطيط الإستراتيجي في مجتمع غربي براغماتي، قلّما يمنح الأجانب التمكّن والبروز في مجال التخطيط الإستراتيجي تحديدا؟ وصراحة، هل هناك استغلال لطاقاتك الإبداعية من طرف جهات ما؟

كما ذكرت قبل قليل، تخصصي الجامعي ساعدني كثيرا على فهم هذا المجال ودخوله من أوسع أبوابه، إضافة إلى أن هذا المجال هو عشقي وشغفي، وعندما تجعل من شيء معين شغفك فإنك ستبذل قصارى جهدك وطاقتك وتركيزك للوصول إلي هدفك مهما ابتعد وصعب، وهذا ما حصل معي بتوفيق من الله عز وجل، ومن الدوافع المشجعة على نيل المبتغى هو أن البلد الذي أقيم فيه حاليا يقدّر علمك وخبرتك لا جنسيتك وسنك، أما بالنسبة لاستغلال الطاقة والإبداع فله معنيين؛ إيجابي وسلبي، فأما الإيجابي أن يتم تبادل المنفعة وهذا هو الواقع والحاصل الآن، أما السلبي فجعلت منه أكثر إيجابية بإعطاء دروس وورش ودورات مجانية زكاة للعلم، ومن مبدأ إسلامي جميل وهو: «أعوذ بالله من علم لا ينفع»، وهذا ما أفعله حاليا مع الجالية الجزائرية المقيمة في قطر من خلال الدورات المجانية التي أقدّمها لهم، بالتنسيق مع مجموعة الجالية الجزائرية في قطر.

كخبير اقتصادي، كيف يمكن لأي فرد بسيط وضع خطط إستراتيجية ناجحة، محكمة لحياته المستقبلية؟

المفهوم البسيط للتخطيط الإستراتيجي هو أن تعرف أين أنت؟ وإلى أين أنت ذاهب؟ وكيف تتعامل مع البيئة التي توجد بين المكانين؟ فأهم شيء أن يعرف الشخص نفسه وقدراته ونقاط قوته ونقاط ضعفه ويحدّد هدفه الحقيقي الذي يجب أن يكون سهل التحديد، ومقاسا ومنطقيا ومحددا بمدة، ولديه ردة فعل على واقع الشخص نفسه؟ وأن يرى الطريق من الأعلى نظرة شاملة؟ وفي حالة وجود صعوبة في تحديد الهدف، فلا مانع أن يشارك أصحاب الخبرات والعارفون بالمجال، تبعا لقوله عز وجل: «وأمرهم شورى بينهم» و قال أيضا «واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون». الهدف الذي لا يتطلب جهدا ومالا ووقتا وتعبا لا يعتبر هدفا أساسيا و لا يجب إعطاءه الأولوية والحديث عن التخطيط الإستراتيجي الشخصي، يطول كونه يمسّ عدة جوانب مهمة كالجانب المهني، الاجتماعي، الصحي، الروحي، وغيرها من الجوانب الهامة والحساسة، يبقى التخطيط الإستراتيجي المحكم أساسي لبلوغ الهدف والنجاح ..

ما الفرق بين التخطيط الإستراتيجي والتخطيط الإستراتيجي المبسط بصفتك خبيرا؟

التخطيط الإستراتيجي عادة ما يتطلب عمليات دقيقة جدا ومعقدة ومتابعة دورية مكثّفة لمعرفة النتائج، مما جعل الكثير من الشركات تتجنّبه وهذا ما لاحظه الخبير روبرت برادفور، وعليه ابتكر ما يسمى حاليا بالتخطيط الاستراتيجي المبسط، الذي يحمل كل أساسيات التخطيط الاستراتيجي، لكن بطريقة سهلة مبسّطة ويمكن لأي شخص أو مؤسسة تبنيه والعمل به ونتائجه كانت مبهرة، خاصة مع الشركات التي تعامل معها الخبير روبرت والتي كانت تحقق 30 بالمائة من أهدافها لتصعد النسبة من 80 إلى 90 بالمائة. 

النضج والوعي والممارسة يكوّنان الخبرة والخبرة تجلب التحكم في مجال ما، والتحكّم يقود بعدها إلى القدرة على منح الاستشارة والتدريب في مجال التخصص، كلها محطات اجتزتها رغم صغر سنّك وبتفوق، بشهادة خبراء أجانب أكفاء ذاع صيتهم في الميدان؟ فهل من شهادة اعتراف أخرى من بلدك (الجزائر)؟

كلامك صحيح جدا، الكثير ممن يملكون علوما ومهارات عاجزون عن نقلها لتمكين الآخرين من اكتسابها ـ للأسف ـ، لهذا وبفضل من الله عز وجل، ثم معهد «ميدكس أنترناشيونال للتدريب والأبحاث»، تدرّبت وأتقنت مهارات العرض والتقديم على يدي متحدثين بارعين، هما الدكتور أيمن كامل والدكتور مصطفى كامل مدة ثلاثة أشهر تقريبا، بالإضافة إلى أنه كان يجب علي تعلم الكاريزما للتأثير على الجمهور وتحبيبهم في المجال، فأخذت دورة كاملة عند الخبير العالمي كيرت مورتنسن صاحب كتاب «قوانين الكاريزما»، والذي اعتمدني بعدها كمدرب ومستشار دولي في المادة، وبالرجوع إلى سؤالك؛ هل من شهادات اعتراف في بلدي؟ أجيب: كثير من المدربين والمراكز التدريبية في الجزائر هنئوني وشجعوني وهم في انتظار عودتي إلى أرض الوطن لتقديم بعض المحاضرات والورش، إن شاء الله.

مدرب للقيادة بالكاريزما وجاذبية الشخصية؟ فمن هي الفئة التي تلجأ عادة لمثل هذه الدورات التدريبية؟ بحكم أن القيادة والتواجد في منصب القائد لا يصلح عادة لكل من هب ودب، إذ لا بد من مميزات خاصة قد لا تتوفر في كل الناس؟

ليس شرطا أن يكون الشخص في قمة المناصب ليقال عنه قائدا، فوسط مجموعة من الأصدقاء يوجد

قائدا وفي البيت يوجد قائدا أيضا الأب أو الأم إذا غاب الأب، وفي كل مكان يوجد ذلك الشخص المؤثر وصاحب القرارات الحاسمة  الذي يعتبر قائدا حتى وإن لم يملك سلطة عليهم؟ فالقائد الكاريزمي هو ذاك الشخص الذي يبعث الطاقة الإيجابية والقوة والتفاؤل إلى نفوس من حوله، هو ذلك الشخص الذي يمّكن الآخرين إذا علمهم، فيقومون بما طلبه منهم عن حب وقناعة ولا يكتفون بهذا فحسب، بل يشجّعون الناس على القيام بما طلبه منهم أيضا، فلو كان الأب والأم والمعلم والمدير والصديق والزميل والزوج قادة كاريزميين، ماذا سيحصل؟ أكيد ستسير الأمور للأفضل، والكاريزما مجموعة أدوات البعض منها المكتسب والبعض الآخر يمكن تعلّمه.

كخبير دولي في التخطيط الإستراتيجي، هل من تفكير قائم في خطة إستراتيجية محكمة من شأنها إعادة الأدمغة المهاجرة لبلادها؟

صحيح أن الأدمغة المهاجرة تأسّست وتكونت في الجزائر، لكن خوضها تجارب خارج الوطن صقل مهاراتها وطوّر إمكانياتها وزاد في خبرتها، بفضل احتكاكها مع خبرات مختلفة من جنسيات متعددة، وهذا ما سيعود بفائدة أكبر على الوطن إذا اهتّم المسؤولون بهم ويسروا لهم الأمور لنقل خبراتهم، ودعموهم مثلما تدعمهم الدول الأجنبية التي احتضنتهم ودعّمتهم وشجعتهم وأوصلتهم إلى النجاح.

 

حاورته: نادية شنيوني