الصدمات النفسية وراء انحراف المراهق

التواصل والحوار سبيلا الأولياء لحماية أبنائهم

التواصل والحوار سبيلا الأولياء لحماية أبنائهم
  • 2265

أكدت الأخصائية النفسانية أ. شتوي في حديثها إلى "المساء"، أن السبب وراء انحراف المراهق ومعاناته من أزمة هوية، هو الصدمات النفسية التي لم تعالج من قبل، حيث تبقى علامة استفهام في ذهنه لم يتقبلها في صغره، وهذه الصدمة تكبر معه، مضيفة أن مرحلة المراهقة تُعدّ أصعب مرحلة يمر بها الإنسان، ويخضع خلالها لعدة تحولات بسيكولوجية واجتماعية، موضحة أن من بين أهم الأمور التي تبرز خلال هذه المرحلة، الإحساس بالذات، ومحاولة فرض الذات وشخصيته، وفي فترة بلوغه وزيادة هرموناته يبدأ بالبحث عن جماعة الرفاق لملء الفراغ العاطفي الذي يعاني منه.

أشارت المختصة إلى أن المراهق يتقمص ثلاثة أدوار، هي الدور المثالي؛ أي أنه ذلك الابن النجيب والناجح في دراسته والعبقري، والدور القيادي، وهو حب التسلط. أما الدور الأخير فهو الشخص الذي يحب الخير للجميع، مشيرة إلى أن المراهق في فترة طفولته يعيش في دور التقمص بما يعني أنّ تكوين شخصيته يرجع إلى طفولته، فإذا كان الأب عصبيا فتنطبع على المراهق العصبية، أما إذا كان معنفا فتتكوّن لديه شخصية معنّفة، ونفس الشيء عند البنات المراهقات اللواتي تتكوّن شخصيتهن عن شخصية أمهاتهن؛ إذ نجد البنت دائما تتقمص دور الأم من خلال تربية الدمى.

وأوضحت الأخصائية أن المراهق يبحث عن مكان ليفرغ الصدمات النفسية التي هي عبارة عن مكبوتات، فيجد جماعة الرفاق التي تفتح له ذراعيها لتنقصها عنه، والتي يسهل عليها التأثير عليه، خاصة إذا كان صغيرا في السن ولم يكتمل بناؤه النفسي، فعند رؤيتهم يحملون السجائر ينتابه فضول التجربة والاستطلاع بدافع"الرجولة" وإثبات الذات، خصوصا عندما يبدأ جسمه في التطور حتى يجد نفسه في دوامة الإدمان، من ثم تصبح علب السجائر لا تجدي نفعا معه، فيبحث عما هو جديد وفعال، والذي هو المخدرات، مشيرة إلى أن أغلب المدمنين سبب إدمانهم الفضول ورفقاء السوء.

الأسرة المتسبّب الأول في انحراف المراهق

أكدت الأخصائية أ. شتوي أن الأسرة تلعب دورا كبيرا في حماية أبنائها أو فتح باب الانحراف أمامهم، مشيرة إلى أن التفتح المفرط والتدليل الزائد للمراهق وتوفير كل شيء من مال وثقة زائدة، يجعله يحصل بسهولة على السجائر وكل أنواع المخدرات والمهلوسات، مضيفة أن التقيد الزائد والقسوة يجعلان المراهق يفقد شخصيته وثقته بنفسه، فيبحث عن جماعات لتفريغ الأشياء التي لم يسمح له أولياؤه بفعلها وتجريب كل ما مُنع عنه، وبذلك يسلك طريق الانحراف بدون أن يحس، وتصبح هنا الأسرة المسؤولة عن ذلك، مضيفة أن المراهق في الحالة التي يصبح فيها مدمن مخدرات، يصير عدوانيا مع أسرته قبل أن يكون عدوانيا مع الآخرين.

نقل المشاكل إلى المدرسة يزيد في الانحراف

أوضحت الأخصائية النفسانية أن في السابق كان الأستاذ يعرف طينة كل تلميذ عنده في القسم ويلاحظ كل تغيير يطرأ عليه،  فإما أن يتداركه ويستفسر أسبابه من التلميذ أو أن يستدعي ولي أمره، لكن الآن أصبح الطفل يقضي وقتا طويلا في الشارع الذي يتبناه بكل سلبياته، مضيفة أن الأساتذة أصبحوا ينقلون مشاكلهم الشخصية إلى القسم، لتزيد التلميذ مللا من الدراسة، ومنه التراجع في التحصيل الدراسي وحب الشارع، وبذلك اختياره التسكع على الدراسة. وفي نفس السياق، تضيف الأخصائية، أن الأساتذة الذين يدخنون أمام تلاميذهم يؤثرون على سلوكهم بشكل سلبي، لأنّ الأستاذ يُعتبر قدوة للتلاميذ؛ فتجدهم يقلّدون سلوكاته سواء كانت سلبية أو إيجابية.

التواصل والحوار سبيلا حماية الأبناء

تنصح الأخصائية النفسانية بدورها الأولياء بتعزيز التحاور بينهم أولا، وبالتوازن في التعامل بينهم وبين الأبناء وتعويدهم على الاجتماع على مائدة واحدة لتبادل الحوارات والاستماع إلى الأبناء، وإعطاء المراهق حقه من الحنان، حيث أكدت المتحدثة أن المراهق في هذه الفترة يكون أكثر حنانا، وبذلك يحتاج إلى حنان متبادَل. كما نبّهت إلى تعزيز الوازع الديني بالحرص على تعليم الصلاة وأصول الدين للأبناء، مؤكدة على تدريس الأبناء في المدارس القرآنية عوض الروضة التي أصبحت تقوم بمهام الأولياء الذين لا يرون أبناءهم حتى المساء، وبذلك يخلقون فراغا عاطفيا عند الطفل، يكبر معه حتى فترة المراهقة، ويعود عليه بما لا يُحمد عقباه، مضيفة إلى ذلك مشاركة المراهقين ومساعدتهم في اختيار أصدقاء جيدين ذوي سلوكات حميدة، ومساعدتهم على تفريغ طاقتهم في مجالات إيجابية متنوعة، مثل ممارسة النشاطات المختلفة والمفيدة. كما تنصح الأولياء في حال تورط المراهق في التدخين أو تعاطي الكحول أو المخدرات، بأن يكون هناك تدخل سريع لكل من الأسرة والمدرسة لمواجهة ذلك والتخلص منه، من خلال الاتصال بذوي الاختصاص وطلب المشورة والتدخل وعدم التردد في ذلك خوفا من كلام المجتمع، مؤكدة أن مصلحة الابن المراهق وصحته هي الأهم. وأضافت المختصة أن عند البدء في الإرشاد والعلاج يجب أن يكون للأسرة دور أساس وفعال في تشجيع ابنها على مواصلة العلاج ودعمه نفسيا واجتماعيا، وكذلك التدخل لحل مشاكله التي كانت سببا في انحراف سلوكاته.

 

إيمان نذير