البليديون يحيون عاشوراء في أجواء عائلية وتضامنية

الصيام وإخراج الزكاة وإحياء بعض العادات

الصيام وإخراج الزكاة وإحياء بعض العادات
  • القراءات: 415 مرات
رشيدة بلال رشيدة بلال

تعتبر العائلات البليدية المناسبات الدينية، فرصة لإحياء بعض العادات والتقاليد المتوارثة، فإلى جانب الحرص على صيام يوم التاسع والعاشر من محرم، إحياء لسنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم، يتم أيضا إحياء بعض المعتقدات، التي حتى وإن اعتبرها الأئمة في المساجد من البدع المحدثة، إلا أنها تعتبر جزء من عادات مجتمع، لا يزال متمسكا بها.
وحول طريقة الاحتفال، وأهم العادات التي تحرص عليها العائلات البليدية، تحدثت "المساء" مع المهتمة بالتراث البليدي، السيدة نادية بن يوسف، رئيسة جمعية "صناعة الغد" لولاية البليدة حول المناسبة.
قالت السيدة نادية بن يوسف، رئيسة جمعية "صناعة الغد" لولاية البليدة، في بداية حديثها، بأن "المجتمع البليدي، مثل غيره بباقي ولايات الوطن، يولي أهمية كبيرة للاحتفال بالمناسبات الدينية، فمثلا بالنسبة للتاسع والعاشر من شهر محرم، فإن أول ما يتم الحرص عليه، هو الصيام"، وذكرت أنه فيما مضى، كان الأغلبية يصومون التاسع فقط، ولكن مع الوعي الديني والدور الذي يقوم به الائمة عبر المساجد، حول كل ما يتعلق بالأمور الدينية، أيقن المجتمع البليدي بأن الصيام لا يقتصر على اليوم التاسع فقط، وإنما يجب مخالفة اليهود  بالصيام يوم التاسع والعاشر أو العاشر والحادي عشر، بالنظر إلى عظمة هذا اليوم الذي أنقذ فيه المولى عز وجل، موسى عليه السلام، من بطش فرعون"، وقالت: "نجد الكثيرين يصومن في المجتمع البليدي، بما في ذلك الشباب وحتى بعض الأطفال".

إخراج الزكاة وقص الشعر والاكتحال... عادات راسخة

من أهم العادات التي لا تزال تحرص عليها العائلات البليدية، عند الاحتفال بعاشوراء؛ اللمة العائلية، حيث يتم الاجتماع في العائلة الكبيرة وتحضير وجبة عشاء للمناسبة، أكدت المتحدثة أنه عادة ما يتم تحضير إما طبق "الرشتة" أو الكسكسي، ويقدم منه للعائلات الفقيرة، كنوع من الصدقة والتضامن مع المحتاجين، أما بالنسبة للحلويات، فيتم تحضير تلك التي تعد من العجين، مثل "الخفاف" أو ما يعرف بـ"السفنج"، أو المسمن، ولعل من أهم العادات التي لا تزال راسخة في المجتمع البليدي، رغم أن الأئمة في المساجد، أكدوا أنه لا علاقة لها بإحياء عاشوراء، حسب المتحدثة، "عادة قص الشعر اعتقادا منهم أن ذلك يساعد على إطالة الشعر، إن تم قصه في هذه المناسبة الدينية، إلى جانب الاكتحال"، وأردفت المختصة في هذا الشأن: "فيما مضى، كان لكل فتاة مكحلة تقليدية خاصة بها، حيث تكتحل بها في اليوم التاسع من عاشوراء، وهي، حسبها، علامة من علامات الفرح"، مشيرة إلى أنه على الرغم من تراجع هذه الطقوس، إلا أن كبار السن من النساء لا يزلن يحيين هذه العادة ،بالحرص على الاكتحال وجمع البنات لقص شعورهن وتخضيب أياديهن بالحناء، تعبيرا على الفرح بهذا اليوم العظيم، الذي نجى فيه الله موسى عليه السلام من فرعون. من جهة أخرى، أوضحت المهتمة بالتراث البليدي، أن بعض العادات التي كانت العائلات البليدية أيضا تحرص عليها عند الاحتفال بعاشوراء والتي تراجعت بفعل الغلاء؛ ذبح أضحية وإقامة مأدبة عشاء، لكن في السنوات الأخيرة، أصبح البعض يتجه إلى سوق "بلاصة العرب" من أجل اقتناء "دجاج العرب" وذبحه في المنزل، وتحضير وجبة تقليدية، وحسبها، فإن هذه المناسبة الدينية تحمل أيضا بعض الخرافات، التي لم تعد تمارس بالنظر إلى الوعي الديني، فمثلا تقول: "كان يمنع ضرب الأطفال في عاشوراء، وهي من الخرافات التي تخلى عنها الأغلبية".
على الرغم من أن إخراج الزكاة غير مرتبط بالعاشر من محرم، حسب ما أشار إليه عدد من الأئمة ورجال الدين، قالت رئيسة جمعية "صناعة الغد"، إلا أن العادة اقتضت منذ القدم، ربط الزكاة بيوم عاشوراء، بل واتخذت تسميتها منه، حيث يقال "العواشر"، وحسبها، فإن ارتباط الزكاة بهذا اليوم راجع إلى كون المجتمع الجزائري عموما، فيما مضى، كان لا يعرف التقويم جيدا، وحتى يؤدي هذا الواجب، كان يربط موعد إخراج الزكاة بعاشوراء، حتى لا يضيع المناسبة ويتذكرها، بالتالي كانت بمثابة الإشارة أو العلامة على حلول موعد إخراج الزكاة.