محمد بلمدور مؤرخ وباحث في التاريخ لـ’’المساء’’:
الغزو الثقافي أفقدنا حلاوة الاحتفال بعاشوراء
- 938
أرجع بلمدور تراجع الاهتمام بالمناسبات الدينية إلى تدني الوعي المجتمعي بكل ما هو ديني، بسبب شح اللقاءات الدينية على مستوى المساجد والمراكز الثقافية، الأمر الذي جعل بعض الأسر لا تعرف حتى أهمية الاحتفال بالمناسبات الدينية نظرا لكثرة انشغالها وقلة اهتمامها بما هو ديني، خاصة عند الفئة الشابة. وعند الحديث عن الاهتمام بالمناسبات الدينية، لابد من الرجوع إلى سكان القصبة بغية تسليط الضوء على الطريقة التي كانوا يحيون بها هذه الشعيرة الدينية، فالاحتفال بعاشوراء في الجزائر، على خلاف باقي الدول العربية في المشرق والمغرب، كان له صبغة خاصة كونها معروفة بالعدد الكبير من الزوايا التي كانت ولا تزال تبادر إلى الاهتمام بالاحتفالات، من خلال ذبح الكثير من الماشية وتوزيع لحومها كنوع من الصدقة في هذا اليوم المبارك.
والمعروف أن القصبة فيما مضى، كانت تعرف بالتنوع في الصناعات التقليدية، حيث كانت تأخذ الأحياء أسماء الصناعات، منها الحرير والحلي، وكانت تدر أرباحا على أصحابها، لهذا كان سكان الأحياء يجتمعون يوم عاشوراء ويتصدقون ببعض الأموال في صندوق مشترك، بعدها يجري شراء البقر والكباش لذبحها وتوزيعها على الفقراء، وهي خاصية كان يعرف بها سكان القصبة إحياء لهذه المناسبة الدينية المباركة، ويضيف محدثنا قائلا: «أغلب قاطني القصبة كانوا يقصدون المدرسة القرآنية بسيدي عبد الرحمان الثعالبي، وهو من كبار العلماء في فترة بني مزغنة، ونظرا لكثرة الوافدين إليها، وأغلبهم من المقيمين في مناطق خارج الجزائر العاصمة، كان يجري الاحتفال بعاشوراء على مدار 7 أيام كاملة، ليتسنى لعائلات الدارسين الالتحاق بأبنائهم وزيارتهم والاطلاع على المدرسة القرآنية، وكانت الذبائح يوم عاشوراء في زاوية سيدي عبد الرحمان تصل إلى 5 ثيران و40 كبشا، لذا كان ينظر إلى عاشوراء على أنه يوم ديني عظيم يتم فيه استرجاع العديد من الأحداث الدينية، ويجري تشبيع الطلبة بالدروس المحمدية.
ومن أهم ما كان يطبع يوم عاشوراء قديما في القصبة؛ أن يمتنع التجار في هذا اليوم بالذات عن قبض الفوائد، بمعنى أنهم يبيعون السلع بسعرها دون الحصول على هامش الربح، وهي ميزة لا نجدها اليوم، للأسف، وكان الغرض من ذلك، تمكين كل سكان القصبة العريقة من اقتناء مستلزماتهم، وهي نوع ـ أيضا ـ من الصدقة غير المباشرة».
إحياء يوم عاشوراء في منازل قاطني القصبة قديما كان له نكهة مميزة، فكما هو معروف، فإن العائلات الجزائرية قديما كانت كلها تقيم في مسكن واحد يتكون من الجد الأكبر والأبناء والأحفاد، وعند الاحتفال بمناسبة دينية معينة يلتف الجميع حول مائدة واحدة ويأكلون من «القصعة» التي تعبأ بالكسكسي المعد من «القديد» والمسقي بالعسل، والمزين بحبات البيض، ويعتبر من أكثر الأطباق الشعبية التقليدية التي كانت الأسر قديما تعدها احتفالا بالمناسبة، إلى جانب بعض الحلويات، ومنها «التشاراك المسكر» و«الطمينة» التي كانت تعد خصيصا في عاشوراء، حسب المؤرخ، ويضيف قائلا: «من ميزات الاحتفال بهذا اليوم العظيم أيضا، أن يرتدي سكان القصبة ثيابا جديدة يتم اقتناؤها خصيصا لهذه المناسبة، حتى تظل راسخة في الأذهان من خلال تذكر بعض الأمور البسيطة، إلى جانب التردد بكثرة على المساجد بغية الاستفادة من مختلف الدروس التي يتم إلقاؤها، للتأكيد على أهمية الاحتفال بهذا اليوم الذي نجى فيه الله سيدنا موسى عليه السلام، وأغرق فرعون وجنوده. كما تباشر خلالها المساجد إطعام الوافدين إليها وعابري السبيل من الأموال التي كانت تجمع في صندوق خاص، لإحياء المناسبات الدينية».
يقترن الاحتفال بعاشوراء، حسب المؤرخ بن مدور، بممارسة بعض الطقوس التي كانت تؤمن بها النساء الطاعنات في السن، حيث يبادرن إلى تطبيقها إيمانا منهن بإمكانية تحقيقها، مما تم توارثه من الأجداد، ومن بين هذه الطقوس، يقول؛ «التردد على القبور لزيارة الأموات، وبعد ذلك، يتم جلب إناء فيه ماء من عين المقبرة، ويتم شربه أو تنظيف عتبة الباب به، أو أن تضع البنت العذراء أساورها فيه ليلا وتشرب منه في صباح اليوم الموالي، أملا في زواجها، فيما تقوم بعض العازبات بقص جزء صغير من شعرهن وإخفائه، وتدعو الله أن يسهل زواجها، ويظل شعرها مخفيا إلى أن تتحقق أمنيتها، وهي حقيقة معتقدات تكشف عن بساطة سكان القصبة وتصديقهم لبعض الحكايات التي تم توارثها عن الأجداد وأثبتتها الكتب والبحوث التاريخية».
يقول المؤرخ بن مدور: «للأسف، مجتمعنا اليوم تغير وضيع الكثير من تقاليده الاحتفالية في المناسبات الدينية، بالتالي لابد على الجهات المعنية، وتحديدا وزارة الشؤون الدينية، أن تعيد الاعتبار للاحتفالات الدينية من خلال التكثيف من البرامج والأنشطة التثقيفية والدينية، لوقف الغزو الثقافي الذي أفقد الشباب اهتمامهم بكل ما له علاقة بالجانب الروحي».
والمعروف أن القصبة فيما مضى، كانت تعرف بالتنوع في الصناعات التقليدية، حيث كانت تأخذ الأحياء أسماء الصناعات، منها الحرير والحلي، وكانت تدر أرباحا على أصحابها، لهذا كان سكان الأحياء يجتمعون يوم عاشوراء ويتصدقون ببعض الأموال في صندوق مشترك، بعدها يجري شراء البقر والكباش لذبحها وتوزيعها على الفقراء، وهي خاصية كان يعرف بها سكان القصبة إحياء لهذه المناسبة الدينية المباركة، ويضيف محدثنا قائلا: «أغلب قاطني القصبة كانوا يقصدون المدرسة القرآنية بسيدي عبد الرحمان الثعالبي، وهو من كبار العلماء في فترة بني مزغنة، ونظرا لكثرة الوافدين إليها، وأغلبهم من المقيمين في مناطق خارج الجزائر العاصمة، كان يجري الاحتفال بعاشوراء على مدار 7 أيام كاملة، ليتسنى لعائلات الدارسين الالتحاق بأبنائهم وزيارتهم والاطلاع على المدرسة القرآنية، وكانت الذبائح يوم عاشوراء في زاوية سيدي عبد الرحمان تصل إلى 5 ثيران و40 كبشا، لذا كان ينظر إلى عاشوراء على أنه يوم ديني عظيم يتم فيه استرجاع العديد من الأحداث الدينية، ويجري تشبيع الطلبة بالدروس المحمدية.
ومن أهم ما كان يطبع يوم عاشوراء قديما في القصبة؛ أن يمتنع التجار في هذا اليوم بالذات عن قبض الفوائد، بمعنى أنهم يبيعون السلع بسعرها دون الحصول على هامش الربح، وهي ميزة لا نجدها اليوم، للأسف، وكان الغرض من ذلك، تمكين كل سكان القصبة العريقة من اقتناء مستلزماتهم، وهي نوع ـ أيضا ـ من الصدقة غير المباشرة».
إحياء يوم عاشوراء في منازل قاطني القصبة قديما كان له نكهة مميزة، فكما هو معروف، فإن العائلات الجزائرية قديما كانت كلها تقيم في مسكن واحد يتكون من الجد الأكبر والأبناء والأحفاد، وعند الاحتفال بمناسبة دينية معينة يلتف الجميع حول مائدة واحدة ويأكلون من «القصعة» التي تعبأ بالكسكسي المعد من «القديد» والمسقي بالعسل، والمزين بحبات البيض، ويعتبر من أكثر الأطباق الشعبية التقليدية التي كانت الأسر قديما تعدها احتفالا بالمناسبة، إلى جانب بعض الحلويات، ومنها «التشاراك المسكر» و«الطمينة» التي كانت تعد خصيصا في عاشوراء، حسب المؤرخ، ويضيف قائلا: «من ميزات الاحتفال بهذا اليوم العظيم أيضا، أن يرتدي سكان القصبة ثيابا جديدة يتم اقتناؤها خصيصا لهذه المناسبة، حتى تظل راسخة في الأذهان من خلال تذكر بعض الأمور البسيطة، إلى جانب التردد بكثرة على المساجد بغية الاستفادة من مختلف الدروس التي يتم إلقاؤها، للتأكيد على أهمية الاحتفال بهذا اليوم الذي نجى فيه الله سيدنا موسى عليه السلام، وأغرق فرعون وجنوده. كما تباشر خلالها المساجد إطعام الوافدين إليها وعابري السبيل من الأموال التي كانت تجمع في صندوق خاص، لإحياء المناسبات الدينية».
يقترن الاحتفال بعاشوراء، حسب المؤرخ بن مدور، بممارسة بعض الطقوس التي كانت تؤمن بها النساء الطاعنات في السن، حيث يبادرن إلى تطبيقها إيمانا منهن بإمكانية تحقيقها، مما تم توارثه من الأجداد، ومن بين هذه الطقوس، يقول؛ «التردد على القبور لزيارة الأموات، وبعد ذلك، يتم جلب إناء فيه ماء من عين المقبرة، ويتم شربه أو تنظيف عتبة الباب به، أو أن تضع البنت العذراء أساورها فيه ليلا وتشرب منه في صباح اليوم الموالي، أملا في زواجها، فيما تقوم بعض العازبات بقص جزء صغير من شعرهن وإخفائه، وتدعو الله أن يسهل زواجها، ويظل شعرها مخفيا إلى أن تتحقق أمنيتها، وهي حقيقة معتقدات تكشف عن بساطة سكان القصبة وتصديقهم لبعض الحكايات التي تم توارثها عن الأجداد وأثبتتها الكتب والبحوث التاريخية».
يقول المؤرخ بن مدور: «للأسف، مجتمعنا اليوم تغير وضيع الكثير من تقاليده الاحتفالية في المناسبات الدينية، بالتالي لابد على الجهات المعنية، وتحديدا وزارة الشؤون الدينية، أن تعيد الاعتبار للاحتفالات الدينية من خلال التكثيف من البرامج والأنشطة التثقيفية والدينية، لوقف الغزو الثقافي الذي أفقد الشباب اهتمامهم بكل ما له علاقة بالجانب الروحي».