سجلت التحاق 50 ألف تلميذ خلال عطلة الصيف

المدارس القرآنية بالبليدة بين التحفيظ والحماية من الآفات

المدارس القرآنية بالبليدة بين التحفيظ والحماية من الآفات
  • 176
رشيدة بلال رشيدة بلال

تحولت المدارس القرآنية بولاية البليدة، إلى وجهة مفضلة للأولياء، حيث يسارعون، بمجرد انتهاء الموسم الدراسي، إلى تسجيل أبنائهم في مختلف المدارس المنتشرة على مستوى مساجد الأحياء. يساهم هذا الإقبال في شغل أوقات فراغ الأطفال وحثهم على حفظ كتاب الله، وهو ما تعكسه الإحصائيات، إذ تم تسجيل ارتفاع كبير في عدد الوافدين على هذه المدارس، بلغ أكثر 50 ألف تلميذ إلى غاية بداية شهر جويلية، حسب مدير الشؤون الدينية، مراد براهيمي، مقارنة بالسنة الماضية، التي عرفت تسجيل 25 ألف تلميذ، أي بمعدل زيادة تقدر بـ100٪.

تُعرف ولاية البليدة، التي لطالما لُقبت بـ«مدينة العلماء"، بطابعها الديني المميز، إذ تحرص العائلات على تعليم أبنائها مختلف التعاليم الدينية، من خلال التحاقهم بالمساجد. ولا يقتصر الأمر على الذكور فقط، بل يشمل الإناث أيضًا، حيث تشهد المساجد توافد أعداد كبيرة من الأطفال من مختلف الشرائح العمرية، خاصة في الفترة الصباحية وبعد صلاة العصر، لتلقي التعليم بالطريقة التقليدية والجماعية، حيث يُطلب من كل طفل حفظ ما تيسر من القرآن الكريم، بينما يقتصر حضور الصغار على الاستماع.

وحسب تصريحات بعض الأولياء، فإن المدارس القرآنية تُعد من أهم الفضاءات التي تساعدهم على شغل أوقات فراغ أبنائهم، وتساهم في تربيتهم، خاصة في ظل غياب فضاءات لعب آمنة، وتزايد مخاطر الشارع. وتروي إحدى المواطنات من بلدية العفرون، أن المدرسة القرآنية أسهمت بشكل كبير، في رفع قدرات ابنها التعليمية، حيث تمكن من تعلم آلية الحفظ بعدما قضى سنوات في تعلم القرآن الكريم، معتبرة أن المدارس القرآنية تُعد ملاذًا تربويًا آمنًا، تجمع بين التربية الدينية وحماية الأطفال من مخاطر الشارع، في ظل قلة المرافق الجاذبة خلال العطلة.

من جانبه، أكد مدير الشؤون الدينية لولاية البليدة، مراد براهيمي، أن المديرية تولي اهتمامًا بالغًا للتعليم القرآني، لما له من دور في حماية المرجعية الدينية، والمساهمة في الوقاية من الآفات الاجتماعية والانحرافات السلوكية. وأشار إلى أن ولاية البليدة تُعتبر رائدة في مجال التعليم القرآني، وهو ما تعكسه الإحصائيات المتعلقة بعدد المدارس وأقسام التعليم القرآني، وكذا العدد الكبير للمسجلين سنويًا.

وأضاف أن ولاية البليدة تضم 76 مدرسة قرآنية، و205 قسم قرآني متصل بالمساجد، إلى جانب الحلقات القرآنية المنتظمة داخل المساجد. وقد بلغ عدد التلاميذ المسجلين في هذه المدارس، إلى غاية بداية شهر جويلية، أكثر من 50 ألف تلميذ، مقارنة بـ25 ألفا، السنة الماضية، أي بنسبة زيادة بلغت 100٪، وهو ما يُعبر عن حرص العائلات البليدية على تعليم أبنائها القرآن الكريم في مختلف المراحل العمرية.

أما بالنسبة لمتمدرسي فصول محو الأمية، فقد بلغ عددهم 2700 متمدرس من الذكور والإناث، فيما قدر عدد الخاتمين لكتاب الله، خلال السداسي الأول فقط، بـ84 حافظًا، منهم 50 طفلًا و34 فتاة. أما المجازون من هيئة الإقراء، فبلغ عددهم 27 مجازًا، يُشرف عليهم مجموعة من المؤطرين والمعلمين والمتطوعين، ويُقدر عدد المعلمين بـ73 معلم قرآن، وعدد المرشدات الدينيات بـ22 مرشدة، بينما يبلغ عدد المتطوعين المرخص لهم من طرف المديرية 433 متطوعًا.

ولا يمكن أن نغفل، يوضح المتحدث، دور هيئة الإقراء الموجودة في الولاية، والتي تُعد من بين أوائل المؤسسين لهذه المنارة العلمية. إذ يشرف عليها مشايخ مجازون في القراءات العشر، وتستقطب القراء من داخل وخارج الولاية، لتعلم أحكام التجويد والتلاوة، والحصول على الإجازات في القرآن الكريم. ويُعد الشيخ عبد الكريم حمدوش من أبرز المشايخ المؤطرين في هذا المجال، إلى جانب الشيخ نور الدين أفرحاتن، والشيخ عمر خوجة، وغيرهم."

وفي سياق متصل، أكد المتحدث أن الإقبال على التعليم القرآني في ولاية البليدة، مستمر طوال السنة، لكنه يشهد وتيرة متزايدة خلال العطلة الصيفية، نظرًا لتوقف المؤسسات التربوية عن النشاط، ما يدفع العائلات إلى توجيه أبنائها نحو المساجد لحفظ القرآن الكريم. وأضاف أن المدارس القرآنية متوفرة على مستوى جميع المساجد الموجودة على مستوى 25 بلدية، وحتى في المساجد التي لا تتوفر على مدارس قرآنية، تُنظم حلقات بعد أداء الصلوات، مشيرا إلى أن قدرة استيعاب التعليم القرآني مرتبطة بحجم المؤسسة المسجدية، إلا أن الأكيد أن كل المساجد تقدم تعليمًا قرآنيًا، يهدف في جوهره إلى تعليم كتاب الله، وتربية النشء تربية دينية، وحمايتهم من الآفات الاجتماعية.