حملة وطنية تحسيسية شاملة ضد داء السكري
الوقاية للتعايش مع المرض والتجاهل خطر أكبر
- 553
❊ خبراء: الخبز الأبيض غذاء بلا فائدة
❊ للجزائري عادات غذائية يصعب التخلي عنها
❊ الجزائر ضمن العشر دول الأكثر إصابة بالسكري
تصنف الجزائر، حسب آخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية، السابعة من حيث عدد إصابة سكانها بداء السكري من النوع الأول، هذا الرقم المخيف، أثار هلع خبراء الصحة، فرغم الحملات التحسيسية المنظمة في كل مناسبة، والأيام الدراسية والتوعوية، إلا أنه لا يزال يسجل حالات جديدة بالإصابة في كل مرة، ما دفع بالوصاية هذا العام، إلى تنظيم حملة وطنية شاملة، ضمن قوافل تحسيسية، تجمع عددا من خبراء الصحة، الذين لهم علاقة بالفحص والكشف ومتابعة مرضى السكري، بهدف توعية المواطنين بأهمية أخذه بجدية، ومعرفة سبل التعامل معه، لتفادي التعقيدات الصحية الناتجة عن التهاون.
وعلى هامش الأيام التحسيسية، التي نظمتها وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، بدعم من العيادة المتنقلة "طريق الوقاية"، على مدار ثلاثة أيام، بساحة المركز التجاري "مارينا مول" (ارديس سابقا)، بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي لداء السكري، المصادف لـ14 نوفمبر من كل سنة، عمدت الوصاية إلى جمع عدد من خبراء الصحة في فضاء واحد، ممن لهم دراية بداء السكري، في محاولة لرفع مستوى الوعي عند المواطنين، حول عوامل الخطر وأعراض ومضاعفات هذا المرض، خاصة التحسيس بأهمية الوقاية، ثم الكشف المبكر عنه من أجل أخذ التدابير اللازمة للعلاج، والتكفل بالمرض، تفاديا لمضاعفات صحية أخطر.
"داء السكري.. التعايش معه"، هكذا جاء هذا الشعار، من أجل التحسيس، التشخيص، وتربية صحية علاجية، تهدف إلى تلقين القواعد الأساسية لكيفية التعايش مع هذا الداء، خاصة الحث على أهمية إجراء الكشف دون خوف من الإصابة، إذ يمكن التعايش معه بكل بساطة.
وحول هذا الموضوع، حدثت "المساء"، عددا من الأطباء المشاركين في الحملة، إذ أشاروا إلى أن الجزائري عامة، يفتقد ثقافة "الأكل الصحي"، ونظام غذائه هو المسؤول على رفع أرقام الإصابة بداء السكري في السنوات الأخيرة، برقم جعل الجزائر ضمن العشر دول الأكثر إصابة بهذا الداء.
عدم التفاعل مع حملات التحسيس يعقد الأمور
وعلى هامش اليوم، أكدت الدكتورة حفصة بلزرق، طبيبة مختصة في متابعة داء السكري بعيادة "بيت السكري"، أن آخر أرقام منظمة الصحة العالمية، ووزارة الصحة، تنذر بمشكل جد مقلق، وهو عدم تفاعل المجتمع مع حملات التوعية العالمية، وليس الوطنية فقط، واستمرار استهلاك أخطر مكون من المطبخ، وهو السكر، وإصابة الملايين بهذا الداء، الذي رغم عدم خطورته، إلا أنه داء جد مزعج، والتهاون بعد الإصابة به، قد يشكل خطرا أكبر على الصحة.
غياب الألم المصاحب للسكري وراء تهاون المصابين
أوضحت الطبيبة، أن التحكم والوعي بمخاطر الداء، هو مفتاح التكفل به، وخاصة التعايش معه، حيث قالت: "إن أكثر ما يقلق خبراء الصحة، ليس فقط الكشف عن الإصابة بداء السكري، وإنما المرحلة التي تلي هذا الكشف، بأخذ العلاج من دواء، والحمية الصحية التي لابد أن يتبعها المصاب من أجل تفادي كل التعقيدات الصحية، التي قد تهدد صحة بل وحتى حياة المصاب".
موضحة أن أكثر ما يجعل المصابين يتهاونون مع الداء، هو غياب الآلام المصاحبة لارتفاع نسبة السكر في الدم"، وأردفت قائلة: "إن بلوغ نسبة 3 أو4 غرامات سكر في الدم، لا تجعل المصاب بالسكري يشعر بأي ألم، إلا أن هذا لا يعني أن الخطر غير موجود، فقد يتحول هذا الارتفاع المتكرر، والمنتظم"، حسب المختصة، "إلى مشاكل صحية جد خطيرة، قد تظهر بعد مرحلة قصيرة من هذا الارتفاع"، لذا قالت: "يجب أن يكون الشخص واع بما قد يحدثه ارتفاع نسبة السكر في الدم بالتراكمات بعد فترة".
ونبهت المختصة أنه، رغم أن داء السكري له عامل وراثي، وبسبب التاريخ العائلي، قد يصاب أكثر من فرد من نفس العائلة، إلا أن هذا لا يعني أنه لا يمكن الوقاية من الداء، ولا يعني أن إصابة الأم أو الجد أو العم أو الخالة أو غيرهم بالداء، يعني الإصابة الحتمية لباقي العائلة، فتبني نظام غذائي سليم وخال من عوامل المسببة، قد يقي تماما من الإصابة بالداء".
المعدة بيت الداء.. والخبز السم القاتل
على صعيد ثاني، أوضحت طبيبة اختصاصي تغذية، رانيا بوغلام، أن النمط المعيشي الخاطئ الذي يتبناه البعض، وراء أكبر نسبة إصابة بالسكري، يليها بعض الواقع المعيشي والضغوطات والقلق الذي قد يعيش مع البعض، لفترة طويلة من يومياتهم.
وأضافت أنه لا يخفى تماما اليوم، مدى نسبة تناول الجزائري للوجبات السريعة، والغريب ـ حسبها ـ إقبال بعض المواطنين على استهلاكها في الثلاث وجبات اليومية، مؤكدة أن ذلك "مبالغ فيه ويعرض حتما، صحة الفرد للخطر".
أوضحت المختصة، أن أكثر ما يستهلكه الجزائري؛ العجائن، وبالأخص الخبز، المصنع من الدقيق الأبيض، مشيرة إلى أنه رغم جميع البدائل المتوفرة اليوم، إلا أن عادات الكثير لدى الجزائريين لم يعد من الممكن تغييرها، وهي تناول مختلف الوجبات بالخبز الأبيض، الذي يعد أسوء أنواع الخبز، يمكن استبدالها ببدائل عديدة اليوم، كالدقيق الأسمر، الحبوب الكاملة، الشعير، الشوفان، الخروب، وغيرها من الأنواع المغذية والصحية أكثر.
وأضافت أخصائية التغذية، أن اتباع الشخص حمية غذائية، لا يعني اتباع حمية قاسية، وإزالة كل ما يحبه من قائمة طعامه، فقط لابد من "الاعتدال في الأكل"، والابتعاد عن المأكولات التي لا نفع فيها، كالمشروبات الغازية، الخبز الأبيض، الأغذية المصنعة، الصلصات التي تحتوي على سكريات، وغيرها من الأطعمة السريعة المشبعة بالسكريات، المواد الحافظة، الملونات الغذائية وغيرها من المنتجات السامة.
ونبهت إلى أن لمريض السكري حمية وقائية ضد التعقيدات الصحية، فعليه الابتعاد عن السكر الأبيض، بمختلف مصنعاته، وكل المنتجات التي تحتوي على نسب عالية منه، مع ضرورة إدخال في نظامه الغذائي، الخضار والفواكه، وكذا بعض البذور الجافة، والفواكه الجافة، التي تمد جسمه الطاقة، وتجعلها بديلا للمأكولات الخفيفة التي تعود عليها.
الطب الباطني.. مشاركة حصرية في التحسيس ضد السكري
في هذا الصدد، أوضح سيد علي خير، اختصاصي الأمراض الباطنة، أن هذا الطب، ضروري في الرعاية الشاملة للعديد من الأمراض المنتشرة، مشيرا إلى أن المصاب بالسكري أيضا من الأشخاص الذين لا يجب أبدا أن يهمشوا أهمية استشارة هذا الاختصاص، وبالرغم من أن لهذا الداء أعراض، لا يبدو أن علاجه يستدعي استشارة الباطنة، إلا أن هذا التخصص يأتي لما له من أهمية في التشخيص المبكر، والإرادة الفعالة لعلاج الداء، وكذا مكافحة العوامل التي تعقد الحالة الصحية، مثلها مثل مختص الضغط الدموي، الذي دائما ما يشارك في مثل هكذا حملات توعية وتحسيس.
وأشار المختص، إلى أن منظمي هذه التظاهرة في هذه الطبعة، أحسنوا في تخصيص مكان في القافلة لمختص البطانة، لما يلعبه هذا الاختصاص من دور كبير في إدارة هذا الداء، وتثقيف الأشخاص حول الوقاية وكذا علاج السكري، وخاصة فهم الإصابة، حيث قال: "إن المصاب بالسكري، شخص معرض لإصابات أخرى، والعديد من الأمراض، كارتفاع ضغط الدم، ومشاكل باطنية أخرى، الأمر الذي يتطلب نهجا طبيا شاملا للإدارة الناجحة للداء"، مؤكدا أن أطباء الباطنة لهم دور أساسي في الكشف المبكر وتثقيف المرضى، وتنسيق الفرق متعددة التخصصات، لتوفير رعاية شخصية وفعالة، إذ يعد الطب الباطني ركيزة أساسية في الرعاية الطبية الحديثة.