فيما يشكل الإنسان أكبر تهديد لثروتها المحمية

تدابير استباقية لاستقبال زوار الحظيرة الوطنية للشريعة

تدابير استباقية لاستقبال زوار الحظيرة الوطنية للشريعة
  • 654
رشيدة بلال رشيدة بلال

تستقطب الحظيرة الوطنية للشريعة، على مدار السنة، أعدادا كبيرة من الزوار، بغية الاستمتاع بطبعتها الخلابة وجوها المنعش في موسم الصيف، في المقابل، يهيئ العاملون بالحظيرة الوطنية للشريعة أنفسهم، من أجل حماية هذا المكسب الطبيعي المحمي من بعض المخالفات والتجاوزات التي تتكرر سنويا، وتسيء إليها وتجعلها عرضة للحرائق أو التلوث. وحول المجهودات المبذولة، تحسبا لاستقبال زوار الشريعة في العطلة الصيفية، من كل ولايات الوطن، تحدثت "المساء" إلى فايزة تكارلي، رئيسة قطاع الشريعة بالحظيرة الوطنية للشريعة.

تتربع الحظيرة الوطنية للشريعة، حسب رئيسة قطاع الشريعة، فايزة  تكارلي، في حديثها لـ"المساء"، على مساحة تقدر بأكثر من 26 ألف هكتار، وتشكل جبال الأطلس البليدي، الحاجز الذي يجمع بين المناخ القاري ومناخ البحر الأبيض المتوسط، التقاؤهما بأعالي جبال الشريعة يخلق مناخا مختلفا، ساعد على إعطاء تنوع نباتي وحيواني على مستوى الحظيرة، ما جعل تصنيف الشريعة كمحمية عالمية في 2002، وحظيرة وطنية من طرف الدولة الجزائرية، كونها تحتوي على واحدة من أندر الأشجار، وهي الأرز الأطلسي المعمرة.

تردف المتحدثة قائلة: "كل هذه المكتسبات، جعلت من هذه المحمية تفرض حمايتها والدفاع عنها، خاصة أنها تستقطب الزوار على مدار السنة، من كل ولايات الوطن، لاسيما في موسم الشتاء مع تساقط الثلوج، حيث يزور الحظيرة خلال وقت وجيز، كل سكان الجزائر عبر 58 ولاية".

وإذا كانت الحظيرة الوطنية للشريعة تتميز بمناخ خاص وغطاء نباتي نادر، فإن الثروة الحيوانية هي الأخرى فريدة من نوعها، حيث تحصي، حسب المتحدثة، وفق آخر جرد قامت به الحظيرة الوطنية للشريعة، 1200 نوع نباتي و1142 نوع حيواني، مشيرة إلى أن عملية الجرد على مستوى الأطلس البلدي سنويا، تكشف عن أنواع جديدة لم يتم اكتشافها من قبل، سواء في الصنف الحيواني أو النباتي.

وذكرت المتحدثة: "أكثر من هذا، هناك بعض الأماكن التي لم تكتشف بعد على مستوى الحظيرة، ما يعني أن الحظيرة الوطنية للشريعة مليئة بالثروات الحيوانية والنباتية التي لا تزال بحاجة إلى اكتشافها، فمثلا، تبين لنا تبعا لشهادة بعض السكان، بأن الحظيرة الوطنية للشريعة تحتوي على حيوان الوشق الكندي، الذي لم نتمكن بعد من جرده واكتشافه، بالنظر إلى توغله في أماكن لم تكتشف بعد"، مردفة: "كل هذه الثروات تجعلنا نسطر سنويا، برنامجا هاما من أجل الحفاظ على هذه المحمية الطبيعية، التي تشكل رمز ولاية البليدة".

وحول البرنامج المسطر لحماية الحظيرة الوطنية خلال موسم العطل، أشارت المتحدثة إلى أن عدد الزوار يبلغ معدلات قياسية على مدار السنة، وتحديدا في فصل الشتاء وموسم الربيع، وخلال عطلة عيد الأضحى والعطلة الصيفية، والملاحظ، حسبها، أن الزائر أو المواطن عموما، يشكل أكبر تهديد للمحيط الغابي، رغم أنه هو المستفيد الأول من الثروة الغابية التي يتواجد فيها، وعبرت عن أسفها الشديد لبعض الممارسات التي تتكرر سنويا، على غرار إشعال النيران لتحضير الطعام، والتي دفعت المشرع الجزائري، بعد تفاقم الأمر، إلى تشديد العقوبات ضد كل من يشعل النار في المحيط الغابي. وقالت أيضا: "نقوم مباشرة بردع مثل هذه الممارسات"، ملاحظة "تسجيل تعدٍّ على الأوساط الطبيعية، من خلال قطع الأغصان أو قلع النباتات، وكذا الرمي العشوائي للنفايات في المحيط الغابي، وفي أماكن يصعب الوصول إليها، وتحديدا البلاستيك"، وهو ما دفع، حسبها، إلى رفع مستوى التوعية بالاحتكاك بالزوار وتذكيرهم بأهمية الحفاظ على الغابة نظيفة.

الاعتماد على سكان المنطقة لحماية الموروث الطبيعي

من جهة أخرى، أشارت المتحدثة، إلى أنه على الرغم من أن المواطن هو المصدر الأول الذي يهدد الثروة الغابية على مستوى الحظيرة الوطنية للشريعة، إلا أنه لا يقوم ببعض التصرفات عمدا، إنما بسبب الجهل، الأمر الذي يحتم تكثيف العمل الجواري التحسيسي، مشيرة إلى أن الهدف الأسمى من كل ذلك، هو القضاء على فكرة أن من يقصد المحيط الغابي للأكل فقط، إنما هو فضاء للراحة والاستمتاع بجمال الثروة الغابية، وما توفره من راحة ومناظر خلابة، مشيرة في السياق، إلى أن من بين الإجراءات المتخذة؛ توظيف العمال الموسميين بالتنسيق مع محافظة الغابات، والاعتماد على سكان المناطق الجبلية للفت انتباه العاملين بالحظيرة الوطنية للشريعة، من أجل حماية هذا الموروث الطبيعي المحمي.