"زواج ليلة تدبيره عام"
حفلات "الزواج المختصر" تفك قيود الأعراس الحديثة
- 4592
تخلت العائلات الجزائرية خلال الآونة الأخيرة، عن بعض العادات والتقاليد التي عرفت بها الأفراح ، والتي يميزها البذخ وكثرة المصاريف التي تترجمها التصديرة التي يصل سعرها إلى أزيد من 60 مليون سنتيم، إلا أن غلاء المعيشة وسياسة ترشيد النفقات التي بات يعيشها الجزائري، جعلته يميل إلى تبني إقامة حفل الزواج المختصر، لتفادي المصاريف الكثيرة التي أثقلت كاهله، خاصة بالنسبة للعائلات محدودة الدخل.
تعمل العديد من العائلات الجزائرية على تخفيف مصاريف الأفراح الباهظة التي تزداد يوما بعد آخر، بعدما كانت تخرج من الفرح بكاهل مثقل بالديون، بسبب حرصها على أن يكون يوم العرس مثاليا ويضرب به المثل. فكثيرا ما وقفنا على أفراح شملت فيها علب الحلوى أربعة أنواع، وفاق سعرها 1000 دج، زيادة على سعر العلبة الذي يتأرجح بين 500 و800 دج، زيادة على تكاليف التصديرة والضيافة وما جادت به طاولة العشاء أو "طبق الحلال"، الذي تحرص فيه صاحبة العرس على أن يكون في المستوى حتى يبقى حديث العامة لفترة طويلة، لكن المتغيرات التي شهدها عصر السرعة عصفت بدورها على الأعراس، فبعدما كانت العائلات تقوم بكراء القاعة على الساعة الثانية زوالا ، أصبحت في متناولها من الساعة الرابعة مساء إلى التاسعة ليلا، أي إلى حين إكمال العشاء، مع إلغاء فقرة القهوة بالحلويات من البرنامج، بعدما أصبحت أسعار حلويات اللوز والجوز والبندق ملتهبة، تتراوح بين 150 إلى 250 دج للقطعة الواحدة، كونها كانت تشكل هاجسا لمحدودي الدخل.
المتغيرات الاقتصادية التي عرفتها الأسر، جعلت الباحث عن إكمال دينه ينتهج طريق الفرح المختصر، وقد باتت قاعدة عامة انتهجتها معظم الأسر للتوفيق بين المصاريف الكثيرة، بداية من المهر وتكاليف قاعة الأفراح و«عشاء الحلال"، كما يقال في الأوساط الشعبية، حيث بات ملاذ الكثيرين للهروب من المصاريف الكثيرة، وهو بمثابة عادة ضرورية يتم فيه دعوة الأقارب والأصدقاء، وغالبا ما تقتصر الدعوة على الرجال فقط.
قاعات الأفراح بـ50مليون
تحدثت "المساء" في هذا الموضوع مع بعض المقبلات على الزواج، وأشرن في معرض حديثهن إلى أنهن وجدن في "الفرح المختصر" منفذا للهروب من المصاريف التي رأين أنه يمكن استغلالها في أمور أخرى أكثر أهمية، بداية قالت سمية، عاملة فى أحد المكاتب العقارية "أرى أن تكاليف العرس في وقتنا كثيرة، وأنا شخصيا لا أستطيع دفع كل تلك المبالغ المقسمة على العشاء والحلويات والألبسة، ودون شك قاعة الأفراح التي أصبحت بالملايين، فقرّرت التحضير لزواج مختصر من خلال عشاء بسيط بين الأحباب بفستان العمر الأبيض، دون ارتداء ملابس التصديرة، فهي باهظة الثمن، إذ يتراوح سعر القفطان البسيط بين 50 ألف دج و80 ألف دج، في حين بلغ سعر الجميل منها 160 ألف دج، وهي أكثر من طاقتي، لهذا استغنيت عن كل ما يثقل كاهلي".
أشارت شهيرة، مقبلة على الزواج، إلى أن المصاريف الثقيلة جعلت عرائس اليوم يفكرن في اقتناء ما ينفعهن من ملابس "التصديرة"، على عكس ما كان في وقت مضى، إذ كانت العروس ترتدي أزيد من ست تبديلات مختلفة بين "الكراكو، الفقطان، الجبة القبائلية، البنوار السطايفي والشاوي" وحتى "الساري الهندي"، تضيف قائلة "دون نسيان أسعار الحلويات والديسك جوكي أو المغنين، لهذا اخترت أن تكون ملابس التصديرة وفق أصلي، أي الكراكو فقط للحفاظ على العادات، رغم أن سعره يزيد عن خمسة ملايين، فكل ما أتمناه هو السعادة الزوجية".
ولأن الكثير من العائلات اختارت قاعة الحفلات لاستضافة مدعويها بأريحية، نظرا لضيق البيوت أو تفضيل البعض الحفاظ عليها نظيفة، فإن لقاعة الحفلات دور فعال في إكمال الفرحة، غير أن التهاب أسعارها يعد عائقا آخر أمام المقبل على الفرح، ولمعرفة أسعار خدماتها اتجهنا إلى قاعة حفلات معروفة بغرب العاصمة، كونها من أجمل القاعات نظرا لديكورها الراقي الجذاب وخدماتها، وتضم قاعتين؛ الكبيرة منها يبلغ سعر كرائها ليوم بـ50.0000 دج، أما القاعة الصغيرة التي تضم 250 شخصا فيتراوح ثمنها بين 25 إلى 30 مليون، حسب المدة المرغوب فيها، والثمن يتضاعف إذ أردنا إضافة العشاء، ولمعرفة سبب سعرها الباهظ، تحدثنا إلى صاحب القاعة الذي أشار إلى أن ارتفاع ثمن القاعات سببه النفقات على عمليات الصيانة وأجور العمال وفاتورات الغاز والكهرباء.