أساتذة وأولياء تلاميذ يستحسنون المبادة:

حملات تحسيسية لمنع انتشار المخدرات بالوسط المدرسي

حملات تحسيسية لمنع انتشار المخدرات بالوسط المدرسي
  • 142
نسيمة زيداني نسيمة زيداني

استحسن أولياء التلاميذ، الحملة التي أطلقها العديد من النشطاء في المجتمع المدني، لتوعية التلاميذ بمخاطر المخدرات، ومنع انتشارها في الوسط المدرسي، إيمانا منهم بأنّ المهلوسات والمؤثّرات العقلية تشكّل خطرا حقيقيا على حياة أبنائهم، حيث تشدّد الحملة على نشر ثقافة الوقاية والتبليغ والتكافل في مواجهة هذه الآفة بين صفوف التلاميذ، وتوفير رقم "أخضر" يتيح التبليغ عن أيّ محاولات لترويجها، فيما رفعت مطالبات بوضع كاميرات مراقبة أمام المؤسّسات التربوية، وتسيير دوريات مكثّفة للأمن أمام المؤسّسات، لرصد شبكات بيع المخدرات وترويجها أمامها وحماية المحيط المدرسي.

عرفت المبادرة تجاوبا كبيرا من قبل التلاميذ، باعتبار أنّ ظاهرة الإدمان على المخدرات من أخطر الظواهر الصحية والاجتماعية والنفسية التي تواجه المجتمعات، حيث أشار بعض أولياء التلاميذ الذين تحدثت إليهم "المساء"، إلى أنّ العديد من الأبحاث، تـؤكّد أنّ بداية تعاطي المخدرات، تكون غالبا، في سن المراهقة، وهي الفترة التي يقضيها الطفل في المدرسة. 

وأوضحوا أيضا، أنّ التعاطي في الوسط المدرسي أضحى ينذر بالخطر، إذ ساهم، بشكل كبير، في ارتفاع منحى العنف الذي يتسبّب في الجريمة، فضلا عن ظواهر اجتماعية أخرى ولم يستبعدوا، بذلك، انتشار ظاهرة بيع وترويج هذه السموم لتلاميذ المؤسّسات التربوية، الذين استُهدفوا من قبل شبكات لترويج المخدرات والمؤثرات العقلية، يديرها منحرفون، يقول أحدهم.

نحو شباب واع بلا سموم

كانت وزارة الداخلية والجماعات المحلية، قد أطلقت، مؤخرا، تحث إشراف الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها المنظمة بشعار "نحو شباب واعٍ بلا سموم"، بالتنسيق مع وزارة التربية والقطاعات الأمنية المختصة، للتحسيس بمخاطر المخدرات والمؤثرات العقلية في الوسط المدرسي، بهدف رفع مستوى الوعي بخطورتها على فئة التلاميذ، وتعزيز قيم الوقاية والحماية داخل الوسطين التربوي والعائلي.

تضمّنت الحملة، نشاطات ميدانية وتوعوية داخل الصفوف التعليمية والمؤسّسات التربوية في كلّ الولايات، وحرصت السلطات على إعطاء أهمية لهذه الحملة عبر دفع الولاة والمسؤولين المحليين للإشراف عليها ومتابعتها، لإسناد جهود تطوير الصحة المدرسية الجسدية والعقلية والنفسية للتلاميذ، وضمان محيط مدرسي آمن وسليم، وتحصين الوسط المدرسي ومحيطه من كلّ أشكال المخاطر والانحرافات الاجتماعية. وبدا الاطمئنان على الأولياء، لأنّ الوزارة أصرّت على إلزامية رصد حالات الاستهلاك والإدمان على المخدرات أو المؤثرات العقلية، وهذا من خلال استغلال الفحوصات الطبية الدورية للتلاميذ في وحدات الكشف والمتابعة قصد التكفّل بها بشكل فوري وسريع.

الأولياء يطالبون بحملات طيلة السنة

تحدّثت "المساء"، مع بعض أولياء التلاميذ، عن مخاطر المؤثّرات العقلية بالمدارس، حيث أوضحت إحداهن، أنّ شلة من الأصدقاء، حوّلوا ابنها إلى متعاط للمخدرات، ومن السهر في البيت لحفظ دروسه، عرّج إلى بعض الأحياء التي تروّج الحبوب المهلوسة وصار يسهر بها، وتحوّل من أنشط التلاميذ وأذكاهم إلى غائب عن الوعي، وكانت النهاية فشله في شهادة البكالوريا وبمعدل متدن.

كما حذّرت سيدة أخرى، من انتشار المجموعات التحريضية للفساد خارج المؤسّسات التربوية، التي تدعو التلاميذ لتجريب المؤثرات العقلية بكلّ أنواعها، موضّحة أنّ الخوف يتملّكها على ابنتها وتضطر لمراقبتها يوميا، ووصل بها الحدّ أن عرضتها على طبيب أعصاب، ليؤكّد لها أنّ ابنتها لا تتعاطى المهلوسات.

كما استحسن الأساتذة بدورهم، الحملات التي تم شنها في المدارس للحدّ من السموم، وقال أحدهم، إنّه صار يلمس ببصره قبل بصيرته بعض الانحرافات لدى بعض التلاميذ الذين يتعاطون الحبوب المهلوسة، واعتبر المبادرة التي أشرفت عليها السلطات العليا في البلاد إيجابية، وستكون له نتائج رائعة على المجتمع بكامله، ونبّه إلى أنّ القضاء على ظاهرة الهروب من المؤسّسات التربوية، خصوصا في الطور الثانوي بعد أسابيع قليلة من بداية الدراسة. 

اعتماد تدابير جديدة للوقاية من السموم

في نفس السياق، دعا مختصون في مجال التوعية ومكافحة المخدرات، إلى التركيز على الوقاية للقضاء على هذه الآفة والإدمان عليها، باعتماد تدابير جديدة ضمن استراتيجية متكاملة، يتم فيها إشراك مختلف فعاليات المجتمع، حيث أكّد هؤلاء المختصون، أنّ الوقاية من الإدمان على المخدرات، تستوجب وضع استراتيجية وطنية للوقاية منها. كما أكّدوا أهمية العمل الجواري في التوعية والتحسيس بخطورة الإدمان، وما يترتّب عنه، مركّزين على تأثير الوضع الاجتماعي السيئ للشباب، في دفعهم نحو التورّط في هذه الآفة الخطيرة، مبرزين أهمية العلاج الطبيعي والنفسي في إقناع المدمن بالإقلاع عن تعاطي المخدرات، من خلال تهيئة كلّ الظروف.

كما حذّروا من انعكاسات الإدمان عن طريق الحقن، وخطورته على الصحة العمومية، حيث يساهم في انتشار أمراض أخرى أكثر حدّة، كالسيدا والتهاب الكبد الفيروسي، وذكّروا أيضا بأهمية تكثيف حملات التوعية والتحسيس على طول السنة بعيدا عن المناسباتية، مع تجنيد الجميع بدون استثناء، وتمكين الجمعيات من الأدوات الكفيلة بتسهيل عملها خصوصا الجواري على مستوى الأحياء المعروفة بالمتاجرة، والترويج أو استهلاك هذه السموم. شدّد المعنيون، على أهمية تجنيد الشباب الذين خضعوا للعلاج من الإدمان، في استمالة أقرانهم، وإقناعهم بضرورة الإقلاع عن تعاطي المخدرات، لما يملكونه من طرق مثلى للقيام بذلك، انطلاقا من معرفتهم السابقة بخبايا هذه الظاهرة.

في ما يتعلق بالصعوبات الموجودة في الواقع، أكّد أفراد المجتمع المدني، أنّه من بين التطوّرات التي تستدعي دقّ ناقوس الخطر، تورّط الأطفال في تعاطي المخدرات، وتراجع سن المدمنين إلى 12 سنة مقارنة بما كانت عليه خلال السنوات الماضية، إلى جانب تورّط العنصر النسائي، وكذا انتشار المخدرات في جميع الأوساط، خصوصا المؤسّسات التربوية.

في إطار البحث عن حلول كفيلة بالقضاء على الإدمان في أوساط الشباب، اعتبر رؤساء الجمعيات، أنّ الخطوة الأولى، تبدأ من أخلقة المجتمع من خلال النظام التربوي، ليساهم في ترسيخ قيم المواطنة لدى التلميذ، وتلقينه الاحترام، وحب الوطن، والالتزام ضمن مجتمع صالح يبغض العنف، والتمييز والعنصرية.