غابات عنابة تسعد لاستقبال زوار الشتاء
خطوة لحماية الفضاءات الطبيعية بسرايدي وشطايبي
- 172
سميرة عوام
تتجه الجهود المحلية في عنابة، منذ أسابيع، نحو تعزيز حماية الغابات والفضاءات الطبيعية بسرايدي وشطايبي، باعتبارهما من أهم الثروات البيئية التي تشكل الهوية الطبيعية للولاية، وملاذًا للعائلات والزوار طوال أيام السنة. ومع اقتراب موسم الشتاء تكتسب هذه الجهود طابعا اجتماعيا قويا؛ لأنها ترتبط مباشرة بصحة السكان، وسلامتهم، ونوعية حياتهم.
وفي سرايدي حيث تمتد الغابات الكثيفة عبر سفوح جبال الإيدوغ، تتواصل عمليات تنظيف المسارات الجبلية، وإزالة الأعشاب اليابسة التي قد تعيق تصريف مياه الأمطار. وتحرص مصالح الغابات والبلدية على فتح الممرات الطبيعية لتسهيل حركة الزوار والمتنزهين، وضمان جاهزية المسالك في حال وقوع انزلاقات، أو تساقط الأشجار. هذه الإجراءات ليست بيئية فقط، بل اجتماعية أيضا، لأنها تحمي العائلات التي تقصد المنطقة للراحة، من المخاطر المحتملة خلال الطقس البارد.
أما في شطايبي التي تجمع بين الغابات والساحل، فتتكثف الحملات التطوعية لتنظيف الفضاءات الطبيعية، خاصة المناطق القريبة من الشواطئ والمسارات التي يقصدها هواة المشي والتصوير. ويشارك شباب الجمعيات المحلية بقوة في هذه العمليات، في صورة تعكس وعيا اجتماعيا متزايدا بأهمية البيئة، ودورها في رفاه المجتمع. كما يتم التركيز على إزالة النفايات البلاستيكية، التي قد تشكل خطرا على الحياة البرية، وعلى جودة المناظر الطبيعية.
وعلى صعيد آخر، تتعزز إجراءات حماية الغابات من الأخطار الشتوية مثل الرياح القوية وتساقط الأشجار. ويتم إعداد نقاط مراقبة ثابتة للتحكم في الحركة داخل الغابة خلال الفترات الحساسة، إضافة إلى وضع خطط طوارئ لتسهيل تدخُّل الحماية المدنية في حال حدوث حرائق شتوية أو انهيارات أرضية. هذه التدابير تُظهر أن حماية الفضاءات الطبيعية ليست هدفا بيئيا فقط، بل هي أيضا ضرورة اجتماعية لحماية حياة السكان، وضمان أمنهم.
كما تقوم السلطات والجمعيات بتنظيم أنشطة تحسيسية حول أهمية احترام الطبيعة، وعدم ترك النفايات في الغابات، إلى جانب تعليمات موجهة للمواطنين حول كيفية التنقل الآمن في المسالك الطبيعية خلال الأيام الممطرة. هذا الجانب التوعوي يعكس رغبة في إشراك المجتمع في حماية هذه الثروة، باعتبار أن الحفاظ على الغابات مسؤولية جماعية.
وتبرز أهمية هذه الجهود في كون الغابات والفضاءات الطبيعية بسرايدي وشطايبي، تمثل متنفسا أساسيا لسكان عنابة، خاصة خلال المواسم الباردة التي يبحث فيها الكثيرون عن الهدوء، والمناظر الخلابة. ولذلك فإن تهيئتها وحمايتها قبل الشتاء تُعدّ عملاً استباقيا، يعكس اهتماما اجتماعيا حقيقيا بجودة حياة المواطنين. هكذا تُجسّد الإجراءات التحضيرية للموسم الشتوي في سرايدي وشطايبي، مثالًا واضحا على التداخل بين البعدين البيئي والاجتماعي، حيث يساهم الحفاظ على الغابات والفضاءات الطبيعية في تعزيز الصحة النفسية والجسدية للسكان، وتحسين المحيط، وضمان استمرارية هذا الإرث الطبيعي للأجيال القادمة.
احتفالية نابضة بالحياة بمدينة عنابة
معرض للحرف التقليدية بساحة الثورة
انطلقت فعاليات معرض الحرف التقليدية في ساحة الثورة وسط أجواء احتفالية نابضة بالحياة، مؤخرا، حيث تزينت الساحة بألوان التراث الجزائري الأصيل، لا سيما اللون العنابي الذي يرمز إلى الهوية الوطنية. وشهد المعرض حضوراً واسعاً من الزوار المحليين والسياح، الذين وجدوا أنفسهم أمام تجربة فريدة تجمع بين الفن، والثقافة، والإبداع اليدوي. تميز المعرض بتنوع أنشطته الحرفية التي قدمها حرفيون مهرة أمام الجمهور؛ ما أتاح للزوار فرصة التعرف على تقنيات الحرف التقليدية، وممارستها مباشرة.
ومن أبرز الأنشطة المعروضة كانت صناعة الصابون التقليدي باستخدام المكونات الطبيعية، والخزف، والفخار المزخرف بأشكال مبتكرة تعكس الهوية الثقافية، والحلي والمجوهرات اليدوية المصنوعة من المعادن والأحجار المحلية، والنسيج والصوف المنسوج يدوياً بألوان وتصاميم تقليدية، بالإضافة إلى الخشب، والنحت اليدوي على مختلف المواد.
ولم يقتصر المعرض على العروض الحية فحسب، بل ضم ورش عمل تفاعلية، سمحت للزوار بالمشاركة، والتعلم؛ ما جعله تجربة تعليمية وترفيهية في الوقت ذاته. كما شكل المعرض منصة للحرفيين لعرض أعمالهم، وتسليط الضوء على مهاراتهم، وتعزيز الحفاظ على التراث الوطني، وتشجيع الأجيال الجديدة على الاهتمام بالحرف اليدوية. وتنوعت الفعاليات داخل المعرض بين عروض موسيقية، وأنشطة ثقافية، وجلسات تعريفية بالحرفيين وقصص نجاحهم، لتخلق أجواء احتفالية تعكس التلاقح بين الماضي والحاضر، وتبرز غنى الثقافة الجزائرية.
وأكد منظمو المعرض أن الهدف الرئيسي هو إحياء التراث الوطني، وإبراز دور الحرفيين في المحافظة على الهوية الثقافية للبلاد، وتوفير مساحة تواصل مباشرة بين الفنانين والجمهور. هذه التظاهرة عُززت بمزيد من الأنشطة الحرفية المبتكرة، والتنوع الثقافي الأصيل، لتظل ساحة الثورة منارة للإبداع، والحفاظ على التراث الجزائري الغني.