فيما أنعشت الأمطار آمال التجار
سوق الملابس بين تقلبات المناخ وقلّة الإقبال
- 180
رشيدة بلال
يعيش تجار الألبسة والأحذية هذه الأيام التي تزامنت مع التغيرات في الأحوال الجوية، حالة من الترقب، والانتظار، وفي أحيان أخرى حالة من الفرح والاستبشار عند هطول بعض الأمطار الخفيفة؛ علّهم يبيعون بعض سلعهم الشتوية التي طال مكوثها في المحلات. ومع حدوث بعض التغيرات المناخية وعودة الأمطار، اهتدى البعض إلى الاستنجاد بالتخفيضات لتصريف السلع المكدّسة عبر منصات التواصل الاجتماعي للتقليل من حجم الخسائر؛ ما جعل البيع بالتخفيض أو ما يُعرف بـ"الصولد "، يحلُّ قبل أوانه.
وقفت "المساء" خلال جولة استطلاعية في عدد من محلات بيع الملابس الموجّهة للكبار والصغار بولاية البليدة، على حركية لافتة للانتباه عقب هطول بعض الأمطار وتغير درجات الحرارة، خاصة على مستوى محلات بيع ملابس الأطفال. حيث سعت بعض الأمهات إلى انتقاء ملابس شتوية؛ من معاطف، وأقمصة، وجوارب صوفية، وحتى مظلات.
وفي دردشة مع بعضهن أوضحن أن عملية الشراء أصبحت مقترنة بالتغيرات المناخية، التي باتت تتحكم في موعد شراء الملابس الشتوية، وحتى الصيفية. وتضيف إحداهن: "في ما مضى، كنا نشرع، بمجرد انتهاء موسم الصيف، في اقتناء ملابس صوفية لمواجهة برد الشتاء؛ لأننا نعرف تعاقب الفصول، ولكل فصل خصوصيته، فنعدّ العدة. ولكن اليوم لم تعد ملامح الفصول واضحة؛ ففصل الصيف أصبح يمتد لأشهر. وموسم الشتاء أصبح يسجّل تأخراً ".
دفء غير معتاد.. وملابس الشتاء ماتزال في الخزائن
وحسب ما جاء على لسان مواطنة أخرى، فإن عملية شراء الملابس إلى غاية نهاية شهر نوفمبر، لاتزال محتشمة؛ فقد يأتي يوم دافئ يجعل الملابس الشتوية بلا حاجة؛ ما جعلها تبقى مخزَّنة في الخزائن. وهو ذات الانطباع الذي لمسناه عند سيدة أخرى، أكدت أن عملية الشراء مقتصرة فقط على الأطفال المتمدرسين. وتشمل بعض الألبسة الدافئة بحكم خروجهم المبكر. وأضافت: "الأمطار الأخيرة أسعدت الأطفال، فسارع الأولياء لإخراج ملابسهم الشتوية"، معبرة عن أسفها للتأخر الكبير في سقوط الأمطار.
مواطنون يرفضون حمل المطرية تبرّكاً بالأمطار!
بينما رفض آخرون، حسب ما أكد البعض لـ"المساء" ، حتى حمل المظلة "للتبرك" بالغيث؛ نظراً لتأخر الأمطار. وعلى حد تعبيرهم، فإن ولاية البليدة المعروفة ببرودتها، ماتزال تنعم بجوّ دافئ. وحسبهم فإن آمالهم معلقة على بداية السنة الجديدة؛ علّها تأتي معها بأمطار الخير، وتنتعش معها كل الأنشطة الموقوفة على الأمطار، والتغيرات المناخية.
تخفيضات مبكرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
في المقابل، أعرب بعض التجار عن أسفهم الكبير للخسائر التي تلحق بهم نتيجة تأخر تغيّر الطقس، موضحين أن محلاتهم تنشط مباشرة بعد هطول الأمطار، لكن الوضع يعود للركود بمجرد توقفها. وحسبهم، فإن المحلات معبّأة عن آخرها بالسلع، غير أنّ الطلب شحيح؛ ما دفعهم إلى إطلاق تخفيضات مبكرة عبر منصات التواصل الاجتماعي. وقال أحدهم: "الصولد أصبح يأتي مبكرا لتقليل الخسائر". وعبّر آخر بالقول: "راهي ميتة الحالة! " ؛ في إشارة منه إلى حالة الركود المسجلة منذ بداية موسم الخريف. وأكد تاجر مختص في ملابس النساء، أن النشاط التجاري يشهد ركودا تاما، آمِلاً أن تهطل الأمطار مع مطلع العام الجديد؛ لإنقاذ ما تبقّى من الموسم.
تغيرات المناخ تربك السوق وتضغط على الإنتاج المحلي
من جهته، أكد حاج طاهر بولنوار رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، في تصريحه لـ«المساء" ، أنهم يأملون أن تُساهم بشائر الأمطار الأولى في تحريك سوق الألبسة الشتوية، خاصة بعد الخسائر الكبيرة التي تكبّدها التجار الموسم الماضي. وأوضح أن المستهلك الجزائري لا يقتني الملابس الشتوية مسبقا، بل ينتظر انخفاض درجات الحرارة، وهو ما يزيد تذبذب السوق.
ولفت المتحدث إلى أن التغيرات المناخية دفعت كثيرا من التجار إلى الاعتماد على التسويق الإلكتروني؛ الأمر الذي ساهم في تصريف جزء من السلع. كما أشار إلى أن حالة الكساد لم تمسس التجار فقط، بل مست كذلك، مؤسسات الإنتاج، خاصة بعد التحول من الاعتماد على المنتوج الأجنبي إلى دعم الإنتاج المحلي. وأكد بولنوار أن التغيرات المناخية لعبت دورا كبيرا في اضطراب التجارة، مضيفا: "لو بدأ الشتاء في أوانه لبيع السلع قبل نوفمبر" ، داعيا التجار إلى دراسة الوضع المناخي، والتكيف معه؛ للحد من الخسائر.