المرأة النفساء بعنابة

عادات وتقاليد تلازم الأم أربعين يوما

عادات وتقاليد تلازم الأم أربعين يوما
  • 18366
سميرة عوام سميرة عوام

العودة للاهتمام بالمرأة النفساء في عنابة في الوقت الحاضر، يصطدم بكل ما هو عصري، ومن الصعب إقناع جيل اليوم بالحفاظ على عادات الجدات في هذه الفترة بعد الولادة، والتي تعتبر فترة مهمة، أو كما يطلق عليها ”مرحلة النفاس”، لكن تبذل الأمهات جهدا لترسيخ كل العادات والتقاليد في المجتمع العنابي، وهي مهمة تدخل ضمن عناصر الإرث القديم.

تحرص الأمهات على تطبيق عادات خاصة تخضع لها النفساء بعد الولادة ومولودها، منها عدم الاستحمام إلى غاية إتمام الأربعين، والامتناع عن ارتداء بعض الألوان والالتزام بتناول المأكولات حارة المذاق والساخنة، وارتداء ملابس قطنية وصوفية للحفاظ على صحة النفساء، وعدم إزعاجها، أو أن يسبب لها أحد القلق، التزاما بمقولة ”قبر النفساء مفتوح أربعين يوما”.

أمام سلسلة هذه العادات والمعتقدات المفروضة على المرأة العصرية، فقد تجد نفسها ملتزمة بتنفيذها، إرضاء لأهلها وحفاظا على صحتها خلال هذه الفترة، أي إلى غاية انتهاء الأربعين يوما، ومن ثمة يتم اصطحاب النفساء إلى الحمام لإقامة عملية ”جبيرة”، تقوم بها امرأة مسنة ذات خبرة، حيث يحضر مطحون القرفة والقنطس، وهي أعشاب حارة توضع على جسد النافس وهي في الحمام، لإخراج ”البرد القديم”، كما يتم تسخين طجين من الطين بعد خروجها مباشرة من الحمام، وإخضاعها من طرف امرأتين لعملية المساج، وتقريب ”الطاجين” الساخن من جسم النفساء للقضاء على كل البرد الذي في المفاصل، ثم يقدم لها حساء ساخن وحار المذاق، كما قد يكون طبق ”البركوكس” المعد بالقديد والحمص والخضروات الموسمية، وكذا الجبن والفرماس وغيرها من العناصر الغذائية الفعالة، قبل أن تنام النافس مباشرة بعد الحمام، وتلف جيدا لمدة ثلاث ساعات، وهنا تكون قد انتهت مرحلة النفاس.

أما فيما يخص الرضيع، فله نصيب هو الآخر في هذه المعتقدات كـ«القماطة”، وارتداء ملابس أحد الأطفال المولودين من قبل، مع وضع الكحل في عينيه ودهنه بالزيت ومنعه من الاستحمام، وهذه التقاليد ترافق المتعلمة والمثقفة وحتى الماكثة في المنزل.

أخبرتنا خالتي رقية، إحدى المسنات من الزمن الجميل بكل هذه التفاصيل، فعندما تجلس معها، وبمجرد أن تسأل عن عادات النفساء، تخبرك بكل القصص المحفوظة في ذاكرتها، رغم تقدمها في السن، إذ أنها أشرفت على مرافقة عشرات النساء خلال فترة النفاس، والتي تعتبرها من الأفعال التي يتم بفعلها الفوز بالجنة، لأن من يخدم المرأة النفساء سينجح في حياته، لأن قبرها، حسبها، يبقى مفتوحا لأربعين يوما، حيث يمكن أن تفارق الحياة خلال هذه الأيام، وعليه على كل الأهل العناية بالمرأة بعد الولادة، ومعاملتها معاملة خاصة، حرصا على صحتها الجسدية، خاصة النفسية، لأن النفساء مزاجها متقلب في أغلب الأوقات، كما يتم منعها من القيام بالأعمال المنزلية وعدم رفع الأثقال إلى غاية نهاية فترة النفاس، وعليها بارتداء لباس من الصوف والقطن سواء في الشتاء أو الصيف، ووضع الكحل وغير ذلك، وعدم تركها لوحدها، ومرافقتها من طرف أمها إو أختها. المهم تحظى المرأة في هذه الفترة بكل العناية، وهي مجبرة على احترام القواعد حتى ولو تغير الزمن وظهرت فيه كل أنواع التكنولوجيا وقواعد الحياة الجديدة.