الشيخ محمد مكركب:

على الإمام تجديد الخطاب الديني وفق متطلبات العصر

على الإمام تجديد الخطاب الديني وفق متطلبات العصر
الشيخ الإمام محمد مكركب
  • 143
رشيدة بلال رشيدة بلال

سلّط الشيخ الإمام محمد مكركب، الضوء ـ من خلال مداخلته في اليوم الدراسي الذي احتضنته قاعة المحاضرات بمسجد الكوثر بولاية البليدة بمناسبة إحياء اليوم الوطني للإمام الموافق لـ15 سبتمبر من كل سنة ـ على رسالة الإمام بين الواقع والبعد الحضاري، مبرزا أهم الأدوار في خطابه التي ينبغي أن يضطلع بها الإمام، في ظل التحولات التي يعرفها المجتمع.

وفي تصريح لـ "المساء"، أوضح الشيخ مكركب أن أهم ما أراد لفت الانتباه إليه يتمحور حول نقطتين أساسيتين: الأولى ضرورة الخروج بالخطاب الديني من الرتابة والروتين الذي يطبع بعض الخطب، والعمل على نقله إلى مستويات أعلى من الوعي المجتمعي، حتى تعيش الأمة واقعها بقيمها وإنسانيتها، مشيرا إلى أن الإمام باعتباره محركا أساسيا وقدوة للمجتمع، ينبغي أن يقتدي برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في منهجه دون أن يحاول إسقاط سياق الماضي على الحاضر، بل يستلهم من الكتاب والسنّة القيم الكبرى، ومن منهج رسولنا الكريم، ثم يترجمها إلى معالم واقعية تلامس تحديات العصر، وما يعرفه من متغيرات متسارعة.

وأضاف أن المجتمع اليوم يعرف متغيرات كثيرة في مختلف نواحي الحياة، يكفي الحديث عن الذكاء الاصطناعي، وتأثيره الواسع على الأفراد، لا سيما فئة الشباب، وهو ما يفرض على الإمام كغيره من الأساتذة والمعلمين، أن يواكب هذه التحولات، مؤكدا أن الخطاب الديني لا ينبغي أن يظل في إطار الموعظة الجامدة والجافة، بل يكون أكثر تجديدا واستقطابا عبر دراسة قضايا الأمة، ومواكبة كل الأحداث التي تقع، مع التركيز على توعية الشباب باعتبارهم رجال المستقبل، وحمايتهم من التيهان والانجراف وراء مختلف المتغيرات، إلى جانب تمكين المرأة من الوعي بالتيارات التي قد تضلّلها، من خلال خطاب عصري متجدد، يشمل، كذلك، دور المرشدات الدينيات اللواتي لا يقلّ دورهن أهمية عن دور الإمام في المنظومة المسجدية.

وفي سياق متصل، أرجع الشيخ مكركب مظاهر الرتابة في خطب بعض الأئمة، إلى طبيعة التكوين الذي يتلقونه، داعيا إلى إعادة النظر في هذا التكوين، وإدراج نظريات فكرية حديثة بما ينسجم مع متطلبات المجتمع. وقال: "حين نقول إن الإمام يبني الإنسان فينبغي أن يكون ذلك وفق ما يعيشه المجتمع من تغيرات"، مشددا على أن الإمام لم يعد يعيش في عالم مغلق، بل يخاطب اليوم مجتمعا منفتحا، الأمر الذي يفرض تجديدا في أسلوب الطرح والخطاب الديني.

وحول إمكانية توسيع دور الإمام ليخرج من المسجد نحو مختلف فضاءات المجتمع، أوضح الشيخ مكركب أن ذلك يتطلب منهجية وتنسيقا محكما بين مديريات الشؤون الدينية ووزارة الشؤون الدينية. وقال إن رسالة الإمام تبقى مكملة لأدوار أخرى، باعتباره ابن مجتمعه، وابن عصره. وأضاف أن الإمام إذا أراد أن يحفظ اللحمة الوطنية، فعليه أن يتمثل التيسير، والوسطية، والاعتدال في خطابه، انسجاما مع أمة تؤمن بالتنوع في مدارسها الفقهية.