"شاربات القارص"..

هواية الباحثين عن بنّة فواكه متيجة

هواية الباحثين عن بنّة فواكه متيجة
  • 457
رشيدة بلال رشيدة بلال

تعرف "شاربات القارص" ـ كما يحب أن يسميها البليديون ـ إقبالا واسعا خلال شهر رمضان؛ إذ تُعد واحدة من أكثر  المشروبات التي تشتهر بها الولاية، خاصة ببلدية بوفاريك. وعلى الرغم من أن أصحاب الحرفة من الذين امتهنوها يبيعونها على مدار السنة بالنظر إلى شعبيتها الكبيرة، إلا أن الإقبال عليها يزيد كثيرا خلال شهر رمضان، خاصة من الوافدين من الولايات المجاورة، من الباحثين على بنّة فواكه المتيجة المنعشة. 

"الشاربات" هي كلمة تركية الأصل، تدل على كل مشروب حلو المذاق. وهي مشتقة من الفعل العربي شرب. لكن في الجزائر تدل على مشروب محلي، مكونه الأساس عصير الليمون. وقد اشتهرت به مدن متيجة، وخاصة البليدة. و "الشاربات البليدية" من تقاليد المنطقة، كان يسميها الأجداد قديما بـ "شاربات القارص" . تحضَّر، حسبما كشف عن ذلك بعض المختصين في تحضيرها من سكان ولاية البليدة وتحديدا مدينة العفرون، "بمواد طبيعية وصحية، ممثلة في عصير الليمون، والماء، وماء الزهر، والسكر، وعيدان القرفة والياسمين".

وحسبهم، فإن واحدا من أسباب امتهانها في الولاية وشعبيتها الكبيرة، توفر مكوناتها الأساسية بالمنطقة؛ حيث كانت كل منازل البليدة تحوي شجر الليمون. كما كانت مياه سيدي الكبير العذبة تجري عبر شوارع وأزقة أحياء البليدة، عبر سلسلة من القنوات والأعين. وكان النسوة يقطّرن الزهر في البيت للحصول على ماء الزهر الأصيل. كما كانت الشاربات توضع في الماضي، في الأواني الفخارية أو في "القصديرة" التي تحافظ على ذوق الشاربات وبرودتها.

وحسب المهتمة بالتراث وحيدة بن يوسف، فإن "شاربات البليدة" تتميز بتقديمها في المناسبات؛ ما يعكس أهميتها؛ حيث نجد "شاربات الخطبة"، والشاربات التي تقدم للطفل عند صيامه أول مرة، والتي تُصنع بدون ليمون؛ بالماء والسكر وماء الزهر والقرفة. وشاربات مائدة رمضان، التي لا يستغني عنها الصائم، مشيرة إلى أن" الكثير من عائلات المنطقة لاتزال تحافظ على هذا التراث الجميل. ومنهم من يذهب حتى إلى الينابيع الجبلية للتزود من المياه الصافية والباردة؛ لصنع الشاربات بعين المكان، وفق طقوس الأجداد في تحضير  شاربات القارص المنعشة".

ومن جهة أخرى، أعربت المتحدثة عن أسفها لدخول بعض المتطفلين على صناعة الشاربات التي أفقدتها شيئا من عراقتها، بعدما أصبحت تحضَّر بماء زهر كيميائي عديم الطعم، وبحمض الليمون الكيميائي، والسكر المستورَد مجهول المصدر. وتوضع في أكياس بلاستيكية لساعات تحت أشعة الشمس! وتردف المتحدثة: "وأكثر من هذا، أصبح يضاف إليها بعض الملونات، التي جعلتها تبتعد عن أصالتها؛ حيث يُفترض أنها تتميز بلونين الأبيض أو الأصفر".