تفننت في تقديم أشهى الأطباق منذ عقود

عين الباردة.. قبلة الباحثين عن لذة الشواء

عين الباردة.. قبلة الباحثين عن لذة الشواء
  • القراءات: 433 مرات
سميرة عوام سميرة عوام

تتوفر عين الباردة المعروفة قديما بـ"بنتيافر"، الواقعة على بعد 38 كلم عن عاصمة ولاية عنابة، على مقومات طبيعية هائلة، لها إمكانيات سياحية كثيرة، لو تم استغلال كل قطعة منها، لتحولت هذه البلدة الصغيرة إلى مدينة سياحية جبلية بامتياز، فرغم حاجتها إلى إمكانيات تنموية ومرافق متنوعة، فإن موقعها الجغرافي ومكانتها التاريخية، لم يشفعا لها بتوفير مرافق سياحية تليق بمقامها، فهي تجوز على فندق صغير جدا، يرتاح فيه كل عاشق لهذه المنطقة المعروفة بشوائها اللذيذ.

خلال الزيارة التي قادت "المساء" إلى عين الباردة، وعلى طول طرقها المحفوفة بالأشجار وغابات الدفلة وافرة الظلال، وهديل الحمام الذي عشش فوق منازل القرميد، تشكلت لوحة جمالية تنم على عراقة وأصالة أهل المنطقة، التي يقصدها محبو الشواء من مختلف ولايات الوطن.
فمن أراد أن يكرم ضيفه في عنابة، فما عليه إلا أن ينزل به إلى عين الباردة التي تتزين أزقتها الضيقة والمتراصة يوميا بدخان الشواء التقليدي، خاصة تلك المتواجدة عند مدخل المدينة، أين يصطف العشرات من أصحاب المطاعم التقليدية، في إعداد الشواء، الذي يقدم للزبائن  في صحون مصنوعة من فخار المنطقة، فطينها من تربة محاذية تشبعت بشجيرات الصنوبر والخروب، ويبقى على الزبون أن يختار ما لذ وطاب من لحوم "العلوش" المنكهة بالزعتر والإكليل ومختلف البهارات.
وهناك من يقدمها في شكل آخر، يعرف باسم اللحم "المفور"، والذي يتم طهيه بالبخار، وهو وجه آخر لنكهة اللحم بالمنطقة، يقول صاحب محل مختص في إعداد وبيع الشواء، الذي ورثه عن أجداده: "إن شواء عين الباردة لم تكن شهرته تتعدى المنطقة وما جاورها، وقد ذاع صيته لجودة لحم الخروف الجبلي"، وقال بأن عائلته تناقلت هذه الحرفة وظلت محافظة عليها إلى يومنا هذا.
وفي مكحل آخر، فاق عمر نشاطه 40 سنة، قال مسيره بأن الحرفة نفسها تفنن فيها أجداده وآباؤه، رغم تشابه طرق تحضير الشواء، إلا أن صاحب المحل قال: "هناك سر في عملية طهي لحم الخروف، خاصة الذي يتم تربيته في جبال هوارة وضواحيها، حيث تتغذى الخرفان من غابات الريحان وتشرب من المياه الرقراقة المنحدرة من قلعة بوالصبع بقالمة". الجدير بالذكر، أن كل أنواع الشواء المقطع تكون من لحم الخروف، وأما لحم البقر فلا يستعمل إلا غالبا.
ولم يغفل أحد أصحاب محلات إعداد الشواء بأن الفحم الأصلي كذلك له علاقة خلال بلذة شواء لحم الخروف، والذي يعطيه نكهة مختلفة جدا، لأن الفحم يستخرج عادة من أشجار الزيتون والصنوبر، والتي أغصانها تعطي ذوقا يتلاءم والشواء الذي أحدث شهرة بالشارع الرئيسي، والذي يتحول مع حلول موسم الاصطياف إلى منتجع سياحي حقيقي يغلب عليه عبق الغابات ورائحة الشواء المتصاعدة من كل الجهات، خاصة أن مدينة عين الباردة لها موقع استراتيجي جذاب، فهي قريبة من الطريق الوطني رقم 21، الرابط بين ولايتي عنابة وقالمة، وكذلك يحاذيها طريق جانبي مؤدي إلى بلدية الذرعان، حيث يجمع كل المناطق المجاورة لها، خاصة تلك القريبة من ولاية الطارف.