تواصلت فعاليات معرض الصناعة التقليدية بشاطئ ريزي عمر بعنابة، في أجواء صيفية نابضة بالحياة، حيث اصطفت الطاولات والخيم على الرمال الذهبية لتشكل لوحة فنية، تجمع بين زرقة البحر وبراعة الصنعة. وقدّم الحرفيون والحرفيات من مختلف أحياء الولاية، منتجاتهم المتنوعة، في إطار برنامج تنشيط موسم الاصطياف لسنة 2025، الذي تشرف عليه مديرية السياحة والصناعة التقليدية، ساعية إلى إبراز التراث الحي، وتثمين الموروث الثقافي العنابي بكل أبعاده الجمالية، والإنسانية.

استقطب المعرض، يوميا، عشرات الزوار من المصطافين المحليين والسياح، الذين توافدوا لاكتشاف تنوع المنتوجات التقليدية التي تُعرض تحت خيم بيضاء تظلِّل الشاطئ: فخاريات مزخرفة، منسوجات ذات رمزية، حلي فضية ونحاسية، تحف خشبية، أعمال جلدية دقيقة، وأزياء تقليدية بخياطة يدوية. كل قطعة تروي فصلاً من ذاكرة المدينة، وتُظهر تمازجا بين مهارة الإنسان وجمال الطبيعة، حيث يتحول الشاطئ إلى مسرح مفتوح للتراث والتاريخ.

الصناعة التقليدية.. روحٌ من عنابة

ما يُعرض على رمال "ريزي عمر" ليس مجرد منتوجات، بل هو تعبير أصيل عن روح المدينة وثقافتها العريقة. الصناعة التقليدية في عنابة باتت، اليوم، عنصرا أساسيا في المعادلة السياحية، لا تقل أهمية عن البحر أو الطبيعة. ومن خلال هذه المعارض يُعاد ربط الزوار بجذورهم الثقافية. وتُمنح المنتجات اليدوية قيمتها الرمزية والاقتصادية، في انسجام تام مع توجهات الدولة نحو ترقية السياحة المستدامة، الداعمة للاقتصاد المحلي.

شاطئ ريزي عمر.. حين يتماهى الإبداع مع الطبيعة

لم يكن اختيار موقع المعرض اعتباطيا، فشاطئ ريزي عمر يتميز بجماله الطبيعي، ونظافته، وهدوئه، ما جعله فضاءً مثاليا لاحتضان فعالية تحمل هذا الطابع التراثي. الطبيعة الساحرة للشاطئ مرفقة بألوان المعروضات التقليدية، خلقت تناغما بصريا نادرا، يجمع بين المتعة والتراث. الزوار لا يكتفون بالسباحة أو الاستجمام، بل يجدون أنفسهم في رحلة عبر الزمن، يحملون معهم تذكارا فريدا: قطعة صُنعت بأنامل جزائرية، بروح عنابية خالصة.

جمهور متفاعل وذكريات موثقة

عرف المعرض تفاعلًا لافتا بين الجمهور والحرفيين، حيث أبدى الزوار إعجابهم الكبير بجودة المنتوجات، ودقة التفاصيل. البعض اقتنى قطعا فريدة كتذكار أو هدية. وآخرون اختاروا توثيق اللحظة بعدسات هواتفهم، ناشرين صور المعرض على مواقع التواصل، ما ساهم في الترويج للصناعة التقليدية، وزيادة الإقبال عليها.

عنابة.. وجهة صيفية متكاملة

في ظل سعي الدولة لترقية السياحة المحلية وربطها بالهوية الثقافية، تقدم ولاية عنابة نموذجا مثاليا لمفهوم السياحة المتكاملة، حيث تلتقي عناصر الجذب الثلاثة: البحر، والطبيعة والتراث. فمعارض الصناعات التقليدية التي تُقام في الشواطئ والفضاءات العامة، ليست مجرد تظاهرات موسمية، بل أدوات فعالة لصون الموروث الشعبي، ودعم الحرفيّين، وبناء جسور بين الأجيال.