بعد نجاح زراعتها في عدة مناطق
فواكه استوائية بنكهة جزائرية بالأسواق المحلية
- 272
يتحدى العديد من المزارعين في عدة ولايات عبر الوطن، نوعية المناخ لإنتاج وزراعة الفواكه "الاستوائية" ، التي طالما ارتبطت بجزر الأحلام، والغابات الماطرة بمناطق خط الاستواء، أصبح اليوم من الممكن تذوُّقها بنكهة جزائرية؛ حيث سمح التغير المناخي الذي طرأ على العالم، للكثير من المزارعين، بتجربة أنواع جديدة من الفواكه، كان تذوّقها بالنسبة للبعض شبه مستحيل. ولا يمكن ذلك إلا لأكثرهم حظا، وكان له فرصة السفر إلى إحدى تلك الدول، أو الجزر الاستوائية.
أفوكادو، فاكهة التنين، الكيوي، المانجو، البابايا، الأناناس، التين الشوكي الأحمر، وأنواع مختلفة من العنب، وغيرها من الفواكه جميلة المظهر ولذيذة المذاق، والتي رغم غرابة شكلها وذوقها بالنسبة للبعض، إلا أن تجربتها تشكل فضولا كبيرا للكثيرين، حتى إن البعض يعدنها صيدلية في حد ذاتها، بفضل مجموعة المعادن والفيتامينات التي تحويها، والتي بعد تذوّقها، تتحول إلى إدمان؛ للذة طعمها.
ولتحويل إمكانية تذوّقها من مستحيلة إلى أمر ممكن، تحدى الكثير من الفلاحين والمزارعين كلمة "استوائية" كمصطلح مرافق لتلك الفاكهة، التي تحتاج لنموها طقسا استوائيا، يتسم بحرارة طول السنة، وماء ورطوبة في نفس الوقت؛ الطقس الذي يميز مختلف المناطق الاستوائية التي تقع، بالتحديد، على خط الاستواء. وهي النقطة، تقريبا، التي تفصل الكرة الأرضية إلى جزءين شمالي وجنوبي. وتقع على مختلف القارات الثلاث؛ إفريقيا وأمريكا وآسيا. وأصبح اليوم من الممكن وفق تجربة وخبرة هؤلاء، إنتاج تلك الفاكهة الاستوائية بنكهة جزائرية.
ولم يعد من المدهش اليوم أن يكشف تاجر عن أن مصدر إحدى الفواكه الاستوائية التي يعرضها في محله، محلية الإنتاج، وأنها منتج في منطقة معيّنة من الجزائر، وهذا بعدما كان شبه مستحيل سماعه؛ إذ كانت كلها مستورَدة، وتباع بأسعار خيالية تتعدى أحيانا، عشرة آلاف دينار للكيلوغرام الواحد، لتبقى حكرا على فئة معيّنة فقط من المجتمع أو تُقتنى بشكل اضطراري للمرأة الحامل، أو كعلاج فقط، لتصبح اليوم، تقريبا، في متناول الجميع في انتظار توسيع زراعتها؛ حيث يحاول الكثيرون تبنّي تلك الزراعة عبر ربوع الوطن، حتى بصحراء الجزائر، التي ظن البعض إلى وقت قريب، أنها قاحلة ولا ينبت فيها إلا الصبار والتمور.
ومن الناجحات في تجاربهن ميلندة مناصري، إحدى خريجات المدرسة الوطنية العليا للفلاحة، وابنة عائلة فلاحية تقطن غرب الجزائر، وبالتحديد بولاية تيبازة، التي أكدت أنها ككل مزارع، كان حلمها تجربة بعض البذور الغريبة محليا؛ فكأي اختصاص يرغب دائما الشخص الجديد على المهنة، في تجربة الجديد، وهذا كان منطلق التفكير في زراعة الفواكه الموسمية، وفق ما أكدت ميلندة، التي بعد ثلاثة سنوات من تخرجها وتجربتها زراعة البذور "المستورَدة"، نجحت ميلندة في زراعة أول فاكهة لها والتي كانت الأفوكادو. وزادها ذلك رغبة في تجربة أنواع أخرى من الفواكه "الأجنبية".
وأكدت المتحدثة أن تجربتها بعد ذلك كانت فواكه أكثر حساسية كالمانغو، وفاكهة التنين. وقد أشرف على متابعتها دكتور من المعهد الوطني لمراقبة البذور والمشاتل، الذي شجعها دائما على خوض التجربة، مشيرة إلى أن النظام البيئي للمنطقة ومناخها الرطب والجو المشمس لأشهر طويلة بالسنة باعتبارها منطقة ساحلية، يناسب، تماما، خصوصيات الأشجار الاستوائية.
التغير المناخي وراء نجاح زراعة هذه الأصناف
وأضافت مناصري أن الاحتباس الحراري والتغير المناخي وتحوّل فصول السنة، وتغلّب الطقس الحار على مدار العام، واشتداد حرارة الجو، وارتفاع الرطوبة، ما ساهم في إنجاح هذه التجارب، التي بالرغم من كل ذلك، تحتاج عناية خاصة، لا سيما في مرحلتها الأولى؛ أي العناية بها، والتي لا بد أن تكون جيدة في التعامل مع الشجيرات.
وترى المتحدثة أن إنجاح تجارب الأشجار الأجنبية، يتطلب الكثير من الصبر، ومعرفة خبراء الفلاحة والزراعة، وكذا تجارب المختصين في الفلاحة، الذين يدركون أسرار الأرض والشجرة أكثر من غيرهم، وأن توظيف كل ذلك يحقق نجاحات عديدة. وأكدت أن الفايسبوك يبقى الوسيلة الأحسن لتسويق تلك المنتجات، التي تبقى مرتفعة السعر إلى حد الساعة؛ بسبب قلة المنتج من جهة، وصعوبة زراعته من جهة أخرى، موضحة أن الترويج إلى حد الساعة، يتم تقريبا من المنتج مباشرة إلى المستهلك؛ حيث تكون الطلبيات عبر المواقع أو الهاتف. ومن ثم يتسلم الزبون طلبيته مباشرة؛ إذ إن خلق سلسلة وسطاء يزيد من سعر المنتج بشكل كبير جدا.