"الوريدة" تستعد لاستقبال زوار الصيف
قطار سياحي وفنادق جديدة تدخل الخدمة

- 250

❊ مصالح الغابات تسابق الزمن لقضاء صيف دون أخطار
تتحول ولاية البليدة، أو "الوريدة"، كما يحلو لعشاقها تسميتها، إلى وجهة سياحية مميزة خلال موسم الصيف، لما تزخر به من مؤهلات طبيعية خلابة، جعلت منها واحدة من الولايات التي يشد إليها الزوار رحالهم من كل ولايات الوطن، للتمتع بجمال طبيعتها العذراء الممتدة على جبال الأطلس البليدي، والتي تستقطب أكثر من مليوني زائر خلال موسمي الشتاء والصيف، ورغم أن "الوريدة" ليست ولاية ساحلية، إلا أن انفرادها بالحظيرة الوطنية للشريعة، ومنبع القَردة بالشفة، ومياه حمام ملوان المعدنية، جعل منها واحدة من الولايات التي تشهد تدفقا سياحيا كبيرا خلال كل صيف.
هذه المؤهلات شجعت السلطات المحلية والمستثمرين، وحتى بعض النوادي والجمعيات، لتسطير جملة من البرامج والمشاريع الرامية إلى تطوير وإنعاش النشاط السياحي بالولاية، وهو ما حاولت "المساء" تسليط الضوء عليه، تحسبا لبداية موسم الاصطياف.
مصالح الغابات في المقدمة
من بين أولى الخطوات الاستباقية التي تباشرها المصالح الولائية، ممثلة في محافظة الغابات لولاية البليدة، كل سنة، الشروع في تحيين وتفعيل مخطط حرائق الغابات وتهيئة المسالك الغابية، على اعتبار أن الولاية تتربع على مساحة غابية كبيرة، وتحتوي على أشجار نادرة، مثل أشجار الأرز، الأمر الذي جعلها تصنف كمحمية عالمية سنة 2002.
وحسب محافظ الغابات لولاية البليدة، محمد مقدم، فإن أولى القطاعات المعنية بالتأهب لاستقبال الزوار، تحسبًا لموسم الصيف، هي محافظة الغابات، حيث يجري تهيئة المسالك الغابية التي تتضرر بفعل الأمطار التي تتساقط على الولاية خلال موسم الشتاء. وفي هذا الخصوص، تم تسجيل تقدم بنسبة 63٪، إلى جانب الشروع في تطبيق كل الإجراءات المرتبطة بحماية الأوساط الغابية من حرائق الغابات، مثل منع التخييم وإشعال النار، وكذا الانتهاء من تنصيب أبراج المراقبة، ابتداء من أول ماي المنصرم.
وحسب محافظ الغابات، محمد مقدم، فإن البرنامج المسطر لا يزال ساري المفعول، حيث تم في هذا الإطار توظيف 61 عاملًا، وتحويلهم منذ بداية سنة 2025 إلى أعوان دائمين، يتم الاعتماد عليهم لتدعيم شبكة حماية المحيط الغابي من مختلف الأخطار، وعلى رأسها حرائق الغابات، والتي بفضل الحرص على تفعيل المخطط ورفع درجة الوعي، لم تسجل الولاية السنة الماضية أي حريق.
وفي السياق، أشار المتحدث إلى أنه إلى جانب البرنامج المرتبط بافتتاح حملة مكافحة الحرائق، وما يتبعها من إجراءات، تم أيضًا إطلاق قافلة تحسيسية تجوب كافة بلديات البليدة، وخاصة المناطق التي تستقطب أعدادًا كبيرة من الزوار، لتوعيتهم حول ما يمكنهم القيام به للمساهمة في الحفاظ على المكاسب الغابية التي تنفرد بها ولاية البليدة. حيث تركز الحملة بشكل خاص على سكان المناطق الجبلية والريفية، للمساهمة في إنعاش الفعل السياحي، وإشراكهم في توعية الزوار بأهمية الحفاظ على المحيط الغابي، والتبليغ عن أي مخالفات.
من بين المشاريع المنتظر أن تدعم بها ولاية البليدة، في مجال تعزيز محيطها الغابي بمساحات استجمام جديدة، أشار نفس المصدر، إلى أن الولاية، تعرف وجود متنزهين غابيين جديدين، على مستوى كل من بلدية بوعرفة ومدينة البليدة، حيث تم إقرارها في إطار الاستثمار، في انتظار الانتهاء من تجهيزها لاستقبال الزوار. وتدخل هذه العملية في إطار تشجيع السياحة الجبلية.
إطلاق قطار سياحي للتجول في أحضان الشريعة
إذا كانت السلطات الرسمية تسارع لاتخاذ جملة من الإجراءات والتدابير، الرامية إلى تقديم كل التسهيلات والضمانات، لاستقبال زوار "الوريدة"، فإن بعض المهتمين بتنشيط الفعل السياحي من المستثمرين الشباب، يسعون بدورهم إلى إطلاق مبادرات تشجع الاستثمار في مجال النشاط السياحي بهذه الولاية الغابية.
ومن بين هذه المشاريع الهامة، مشروع "نادي البراري"، لصاحبه زكريا بن شعلة، التابع لنادي تطوير النشاطات السياحية، والذي اقترحه أحد المستثمرين وتبناه النادي لفائدة الحظيرة الوطنية للشريعة. يتمثل المشروع، حسب صاحبه، في إعادة بعث عدد من النشاطات على مستوى الحظيرة، مثل الدراجات رباعية الدفع، والدراجات الهوائية، والقطار السياحي العائلي، الذي تم إطلاقه السنة الماضية على شكل فكرة مشروع، ولقي ترحيبًا وتفاعلا كبيرا.
وقال المتحدث: "عززنا الحظيرة الوطنية للشريعة بفكرة القطار السياحي، لتمكين الزوار من القيام بجولة في أحضان الطبيعة الخلابة، خاصة أن عددًا كبيرًا من الزوار يرغبون في اكتشاف المنطقة، لكنهم يجدون صعوبة في التنقل داخلها، بالنظر إلى امتداد مساحتها و شساعتها".
وأضاف أن فكرة القطار السياحي، المرفقة بمرشد سياحي، الذي يتولى تقديم معلومات حول المنطقة، من شأنها أن تعطي صورة واضحة للزوار، حول ما تزخر به الحظيرة من ثروات ومؤهلات طبيعية وحيوانية ونباتية، رشحتها لتكون محمية عالمية.
وأشار المتحدث إلى أن القطار السياحي بالحظيرة الوطنية للشريعة، يُعتبر سابقة هي الأولى من نوعها، لم يتم إدراجها في أي حظيرة على مستوى الجزائر. وأوضح أن تجسيد الفكرة يهدف إلى تمكين الراغبين من التجوال داخل الحظيرة دون عناء، لافتًا إلى أن المشروع الذي بدأ كتجربة السنة الماضية، يجري تفعيله هذا العام بعد نجاحه، ويُعد من المشاريع الاستثمارية الهامة، التي من شأنها خلق حركية سياحية بالحظيرة. وأشار إلى أنه تم أيضًا تنصيب بعض المرافق، مثل دورات المياه، التي كانت غير موجودة، إلى جانب تهيئة أماكن خاصة لاستقبال العائلات تقدم وجبات مختلفة.
كما أكد صاحب المشروع بأنه حظي بكل التسهيلات من الجهات المعنية، لإنجاح مشروعه في إطار قانوني، مشيرًا إلى أنه لا يزال في تواصل مستمر مع المصالح المعنية لتوسيع فكرة المشروع، بهدف إعادة إحياء الفعل السياحي بالحظيرة، التي لا تزال بحاجة إلى تجسيد العديد من المشاريع السياحية، خصوصًا في المجال الفندقي، خاصة وأن بلدية الشريعة تحتوي فقط على فندقين، وهذا لا يفي بالغرض خلال أوقات الذروة، والتي يملك في هذا الخصوص أفكارا أخرى يجري العمل على بحث سبل تجسيدها.
تعطل المصعد الهوائي.. نقطة سوداء
رغم توفر وسائل النقل لزيارة الحظيرة الوطنية للشريعة، إلا أنها لا توفر المتعة المنتظرة، المتمثلة في الاستمتاع بجمال الحظيرة من الجو، والاستمتاع برؤية أشجار الأرز الشامخة، حيث لا يزال تعطل المصعد الهوائي واحدًا من النقاط السوداء التي أثرت على الفعل السياحي في الولاية، خاصة لعشاق الطبيعة وزوارها من مختلف ربوع الوطن.
وحسب رئيس بلدية البليدة، سمير سماعيلة، فإن المساعي لا تزال جارية من أجل صيانة المصعد الهوائي، الذي يُعد من المكاسب الهامة في ولاية البليدة، لكونه يربط بين وسط المدينة وأعالي جبال الشريعة، ويلعب دورًا كبيرًا في فك العزلة عن سكان المناطق الجبلية، إلى جانب دوره السياحي البارز.
في السياق، أشار المتحدث إلى أنه، وسعيًا لمعالجة مختلف النقائص المتعلقة بالنقل، تم تخصيص حافلة تابعة للمؤسسة العمومية للنقل الحضري وشبه الحضري، تنقل المسافرين من مدينة البليدة إلى بلدية الشريعة، حيث تقوم بأكثر من ست رحلات يوميًا، لضمان النقل لسكان البلدية وزوارها. مناشدا الجهات المعنية الإسراع في صيانة المصعد الهوائي، كونه عصب السياحة بالولاية.
وحول أهم التحضيرات الجارية لاستقبال زوار الحظيرة، تزامنا وموسم الاصطياف، باعتبارها أهم مكسب سياحي في المنطقة، قال رئيس البلدية، إن التحضيرات تشمل فتح وتنظيف الطرقات المتضررة بفعل الأمطار، خاصة الطريق الوطني رقم 37 والطريق الولائي رقم 49. وأشار إلى أنه تم تنفيذ عمليات تنظيف واسعة وتزيين الطرقات، مع إزالة آثار انزلاق التربة، كما تم تزويد فضاءات الراحة العائلية، مثل فضاء الكستناء، بألعاب وإنارة مناسبة، نظرًا إقبال العائلات عليها ليلًا.
وأشار إلى أنه، وككل سنة، تم تهيئة 21 مكانا للراحة على طول الطريق المؤدي لأعالي جبال الشريعة، وأربعة أماكن أخرى بأعالي جبال الشريعة، مزودة بكل الخدمات الضرورية، مع منح رخص استغلال للراغبين في ممارسة مختلف الأنشطة التجارية لإنعاش الفعل السياحي بالمنطقة.
مشاريع استثمارية لدعم الحظيرة الفندقية
في سياق تعزيز الاستثمار السياحي، تشهد أشغال إنجاز فندق جديد تقدما بنسبة 95٪، ومن المنتظر أن يدخل حيز الخدمة هذا الصيف، لتعزيز الحظيرة الفندقية، التي تتضمن حاليًا فندقين فقط. كما يتم، حسب ذات المصدر، تشجيع العائلات المالكة للشاليهات على استثمارها وتأجيرها، مع الاستفادة من التحفيزات، مثل الإعفاءات الضريبية.
وفي إطار متابعة المشاريع الفندقية قيد الإنجاز، تقوم المصالح التقنية لمديرية السياحة والصناعة التقليدية لولاية البليدة، بخرجات ميدانية للوقوف على تقدم المشاريع، خاصة ببلدية الشريعة، والتي من المنتظر أن تتعزز بإنجاز فندق جديد. أما فيما يتعلق بدعم الاستثمار السياحي، فقد استفاد مستثمران من موافقة مبدئية لإنجاز مشروعين سياحيين، يتمثلان في فندقين على مستوى بلدية البليدة، في مواقع مدروسة، تراعي المعايير التقنية المعتمدة ضمن المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية للولاية.
وبهدف ضمان خدمات راقية للزوار، يتم تنظيم عمليات تفتيش ومراقبة للفنادق ومحلات الإطعام من طرف فرقة مختلطة بين مديريتي السياحة والتجارة، تشمل مراجعة التراخيص، مدى الالتزام بالمعايير، شروط تقديم الخدمات، الشفافية في التسعيرة، واحترام نظام الفوترة وآليات حماية حقوق الزبائن.