مريضات السرطان يحتفلن بيوم المرأة

كافحن الداء بإصرار ويقاومنه بكل عزيمة

كافحن الداء بإصرار ويقاومنه بكل عزيمة
  • 899
حنان. س حنان. س

نظمت جمعية "الرحمة" لمساعدة مرضى السرطان بمدينة زموري البحري، مؤخرا، احتفالية خاصة على شرف النساء المصابات بالسرطان، بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمرأة، المصادف للثامن مارس من كل سنة. وكانت الاحتفالية فرصة لـ«المساء"، للتقرب من بعضهن، والحديث معهن عن تجاربهن في مكافحة هذا الداء، فرغم ثقل المرض نفسيا وجسديا وحتى اجتماعيا، إلا أن الكثيرات تمكن من التغلب على السرطان، وأثبتن أن الحياة لا تنتهي أمام حصص "الكيماوي".

كانت مناسبة عيد المرأة لـ"المساء"، هذه السنة، مختلفة تماما عما عهدناه من قبل، فمع قدوم الثامن مارس.. يعود معنا الحديث عن تحديات المرأة الجزائرية، ومجالات كثيرة دخلتها ونجحت فيها بجدراة واستحقاق.. هذه المرة، سنقف أمام تحد من نوع آخر، نجحت في تجاوزه رغم الألم والتعب واليأس.. أحيانا، إنه داء السرطان بكل ما يحمله من قساوة وشدة، بالنظر إلى ثقله وتأثيره السلبي الكبير على المصابة نفسها، وعلى محيطها.في هذا الصدد، تؤكد "أم محمد" أنها قاومت السرطان بكل عزيمة وإصرار، على أنها هي من سيغلب في النهاية، وهي القناعة التي جعلتها تتغلب على ما أطلقت عليها تسمية "محنة"، حدثتنا عن إصابتها بسرطان الثدي، وهي في عمر 38 سنة، مؤكدة أنها لم تتوقع يوما أنها ستكون "مريضة بالسرطان"، وقالت إنها لم تعر يوميا اهتماما لحصص إعلامية كانت تحث النساء على إجراء تشخيص مبكر، فبالنسبة لها، إنجاب 5 أطفال وإرضاعهن كان كفيلا بإبعاد الإصابة كلية، لكن شاء القدر يومها أن تكتشف شيئا في ثديها الأيسر.. ظهرت النتيجة إيجابية، بعد أول تحليل متخصص "انتهى أجلي.. سأموت وأخلف 5 أطفال ورائي"، تقول المتحدثة، إن هذا أول ما خطر على بالها لحظتها "ليست سهلة.. الإصابة بهذا المرض".

"هذا المرض".. جملة ترددت على مسامعنا من طرف كل محدثاتنا.. حتى التلفظ بكلمة "سرطان".. مخيف في حد ذاته، لولا الاحتفالية التي أقيمت يومها، وكانت بمثابة عرس حقيقي سمحت للسيدات بنسيان أمر مرضهن، لتحول المكان إلى ما يشبه "بيت عزاء" من فرط الألم والبكاء من حين لآخر.. أم محمد أكدت أنها ما زالت تكافح السرطان بفضل مقولة سيدنا عمر بن الخطاب "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا"، حيث تشير إلى أن مواجهة أخرى كانت في انتظارها، رحلة العلاج الكيماوي والإشعاعي، ورغم الألم والتعب بعد كل حصة، إلا أن إيمانها بأن الأجل في يد الله جعلها تفلح في مقاومة الداء، وهو نفس ما أشارت إليه "وردة" (45 سنة)، التي أكدت أن أشد ألمها بعد تأكد إصابتها بالسرطان، هو تساقط شعرها "كان ذلك مؤلما جدا.. ارتديت باروكة حتى لا أنهار أمام أسرتي، كنت أرسم حواجبي وأتمكيج حتى أرى نفسي بهية الطلعة، فذلك كان يرفع من معنوياتي"، تقول محدثتنا التي أوضحت هي الأخرى أنها قاومت الداء بمفردها.. حتى أنها قاومت التعب النفسي بفضل ثقتها بالله تعالى، وأنه ابتلاء عليها تجاوزه.

مقاومة قوية وتشبث بالحياة

كذلك قاومت أم مروان (38 سنة) أمر استئصال الثدي الأيسر، بعد إصابتها بالداء الخبيث.. رغم أنها أذرفت دموعا بحرقة كبيرة، وهي تروي لنا ذلك، إلا أنها استرجعت قواها، ثم أكدت أن مثل حالتها المرضية لم يكن فيه داع لإجراء حصص الكيماوي أو الإشعاعي، كون إصابتها بنوع من حالات السرطان النادرة تمثل 5% من الحالات عبر العالم، وقالت إنها تعالج بنوع من الحقن "ذلك مؤلم حقا ولكن بعد تجاوز أمر الإصابة بالداء كل شيء هين"، تقول محدثتنا التي أكدت أن أسرتها وقفت بجانبها لذلك فهي تقاوم الداء بكل قواها..بينما قالت "أم رمسية" (30 سنة) إن الإرادة في العيش ورؤية ابنتها تكبر مكنها من مقاومة سرطان الثدي، وأضافت أن إصابتها وهي حامل، جعلها تبكي بحرقة شديدة "وكأنني لم أستمتع بحياتي وزواجي.. اضطررت لاستئصال الثدي الأيسر، لأن خطورة عودة الداء كانت محتملة جدا"، تحدثنا والابتسامة تعلو محياها، مؤكدة أن الرغبة في الحياة دائما ما تكون الغالب.

أما "نصيرة" (38 سنة)، فأرجعت أمر مكافحتها داء سرطان الثدي، لسبب بسيط جدا، وهو جهلها التام لطبيعة الداء. وأكدت أنها لم تكن تعرف ما هو السرطان إطلاقا ولا خطورته، يوم تأكد إصابتها كانت في مكان عملها، حتى أغمي عليها، ووجدت نفسها في الاستعجالات.. بعد التحاليل اكتشفت إصابتها بحالة متقدمة من السرطان، واستؤصل الثدي الأيمن، وقالت "صحيح أنني فقدت جزء مهما من جسدي، لكن واجهت الأمر بشجاعة"، وتضيف "كنت مخطوبة وقتها، واعتقدت أنه سيتخلى عني، لكنني تزوجت وإلى غاية اليوم، ما زلت أقاوم وأعمل على تحسيس محيطي بأهمية الفحص المبكر".

في الموضوع، تحدثنا السيدة مليكة رازي، رئيسة جمعية "الرحمة" لمساعدة مرضى السرطان ببومرداس، مؤكدة أن حالات الإصابة بسرطان الثدي والقولون وعنق الرحم وسط نساء الولاية في تزايد مقلق، وأوضحت أن الأسباب تبقى غامضة، لاسيما في بعض المناطق، مثل دلس، شعبة العامر، بودواو، خميس الخشنة، برج منايل وغيرها. داعية السلطات المحلية إلى دعم الجمعية في مساعيها، لإطلاق دراسة متخصصة والوقوف على هذا الأمر.