ظاهرة تفضحها مواقع التواصل الاجتماعي

كاميرات مراقبة ترصد سارقات داخل المحلات

كاميرات مراقبة ترصد سارقات داخل المحلات
  • القراءات: 441
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

انتشرت، خلال السنوات الأخيرة، داخل المحلات التجارية والأسواق، ظاهرة أقلّ ما يصفها خبراء الاجتماع، بالخطيرة، وهي السرقة من بعض المتسوّقين، أو بالأحرى المتسوّقات، وهذا ما ترصده، بشكل دوري، كاميرات المراقبة داخل تلك المحلات، والتي سرعان ما تنشر فيديوهاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتحذير باقي المحلات، أو لإعطاء فرصة لاسترجاع البضاعة المسروقة قبل تبليغ الشرطة. صور، عادة، لامرأة أو عدد من النساء يحاولن التخفي عن الأنظار، وسرقة قطعة أو أكثر من المحل، ليفلتن بفعلتهن، إلى حين ملاحظة صاحب المحل ذلك بعد مراجعة فيديوهات كاميرات المحل.

بات التجار في الآونة الأخيرة يتخوفون من السرقة داخل محلاتهم؛ الأمر الذي دفع بالكثير منهم أو بأغلبهم، إلى ضبط أجهزة مراقبة بتكنولوجيات حديثة وتقنيات عالية؛ من أجل مراقبة دقيقة لمحلاتهم، وتجنّب كل محاولة سرقة، إلّا أنه رغم كل تلك الجهود، تبقى السرقة من داخل تلك المحلات، وتنجح بعض المتسوّقات في الإفلات بفعلتهن بعد أن يستغللن اكتظاظ المحل، واهتمام صاحبه بالزبائن؛ حتى لا يفوّتوا فرصة إخفاء سلعة أو عدد منها، والخروج فورا من المحل، والابتعاد عن الأنظار.
وكثيرا ما يتم تداول تلك الفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ينشرها أصحاب المحلات، وعادة ما تكون أكثرها في محلات بيع العطور، ومواد التجميل، والملابس، وحتى المطاعم والمقاهي. وأكثر ما أصبحت توثقه تلك اللقطات والصور لكاميرات المراقبة التي تعمل على مدار اليوم، سرقة ومحاولات ذلك من قبل نساء من مختلف الأعمار، وأحيانا عائلات من فردين أو ثلاثة، يحاولن تشتيت انتباه التاجر؛ حتى يتسنى لإحداهن أخذ ما تريده دون انتباه العمال لذلك.
ظاهرة لم يكن يسمع بها إلاّ أصحاب المحلات ورجال الأمن، لكن بفضل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي يمكن تلك الوقائع أن تتحوّل إلى فضائح لهؤلاء السارقين، خاصة النساء منهم؛ إذ توضع صورهن، وأحيانا مغطاة الوجه، لحثهن على إرجاع السلع إلى المحل قبل تبليغ الشرطة.
وفي هذا الصدد، كان لـ«المساء" جولة في عدد من المحلات بالعاصمة، والتي سبق أن نشرت مثل هكذا فيديوهات.
محطتنا الأولى كانت محلا لبيع مستحضرات التجميل بأوّل ماي؛ حيث أوضح زهير صاحب المحل لـ«المساء" ، أنه تعرّض مرات عديدة، لمحاولات سرقة من داخل محله؛ الأمر الذي دفعه إلى نصب عدد من كاميرات المراقبة في الزوايا، مؤكّدا أنه رغم ذلك إلاّ أن الظاهرة لايزال يشهدها من حين لآخر. وأوضح التاجر أن هذا الأمر يكبّده خسائر مادية في كل مرة، خصوصا أن البعض يسرقن مواد باهظة الثمن؛ كالعطور، والمنتجات العلاجية. وأشار إلى أنه سبق أن نشر فيديو قبل أشهر، بعد أن رصد 3 نساء وطفلا صغيرا سرقوا مجموعة من منتجات العناية بمبلغ 10 آلاف دينار جزائري؛ ما دفعه إلى نشر الفيديو، طالبا منهن إعادة المسروقات قبل عرض الدليل على الشرطة، وطلب متابعة قضائية.
وفي محل ثان بشارع "حسيبة بن بوعلي"، لاقى عبد الله نفس الوضعية، بعد أن رصد فتاة، وهي من زبوناته الوفيات، تسرق قطع ملابس من محله، بعد أن حاولت تشتيت انتباهه من خلال تجربة عدد كثير منها، وإخفاء أخرى تحت ملابسها قبل الخروج خفية من المحل.
وفي هذا الصدد، أكد عبد الله أنه تعمّد نشر جزء من الفيديو دون الكشف عن وجهها أو هويتها؛ لإعطائها فرصة إعادة البضاعة قبل تبليغ الشرطة. ويرى المتحدّث أنها وسيلة لاسترجاع السلعة دون إثارة ضجة أو فضيحة للسارقة؛ للابتعاد عن الإجراءات القانونية اللازمة في هذه الحالة.
وتعدّدت الأمثلة بين محلات العاصمة، عن لصّات استغللن صدق التاجر ونيته لسرقته. واختلفت تلك المحلات بين المتخصّصة في بيع الملابس، أو الأكسيسوارات أو الحقائب اليديوية، أو الأحذية. ورغم تشديد أمن بعض المحلات وتعمّد أصحابها توظيف عدد من العمّال للاهتمام من جهة بالزبائن، وللحراسة من جهة أخرى مغززين  بكاميرات المراقبة، إلاّ أن التهديد لايزال قائما.
وعن هذا الموضوع حدّثتنا المختصة الاجتماعية سماح بركاني، قائلة: " إنّ ظاهرة السرق في المحلات والأسواق ليست وليدة الساعة، وهي من الظواهر التي نلمسها في جميع المجتمعات حتى أكثرها تطوّرا وغنى، إلاّ أن ما يجعلنا نشعر بأنها ظاهرة جديدة، مشاهدة فيديوهات تلك العمليات بفضل كاميرات المراقبة، التي تنشر صورا حصرية لتلك الجنح المرتكبة، وهذا ما يدفع، اليوم، بجميع المحلات أو بالأحرى غالبيتها، إلى وضع أجهزة صغيرة على كل السلع خاصة الثياب، تطلق إنذارات عند إخراجها من المحل دون المرور بصندوق الدفع؛ لفكّ الإنذار عن السلع.
وأضافت المختصة أن البعض يلجأون للسرقة ليس للحاجة ولا لمحدودية إمكانياتهم، إنّما السرقة، أحيانا، تكون "مرضا نفسيا" يعاني منه البعض. وأوضحت أن التصاق تلك التهم بالنساء أكثر، راجع إلى أنهن الأكثر توافدا على الأسواق مقارنة بالرجال. وظنُّ أنهن لسن محط اتّهام، يجعلهن ينفّذن فعلتهن في كثير من الأحيان، قبل أن يلاحظ التاجر ضياع سلعة معيّنة، فيراجع كاميرات المراقبة.
وشدّدت المتحدثة على أن غياب الوازع الديني والأخلاقي عن البعض، هو، كذلك، ما يدفعهن لارتكاب السرقة ببرودة دم؛ الأمر الذي يتطلّب إعادة النظر في مبادئ وأخلاقيات المجتمع، والتركيز على التوعية الدينية، والتعليم داخل المجتمع.