فيما يصعب على العاملات تحضير الحلويات
ماكثات بالبيت يبدعن في مشاريع مصغرة
- 906
أدى تسارع الحياة اليومية وضيق الوقت، خاصة بالنسبة للعاملات، إلى الاستنجاد بخدمات أخريات ماكثات بالبيت، لربح الوقت وتخفيف الأعباء عنهن، لاسيما خلال المناسبات والأعياد الدينية، حيث يجتهدن في تزين الموائد بأشهى الأشكال والألوان والنكهات، تلك المهمة التي تحملتها بعض النساء غير العاملات، أو بالأحرى تخصصن في مثل هكذا مشاريع، مقابل مبلغ مالي يختلف باختلاف نوعية الحلويات المحضرة ومكوناتها.
حرصت نساء الجزائر على تحضير الحلويات على مدار السنة، ويزداد الحرص عليها خلال سهرات رمضان، وأيام عيد الفطر المبارك، فقد كانت جزءا أساسيا لا يمكن التغافل عنه، فلطالما زينت صينية "المقروض" و«الدزيريات" وحلوى الطابع و«كعك النقاش" الموائد، في زمن سابق، وهي تقاليد جميلة توارثتها الأجيال، وبرزت معها العديد من الأصناف والموديلات التي تختلف من منطقة لأخرى، حملت بعضها أسماء جميلة تثير الشهية بمجرد سماعه، وتختلف باختلاف أشكالها ومذاقها وألوانها، وحتى طريقة طهيها، لتبدع النسوة مع مرور الزمن، في تشكيل تلك الأنواع، إذ حافظ البعض منها على أصالة مكوناته، في حين ابتكرت أخريات أصنافا جديدة، وبات من الممكن تحضير حلويات بأبسط المكونات، فلا مبرر لعدم تحضيرها، إذ يمكن الحصول على صينية حلوى شهية بمكونات بسيطة، وأكثر من هذا، هناك أنواع لا تحتاج حتى إلى الطهي.
كل تلك العادات الجميلة بدأت تختفي في بعض البيوت، بفعل تسارع وتيرة الحياة، وضيق الوقت والعمل خارج البيت، حتى وإن كانت النسوة سابقا يحرصن على تحضير تلك الحلويات، أياما عديدة قبيلة عيد الفطر، ويحاولن التوفيق بين أشغال رمضان وتحضير الحلويات، إلا أنه يبدو أن البعض خلال السنوات الأخيرة، لا يحاولن جهد أنفسهن، خصوصا بالنسبة للعاملات اللواتي أكدن في حديثهن لـ«المساء"، على عدم توفر الوقت لديهن للإلمام بكل أمور البيت.
تسارع وتيرة الحياة وراء ميلاد المشاريع
هذا الواقع كان وراء ولادة مشاريع صغيرة تديرها بعض ربات البيوت، من مطابخهن بمنازلهن، ومدير أعمالهن صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تسويقهن هو صور وفيديوهات ينشرنها عبر تلك الصفحات، للترويج لمهارتهن في تحضير الحلويات، وسمعتهن مرتبطة بزبائنهن السابقات اللواتي كانت لهن تجربة التعامل معهن، لتنتشر من واحدة إلى أخرى، سمعة "محضرات" حلوى العيد او المناسبات، كالأفراح والختان وحفلات الخطوبة.
حول هذا الموضوع، كان لـ«المساء" حديث مع عدد من مسيرات تلك المشاريع، التي تبدو بسيطة، لكنها مدرة لأرباح جيدة خلال بعض الفترات من السنة... فريال عشرينية، طالبة جامعية، وواحدة من عاشقات تحضير الحلويات، تقول بأنها قبل ثلاثة سنوات، كانت فكرتها للمشروع مجرد تسلية بين أفراد العائلة من النساء خاصة، خالات وعمات قدمن طلبيات لنوع أو نوعين من الحلوى، مقابل مبلغ رمزي لكل واحدة، نجاح تجربتها، دفعها إلى التفكير جديا في أخذ الطلبيات، لم يكن الأمر سهلا في البداية، على حد قولها، بسبب التحديات التي واجهتها، خاصة ما يتعلق بالتسويق والبحث عن الزبائن، لكن مواقع التواصل الاجتماعي ساعدتها في ذلك، ونجحت بعد فترة في اكتساب المزيد من الزبائن والانطلاق في عمل بوتيرة جيدة.
من جهتها قالت خديجة، ماكثة بالبيت، إن هذا النوع من المشاريع جيدة، لاسيما وأن بعض العائلات اليوم، تعاني من ضيق في الوقت، هذا ما يدفع بالنساء إلى البحث عن يد مساعدة، تمنحهم إمكانية توفير حلويات للعيد والمناسبات، بكل الأصناف، دون الحاجة إلى تحضيرها، ليبقى الخيار في الاستفادة من خدمة تلك النسوة، اللواتي تخصصن في تحضير الحلويات بالبيت.
الأسعار تبدأ من 80 دينارا إلى 200 دينارا للوحدة
من جهتها، قالت فراح، معنية بتحضير الحلوى في البيت، ولديها متتبعين كثيرين عبر صفحتها على "الفايسبوك"، إن اقتناء الحلويات في العيد ليس وليد الساعة، وإنما كانت نسبة قليلة فقط تلجأ إلى مثل هكذا خدمة، وكانت تتم بتقديم طلبيات لدى محلات تحضير الحلوى المختصين في ذلك، وكانت العملية متعلقة بكبيرات السن، أو المرأة التي ليس لديها أبناء ولا تشغلها أمور أخرى عن تلك الخدمة، إلا أن اليوم، الواقع مختلف تماما، فأكثر الزبونات من فتيات في مقتبل العمر، والعديد منهن حديثات الزواج، وأخريات عاملات، يشتكين ضيق الوقت، أما بعضهن فلا ينجحن في تحضير بعض الأنواع، خاصة التقليدية، وأمام طلبات أزواجهن، لا يجدن إلا سبيل واحدا لذلك، وهو التقدم نحو خدمات محضري حلويات، مؤكدة أنها، على سيبيل المثال، تلقت طلبيات تحضير حلويات العيد منذ الأسبوع الثاني من الشهر الفضيل، لتؤكد أنه بعد أسبوع واحد، اكتفت بقدر من الطلبيات، خوفا من عدم إمكانية تحقيق المطلوب، نظرا للطلب المرتفع على خدمتها، مشيرة إلى أن ذلك هو نفس المبدأ الذي تعمل به جميع المختصات في تحضير الحلويات. وعن أسعار تلك الحلوى، قالت محدثتنا؛ إن مستلزمات تحضير الحلويات وتزينها أصبح جد مكلف، نظرا للارتفاع المتزايد لأسعار تلك المنتجات، من المكونات البسيطة، والمكسرات، والزبدة، وصولا إلى تفاصيل التزيين، التي أصبحت جزءا لا يفصل من التقديم النهائي لتلك الحلوى، موضحة أن سعر القطعة الواحدة يتراوح بين 80 دينارا و200 دينار، وتختلف الأسعار من واحدة لأخرى، ولكل معاييرها الخاصة، وذلك أيضا يعتمد على المكونات التي تم استعمالها، خاصة نوعية المكسرات، فكلما كانت من الفول السوداني، انخفض سعرها، وكلما كانت من البندق أو اللوز أو الجوز، ارتفع سعرها.
وأضافت فراح، أن أكثر الأنواع التي تطلبها السيدات، هي "صابلي بريستيج، المقروط، المخبز، البقلاوة، التشاراك بأنواعه، والدزيريات"، كما يمكن للزبونة أن تختار ما تشاء من الحلويات التي لا يمكن أبدا رفض طلبها، ما دامت تدفع مقابل تلك الحلويات.