كلثوم حدود حرفية في "الحنابل":
مركب الغزل ضروري للحفاظ على الموروث التقليدي
- 2000
أوضحت الحرفية من المنيعة كلثوم حدود، أن صناعة النسيج والطرز التقليدي تعد من الموروثات الثقافية المادية التي تحاول الأسر المتخصصة في صناعته الحفاظ عليها، باعتبارها رمزا من رموز الانتماء، خصوصا أن الزرابي أو الحنابل تعد بمثابة بطاقة تعريف المنطقة، من خلال الرسومات والأشكال والألوان التي تحملها.
أشارت المتحدثة إلى أن الجهود المبذولة في سبيل الحفاظ على هذا الموروث يقوم بها عدد من الجمعيات التي برزت في هذا الإطار، وتعمل على تثمين الصناعة التقليدية، وإعادة الاعتبار لمختلف القطع المصنوعة يدويا، لاسيما صناعة الزرابي.
أكدت الحرفية أن بنات منطقتها يتقن صناعة النسيج، بحكم أن العائلات عملت منذ الأزل في هذا النشاط، فانتقلت من الجدة إلى الأم، ثم إلى البنات، وتعتبر كل امرأة مسؤولة على ترسيخ تلك الثقافة للبنات، وقالت "إن صناعة الزربية شيء مقدس في منطقتنا، وتعتبر الأدوات المستعملة للنسيج جزءا من حياتنا اليومية، على غرار المنسج والقرداش وغير ذلك"، وأضافت كلثوم أن جمال الزرابي الجزائرية، يكمن في أنها لا زالت تحافظ على التقاليد التي خلفها الأجداد، ولا تحاول بأي شكل من الأشكال، حتى وإن كان في ذلك إمكانية، تغيير لونها أو الأشكال التي تحملها، لأن القيام بذلك سيخرجها من أصالتها التي تشكّل جمالها وتميزها عن باقي الزرابي الأجنبية الأخرى.
أوضحت المتحدثة أن الزربية تختلف عن الحنبل، حتى وإن كان لكليهما نفس الدور في بسطها وتفريشها للمشي عليها خلال فصل الشتاء، حيث تساعد على تدفئة البيت، أو الاستلقاء عليها، إلا أن الحنبل يبقى أكثر عمليا من الزربية التي تتميز بثقل وزنها ويصعب تحريك ذات الحجم الكبير منها، وبذلك تستعين بعض النساء، لاسيما خلال المواسم الدافئة أو المناطق غير الباردة، في الاستعانة أكثر بالحنبل، الذي يشبه إلى حد كبير الزربية، من خلال الألوان والأشكال التي تحملها، وتعبر كلها عن تقاليد المنطقة التي تعد فخرا لسكانها.
أكدت كلثوم أن الشيء الوحيد الذي يمكن الإبداع فيه، من حين لآخر؛ الألوان فقط، بطلب من الزبون، خصوصا اللواتي يحاولن صناعة قطعة تتماشى مع باقي مفروشاتها أو ديكور بيتها، فتفضلها بألوان فاتحة أو أكثر عمقا، لكن لا يمكن أبدا تغيير الأشكال والرموز التي تعد جزءا من ثقافتنا، وتعتبر لغة حقيقية يفهمها أبناء المنطقة والمتمرسين في صناعة الزربية، وهي خاصة بالصحراء، والرمال وكثبانها، وتحتل مكانة خاصة في قلوب سكان المنطقة، إذ تشعرهم بالانتماء وتشكل فخرا لهم، كونهم يشعرون بتميزهم عن باقي مناطق الوطن نظرا للبيئة التي يعيشون فيها.
تشير المتحدثة إلى المشاكل التي يعاني منها الحرفي، قائلة "يبقى المشكل الذي يتخبط فيه الحرفي خلال مسيرته المهنية، افتقار الحرفيين للمادة الأولية (الصوف) بالنسبة للمختصين في النسيج وصناعة الزرابي، وهناك حرفيون مختصون في الغزل اعتزل أغلبيتهم المهنة، رغم الثروة الحيوانية التي يزخر بها بلدنا، وتعد مصدرا لمادة الصوف، إلا أن الغزالين غير موجودين لتحضير الصوف، مما يدفع الحرفي في صناعة الزربية إلى غزل الصوف التي يحتاجها، بالتالي يتطلب منه الأمر وقتا مضاعفا لصناعة الزربية، وهو ما يزيد من تكلفة القطع التي يصنعها، ويتراجع الإقبال عليها، وبذلك يدخل الحرفي في دوامة لا تنتهي أو حلقة مفرغة يصعب عليه الخروج منها".
في الأخير، دعت كلثوم حدود إلى ضرورة إنشاء مركب خاص بغزل الصوف في المنطقة، لمساعدة الحرفي على الحفاظ على موروث الثقافي ومنعه من الزوال، مع تحريره في سبيل العمل بأريحية دون التفكير في غياب المادة الأولية.