المختص في علم الاجتماع الأستاذ حسين زوبيري لـ"المساء":

منصات التواصل الاجتماعي رفعت معدلات الطلاق

منصات التواصل الاجتماعي رفعت معدلات الطلاق
المختص في علم الاجتماع الأستاذ حسين زوبيري
  • القراءات: 815 مرات
رشيدة بلال رشيدة بلال

كشف المختص الاجتماعي الأستاذ حسين زوبيري، في حوار خص به "المساء"، عن بعض الجوانب السلبية لمختلف وسائل التواصل الاجتماعي، على العلاقات الزوجية التي عمقها محتوى بعض المؤثرين، من جهة، ولا وعي المستخدم الذي يقوم بمشاركتها، رغم علمه المسبق بتفاهة محتواها، من جهة أخرى. داعيا، تزامنا والحملة التحسيسية التي أطلقتها وزارة البريد، إلى تفعيل سلطة الضبط، خاصة بعد انتشار ما يسمى بالقنوات الإلكترونية، التي سمحت هي الأخرى بالترويج لبعض ما يسمى بـ"المؤثرين"، الذين أساءوا بشكل سلبي للأسرة، وساهموا في رفع معدلات الطلاق، من خلال الترويج لبعض النماذج السلبية الداعمة لفكرة التحرر.

بداية، حدثنا عن بعض الآثار السلبية لوسائل التواصل على المتزوجين؟

 ما ينبغي قوله في البداية، أن التكنولوجيا تحولت إلى ضرورة من ضروريات العصر، وهي كما هو معروف عند العام والخاص، سلاح ذو حدين، وبعيدا على فوائدها وإيجابياتها المتعددة، أعتقد أن سلبياتها طغت أكثر على المجتمع، بالنظر إلى نقص وعي المستخدمين، ولعل من أهم السلبيات الأولى التي فتحت باب الإدمان الإلكتروني داخل الأسر، وتحديدا بين المتزوجين وأثرت على المنظومة الأسرية ككل، إمكانية التواصل غير المحدود واللامشروط، وهو الأمر الذي لم يكن متاحا من قبل، بالتالي فإن الاستعمال بلا محدود لمختلف وسائل التواصل الاجتماعي من طرف الزوجين، وحتى الأبناء، أثر بشكل مباشر على العلاقات الأسرية بين المتزوجين، فيما بينهم وبين أبنائهم، لأنه عزز فكرة العزلة والانفصال على الواقع الحقيقي.

 ألا تعتقد بأن باقي الوسائل التكنولوجية الأخرى، تمنح أيضا إمكانية التواصل غير المحدود؟

حقيقية هذه الإمكانية متوفرة، مثلا، في البرامج التلفزيونية، ولكن الفرق من خلال دراسة نشرت مؤخرا، أجرت مقارنة بين الكتاب واللوحة الرقمية والهاتف، حيث تبين أن أول من ينام هو صاحب الكتاب، يليه متصفح اللوحة الرقمية، بعدها يأتي دور الهاتف، بسبب بعض الإشعاعات المنبعثة من الهاتف، والتي تبعد النوم، وبحكم أن الأغلبية تستعمل الهواتف الذكية للإبحار في العالم الافتراضي، فإن هذا ما عزز فكرة الانعزال وأثر على التواصل الاجتماعي داخل الأسرة، خاصة أننا نعيش في مجتمع أصبح لكل فرد هاتفه الذكي الخاص به، حيث نجد بأن للزوجة عالمها الخاص، وللزوج أيضا، يجلسان معا في مكان واحد، لكن كل واحد منهما في عالم خاص، دون الحديث عن باقي أفراد الأسرة.

في رأيك، ما الذي عزز العلاقة بين الفرد وهاتفه الذكي؟

أعتقد أن ما عزز علاقة الفرد بهاتفه الذكي، الذي يوفر له إمكانية التواصل مع من يشاء، وفي أي وقت يشاء، وفي أي مكان يشاء، هو الرغبة في الهروب من الواقع والحقيقية الاجتماعية وعدم وجود الحلول وسط الجماعة، الأمر الذي عزز فكرة الفردانية والرغبة في هذا البديل الافتراضي غير الواقعي، لأنه يمكّن المستخدم من لعب كل الأدوار والشخصيات، وهو الفضاء الذي وجد فيه بعض الرجال، وحتى النساء، المتنفس لممارسة الخيانة الزوجية والبحث عن البدائل المؤقتة، في فضاء يظل افتراضيا، يشبه إلى حد كبير المخدر.

متى تشكل الوسائط الاجتماعية خطرا على المتزوجين؟

 تتحول منصات التواصل الاجتماعي إلى مصدر خطر، بمجرد أن يحدث خلل في الأنترنت، أو عملية التواصل عبر بعض الوسائط، حيث يصاب المستخدم بحالة اضطراب نفسي وحالة عصبية وتشنجات، خاصة في حال ما إذا كانت هناك خلافات في العلاقة بين المتزوجين، من أجل هذا، لابد لكلا المتزوجين، وتحديدا النساء، التحلي بالحيطة والحذر لعدم الوقوع في وهم ينتهي بصدمة، تنهي العلاقة الزوجية وتفكك الأسرة.

إذن، يمكن القول بأن الهاتف ومن خلاله منصات التواصل، رفع معدلات الطلاق؟

 إمكانية التواجد غير المحدود بمنصات التواصل الاجتماعي، من خلال الهاتف، رفعت معدلات الطلاق، لأن الحدود غير موجودة والحرية كبيرة ومطلقة، ولأن سقف الحرية كبير، بالتالي درجة الأمان ضعيفة جدا، لأن الحرية المطلقة تفتح المجال للوقوع في الكثير من الأخطاء، ولعل أولها الخيانة الزوجية الافتراضية، التي تبدأ بوضع كلمة السر في الهاتف، تتيح فقط لصاحب الهاتف استخدامه، هذا الإجراء وحده كفيل بنسف العلاقة الزوجية، لأنه يعكس غياب الثقة ويفتح باب الشك.

ألا تعتقد أن محتوى بعض المؤثرين ساهم أيضا في تفكيك الرابطة الزوجية؟

للأسف الشديد، من الأسباب المباشرة لتفكك الأسر وارتفاع معدلات الطلاق، النماذج الفاشلة التي تعرض عبر منصات التواصل الاجتماعي، تحت عنوان "المؤثرين"، إذ تعتبر في أغلبها، نماذج فاشلة، تشجع على حياة التحرر والطلاق وعلى الاستقلالية، والغريب في الأمر، أن هؤلاء المؤثرين، حتى وإن لم يكن الهدف من محتوياتهم الفاشلة هدم الأسر والتشجيع على الانحراف، نجد بأن محتوياتهم تلقى إقبالا كبيرا، من خلال تصفحها ومشاركتها، ما يعني أن الإشكال في المتصفح الذي ينساق وراء مثل هذه المحتويات ويتابعها، ويتطلع للعمل وفق ما يروجون له من تصورات خاطئة عن الحياة الزوجية.

بماذا تنصح، للحد من التأثيرات السلبية لمواقع التواصل الاجتماعي؟

 مواقع التواصل الاجتماعي روجت لفكرة الحرية المطلقة، وأن لا وجود لأي ضابط أو قيد، وهو أمر خطير لابد من تداركه، لأن الحرية لا تعني التخلي على المرجعية الدينية والأخلاقية، لذا أعتقد أنه لابد من تفعيل سلطة الضبط من أجل أخلقة المجتمع، خاصة أمام الانتشار الكبير للقنوات الإلكترونية، ومحاربة كل المواقع التي تستهدف تفكيك الأسر الجزائرية، من خلال رفع الوعي .