من فضاء بحري إلى قبلة تنبض بالحياة ليلاً ونهارا
ميناء تيبازة وجهة سياحية بأبعاد تاريخية

- 181

تمتلك ولاية تيبازة الساحلية، واحدة من أجمل الشواطئ والمناطق الأثرية التي تشد إليها سنويًا، أعدادا كبيرة من الزوار، حيث تعج مرافقها السياحية بالزوار والسياح من داخل الوطن وخارجه. غير أن ميناء الولاية، في السنوات الأخيرة، تحول هو الآخر، إلى منطقة جذب سياحية بامتياز، بالنظر إلى ما عرفه من تحسينات ونشاطات ترفيهية وحرفية وخدمات نوعية، جعلت كل من يزور تيبازة لا يغادرها دون جولة في مينائها.
وقفت "المساء"، عقب زيارة قادتها إلى ميناء تيبازة الساحلية، على حجم النشاطات المتنوعة التي تميز بها هذا الفضاء استجابة لرغبة الزوار والسياح. فقد اكتظت ساحة الميناء بمختلف الأنشطة، التي تقدم خدمات للكبار والصغار، الراغبين في قضاء بعض الوقت بهذا الميناء العريق، الذي يحتفظ أيضًا بمعالم أثرية تعود إلى سنوات بعيدة.
الملفت للانتباه، أن الميناء عرف في السنوات الأخيرة، تنوعًا في النشاطات، بعدما كانت إلى وقت قريب، قليلة جدًا، وتقتصر على بعض المحلات التي تقدم وجبات سريعة. لكن التوافد الكبير للزوار فرض توسيع الخدمات، حيث أصبح بالإمكان الجلوس على طول الميناء المطل على البحر، في فضاءات جميلة تطل على البحر، وطلب مختلف الأطعمة والمشروبات، سواء الباردة، مثل المثلجات والمشروبات الغازية، أو الساخنة، وعلى رأسها الشاي، الذي حرص بعض أصحاب المحلات على تقديمه بالزي الصحراوي، مصحوبًا بأباريق تقليدية ومكسرات على الطاولات.
فضاءات ألعاب للأطفال وأجواء سحرية عند الغروب
ولأن هذه الفضاءات تستقطب أعدادًا كبيرة من الأطفال، فقد حازت ألعابهم اهتمامًا واسعًا، حيث زُودت بوسائل إمتاع وأغانٍ مخصصة لهم. وما إن تغيب الشمس، حتى يتحول الميناء إلى فضاء مفعم بالأضواء والألوان، فيمضي الأطفال أوقاتًا ممتعة حتى ساعات متأخرة من الليل، متنقلين بين الألعاب المختلفة، التي راعت جميع الشرائح العمرية، بداية من الألعاب الصغيرة، إلى الدراجات الكهربائية والأنشطة الرياضية الشبابية.
الصناعة التقليدية… ذاكرة تيبازة في معارض مفتوحة
لم يغفل القائمون على النشاط السياحي بالميناء، جانب الصناعة التقليدية، حيث خصصت فضاءات واسعة للخيم والمعارض التي عرضت مختلف المشغولات اليدوية، من أوانٍ فخارية وتحف فنية ترمز إلى البعد التاريخي لولاية تيبازة العريقة، فضلًا عن الحلي التقليدية بأشكال وألوان متنوعة، كان من بينها ما يحمل خريطة فلسطين، التي حضرت بقوة.
الأزياء التقليدية والتحف اليدوية تجذب السياح الأجانب
كما لقيت الألبسة التقليدية إقبالًا واسعًا، خاصة تلك التي تعكس أصالة المرأة الأمازيغية بولاية تيبازة الأثرية. وقد برع الحرفيون في الترويج لها، عبر المعارض المقامة في الميناء، إلى جانب فضاء "دار الحرفيين" على الطريق المؤدي إلى الميناء، حيث تتوزع محلات الصناعات التقليدية بين أوانٍ نحاسية قديمة، وأوانٍ مصنوعة من سعف النخيل، وألبسة مزينة بالرموز الأمازيغية، فضلًا على أنه تتوسط هذه المحلات خيمة تقليدية، أعدها صاحبها بعناية، ليستمتع الزائر بجلسة على الزربية التقليدية وأكلات بحرية وأخرى من التراث، مثل "الزفيطي" و"الشخشوخة"، لتختتم بكؤوس شاي معطر بالنعناع.
... وأطفال يكتشفون البحر لأول مرة
ما شد انتباه "المساء"، وزوار الميناء، على حد سواء، وفودُ زوار الشمال من أبناء الجنوب، الذين كانت زيارتهم جزءًا من برنامج المخيمات الصيفية لمديرية الشباب والرياضة لولاية تيبازة، ممثلة في الوكالة الوطنية لتسلية الشباب والرياضة، حيث التقت "المساء"، بالمنشطة نسرين حميد، المشرفة على مجموعة من الأطفال القادمين من ولايات عين صالح، أوضحت في دردشة سريعة، بأن هذه الدفعة هي الخامسة ضمن البرنامج المسطر، تضم أكثر من 200 طفل، في إطار مبادرة تهدف إلى تمكين أكبر عدد ممكن من أطفال الجنوب، من الاستمتاع بالبحر والسباحة، لافتتا إلى أن الولايات المعنية بالبرنامج، ممثلة في عين صالح، عين قزام وتمنراست.
وأكدت المشرفة، أن أعمار الأطفال تراوحت بين 7 و10 سنوات، وقد تباينت ردود أفعالهم، بعضهم أُعجب باتساع البحر الذي يراه للمرة الأولى في حياته عن قرب، والبعض الآخر شعر بالخوف منه، غير أن الجميع عاش فرحة كبيرة، خاصة الذين لم يسبق لهم أن رأوا البحر أمامهم، حيث تكشف المتحدثة، أنه خصصت لهم فترة الصباح للسباحة بشاطئ تيبازة الساحر، بينما استُغل المساء للتجول بين معالمها السياحية، وعلى رأسها الميناء، حيث أُعجبوا كثيرًا بمنظر الزوارق الراسية، واغتنموا الفرصة لالتقاط صور تذكارية.
أجواء آمنة تجعل مغادرة الميناء صعبة
يبدو أن كثرة الأنشطة والبرامج الترفيهية، والخدمات المتنوعة، التي يقدمها ميناء تيبازة، جعلت مغادرته صعبة على الزوار، خاصة مع توفر الأمن والراحة. إذ يقضي السياح والزوار من كل ولايات الوطن، أوقاتا ممتعة تمتد أحيانًا، حسب شهادات بعض العاملين، إلى ما قبل الفجر، وهذا حسبهم يدل على الأمن والراحة التي يشعر بها الزوار. ولعل هذا ما جعل ميناء تيبازة، بما يقدمه اليوم من خدمات، قبلةً سياحية محببة لكل من يزور هذه الولاية التاريخية الأثرية.