امتهن حرفة أبيه وأجداده
نويجم..مثال الإتقان والصبر

- 231

يمثل عبد الله نويجم، أحد الرموز التراثية الأصيلة لمدينة تندوف، حيث امتهن حرفة صناعة النحاس وتطويق الحديد وإصلاح الأواني، من أباريق وقداح عبث بها الزمن، فجيء بها إليه ليرجع بعض بريقها بحنكته وعبقريته، التي ورثها عن والده المرحوم لحبيب، الذي عاش طوال حياته عاكفا ركبتيه على صناعة الحرف وإصلاحها للتندوفيين، خاصة الجيران والأقارب.
وجدت "المساء"، عبد الله، ذات مساء، قابعا بمحله الضيق في حي النصر، وسط فوضى حرفية وتبعثر للأواني ووسائل العمل، التي دأب عليها هذا الحرفي الشاب منذ نعومة أظافره، ولم تمنعه وظيفته المتواضعة كحارس ليلي، يقضي ليله يقظا يراقب كل من يمر على المؤسسة التي يشتغل بها، من الالتحاق كل صباح بدكانه الضيق ليواصل المهمة بكل صبر وإتقان، في ظروف مناخية صعبة ودرجة حرارة لافحة، مع ما تتركه رائحة الكير من غبار يلوث ذاك المحل، الذي لا يتسع سوى لبضعة أمتار.
كشف الحرفي الشاب، من خلال حديث مطول مع "المساء"، عن معاناته وتحديه لمواصل حرفة الأجداد واصفا إياها بقوله "حرفة اليدين خير من مال الجدين"، ولعل أبرز ما وجد بالمحل مجموعة من الأباريق من نوع "براد تسميمت" الذي يحاول كل مرة تلحيم يمكن، بعد أن تأثر بنار الحطب ومواقد النار التي أكلت قعره، ولم يجد صاحبه إلا أن يتوجه لعبد الله عله يصلح ما أفسده الدهر، مشيرا إلى أنه يقوم بترقيم أواني الزبائن ووضع علامات عليها، حتى لا تختلط، وسط زحام الأثاث المبعثر، ويأمل عبد الله من السلطات المحلية، أن تمنحه مقرا أو محلا وسط المدينة ليزاول نشاطه الحرفي بكل أريحية، والتخلص من إيجار الدكان الصغير الذي أفرغ جيبه، رغم قلة أجرته التي تتوزع بين إعالة أسرته، وتكاليف ونفقات الإيجار والكهرباء وغيرها.
يعرف محل عبد الله، أيام المناسبات والأعياد، حركية غير عادية للزبائن الذين يرغبون في تمضية السكين وتبرأته، إضافة إلى عمله في جمع كل أشكال أواني الشاي، من أباريق ومجامر حديدية كانت من صنع والده، رحمه الله، احتفظ بها الابن في دكانه، لتبقى ذكرى خالدة في عمل حرفي مضني.