البروفيسور عبد الرزاق بوعمرة لـ"المساء":
يجب تسطير استراتيجية لـ"شيخوخة بدون أمراض"
- 701
دعا المختص في علم الأوبئة والطب الوقائي البروفيسور عبد الرزاق بوعمرة، إلى العمل على وضع استراتيجية تهتم بعامل الوقاية في سن مبكرة من حياة الطفل؛ لتفادي إصابته ببعض الأمراض التي تأتي عند بلوغ مراحل متقدمة من العمر، إلى جانب الاهتمام بتكوين المختصين في أمراض الشيخوخة؛ حتى يتمكن المسن من أن يعيش حياته بصحة جيدة، ولا يحتاج إلى مرافق، مشيرا إلى أن الجزائر في السنوات الأخيرة، سجلت ارتفاعا في معدل المسنين مقارنة بالفئة الشابة، تبعا لعدة مؤشرات، جعلت المنظومة الديمغرافية تتغير.
أكد المختص في علم الأوبئة عبد الرزاق بوعمرة، في تصريح خص به "المساء" على هامش مشاركته مؤخرا في يوم دراسي حول طب الشيخوخة، أن الجزائر شهدت خلال السنوات الأخيرة، تغييرات في التشكيلة الديمغرافية من حيث التطور العمري. ففي سنوات السبعينات كانت الشريحة العمرية الأقل من 20 سنة، هي التي سجلت ارتفاعا كبيرا في الهرم الديمغرافي، ولكن مع التغييرات التي عرفها المجتمع، نلاحظ كل عشر سنوات، زيادة في عدد المسنين، مشيرا إلى أن الدراسات المستقبلية تشير إلى أن في مطلع 2060، عدد المسنين سوف يفوق عدد الأطفال الأقل من خمس سنوات؛ ما يعني أن الفئة العمرية، اليوم، التي يتراوح سنها بين 20 و50 سنة، هي التي ستتحول إلى شريحة مسنة، وبالتالي فإن معيار العمر تغيّر في الجزائر".
وحسب المتحدث، فإن الفئة المسنة في الجزائر التي تفوق 60 سنة، تمثل، حسب إحصائيات 2022، من 8 إلى 10 ٪ مقارنة بإحصائيات 2019، التي أفادت بأن نسبة المسنين الذين يصل عمرهم إلى 60 سنة، لا تتجاوز 6 ٪، وعليه فإن الحصة الخاصة بكبار السنة في ارتفاع مستمر. ويوضح المتحدث قائلا: "هذا الأمر يتطلب التفكير من الآن؛ من خلال التركيز على عامل الوقاية، الذي من شأنه أن يضمن للفرد عند بلوغه مرحلة الشيخوخة، عدم الإصابة بعدد من الأمراض بحكم عامل السن، ومنه التقليل عن المنظومة الصحية عبء التكفل به"، مشيرا إلى أن معادلة الحصول على مسن بصحة جيدة، تتطلب الاعتماد على عنصر الوقاية بالدرجة الأولى؛ كون بعض الأمراض تصيب الشخص بمجرد بلوغه سنا معيّنة من العمر. وحسب ما تشير إليه الدراسات، فإن بعض الستينيين يصبحون مؤهلين لأن يصابوا، بنسبة 65 ٪، بمرض السكري، والضغط الدموي، وغيرهما من الأمراض غير المتنقلة.
اتباع نمط حياة صحي ضرورةٌ
الهدف من الاهتمام بعامل الوقاية بالنسبة للأشخاص في سن مبكرة، هو بلوغ مرحلة الشيخوخة في صحة جيدة لا يحتاج فيها المسن إلى مرافق؛ لكونه قادرا على الاهتمام بنفسه، مشيرا في السياق، إلى أن هذا الهدف لا يتحقق إلا بالتركيز على وجوب اتباع نمط حياة معيّن؛ كالاهتمام بممارسة الرياضة، وتناول نظام غذائي صحي للوصول إلى مسن من دون أمراض، ومنه بلوغ منظومة صحية، تسمح للمسن بأن يكون مندمجا في الحياة اليومية، وقادرا على التفاعل فيها".
وحول الأسباب التي رفعت من معدل الشيخوخة في الجزائر، أشار البروفيسور بوعمرة إلى أنها راجعة إلى عدة عوامل؛ أهمها: تراجع معدل الوفيات، وكذا مدة الحياة التي تغيرت هي الأخرى؛ حيث كانت في سنوات السبعينات تقارب 47 سنة، واليوم بلغت 76 سنة، موضحا قوله: "ما يعني أن سن الشيخوخة ارتفعت في الجزائر، خاصة مع تطور التكفل الصحي؛ ما يجعلنا نتنبأ بأن الزيادة التي عرفناها في نسبة الشيخوخة، سترتفع، أيضا، في السنوات القادمة. وكل هذا يقودنا إلى التأكيد على أهمية الاستراتيجية التي تسمح للمسن بأن يعيش حياة صحية جيدة"، مؤكدا أن "التطور الديمغرافي وارتفاع نسبة المسنين لا يُعد أمرا سلبيا، وإنما هو نتاج التطورات التي يعرفها المجتمع، وهو تغير ديمغرافي عادي، يخضع لعدد من المؤشرات".
بلوغ مرحلة الشيخوخة لا يعني تخلي المسن عن ممارسة حياته بصورة عادية، بل، على العكس من ذلك، الاهتمام بالجانب الوقائي في المراحل الأولى من العمر، حسب المختص في الطب الوقائي؛ مما يسمح للشخص عند وصوله إلى مرحلة الشيخوخة، بأن يكون قادرا، دائما، على العطاء، ومعافى، على الأقل، من بعض الأمراض الشائعة المرتبطة بالعمر، لا سيما ما تعلق منها بالضغط الدموي، والسكري؛ حتى لا يكون العمر عاملا من عوامل الإصابة بالأمراض؛ فإن الهدف من الوقاية هو التقليص، قدر الإمكان، منها".