موالون من الجلفة والأغواط يشخّصون واقع السوق
أسعار المواشي المحلية مرتفعة والسماسرة أضروا بالمربين

- 399

❊ جمعية مربّي المواشي تبرر وتطالب بالحلول
❊ الموالون يتبرؤون من استغلال السماسرة للمناسبات
❊ انتشار نقاط بيع المواشي بالعاصمة سابق لأوانه
يتوقع باعة المواشي بالأسواق الأسبوعية، تواصل ارتفاع أسعار الأضاحي مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، وهو ما أثار مخاوف مرتادي أسواق الجلفة، الذين يسعون للظفر بأضحية العيد، إذ تراوح سعر الخروف بين 7.5 و10 مليون سنتيم فما فوق، كما ارتفعت أسعار النعاج التي يفضلها البعض كأضاحي بدل الخرفان، فيما أصبح الماعز ملاذ الزوالية. وأجمع العديد من الموالين، الذين تحدثت معهم "المساء"، على أن هذا الارتفاع في الأسعار "منطقي"، وأن التهاب الأسعار هذه السنة، يعود إلى قلة العرض مقارنة بتزايد الطلب، بالإضافة إلى غلاء أسعار الأعلاف، مؤكدين، أن سعر مادة "الشعير" لم ينزل تحت 7 آلاف دج للقنطار.
أكد محدثو "المساء"، أن الزائر لأسواق المواشي بولايتي الجلفة والاغواط، على غرار البيرين وحاسي بحبح وعين الرومية، يلاحظ حركية كبيرة، صنعتها أرتال الشاحنات القادمة من مختلف ربوع الوطن، في رحلة بحث عن المواشي، خاصة رؤوس الأغنام التي بات الحصول عليها بأثمان معقولة "حلم المواطن الزوالي". وأكد "عيسى.ج"، أحد أكبر الموالين بولاية الجلفة، لـ"المساء"، أن أسعار الماشية تراوحت بين 70 ألف دج و100 ألف، أي أن سعر "العلوش" (خروف عمره سنة واحدة) فاق 60 ألف دج، وقُدر سعر التيس بـ45 ألف دج.
وأشار محدثنا، إلى ارتفاع سعر الماشية في أغلب الأسواق سالفة الذكر، حيث وصل سعر "العلوش" إلى 60 ألف دج في سوق حاسي بحبح بولاية الجلفة، الذي يُعتبر أكبر سوق بالجهة الجنوبية، أما بسوق البيرين، فيتراوح سعر الماعز بين 40 ألف دج و45 ألف دج، ويلجأ إليه المواطنون ذوو الدخل الضعيف عادة عندما يصطدمون بارتفاع أسعار الخرفان في السوق، بينما قدر سعر الكبش بـ75 ألف دج فما فوق.
الحجج تتكرر
وكالعادة وبنفس الحجج التي تتكرر كل سنة من قبل الموالين، أكد بعضهم، أن سبب هذا الغلاء، يعود إلى وجود تجاوزات تقوم بها أطراف تحسب على القطاع، حيث تستفيد من المواد المدعمة، لتعيد بيعها مجددا للموال بأسعار مرتفعة، موضحين أن السلطات الوصية، يمكنها أن تضع ميكانيزمات رقابية حقيقية، تبعد الدخلاء والسماسرة الذين يستغلون تعب الموال طوال السنة، ليربحوا خلال فترة عيد الأضحى المبارك، أضعاف ما يجنيه الموال.
وتحدث الموالون المتضررون من هذا الوضع، عن حتمية القضاء على السوق الموازية للمواشي، إذ قال أحدهم: "إن الموال تاجر يربي ويسهر طيلة السنة على ماشيته، ويعالج ويداوي ويحرس، ليأتي بعد ذلك التجار الموسميون، أغلبهم يملكون مهنا أخرى، وما إن يصل موسم عيد الأضحى، حتى يصبحوا موالين يبحثون عن مدخول سريع". وأكد المحدث أن المتضرر الأكبر من هذه العمليات والممارسات، هو المواطن البسيط، خاصة في المدن الشمالية، حيث أن السماسرة يحتكرون الأسواق هناك، مما يجعل المضحين أمام حتمية التقيد بالأسعار التي يفرضونها.
جمعية مربي المواشي تبرر
أكد رئيس الجمعية الوطنية لمربي المواشي، حاج حيمود مصطفى في حديثه لـ"المساء"، أن أسعار المواشي، تشهد ارتفاعا بالأسواق، بسبب غلاء المواد العلفية وندرة بعضها على غرار مادة "الشعير"، موضحا، أن هناك "سماسرة" يتلاعبون بالمهنة لاستغلال المناسبات الدينية، لتحقيق هوامش ربح خيالية على حساب جيب المواطن البسيط، وعلى حساب تعب الموال طيلة سنة كاملة.
وأضاف، أن أسباب ارتفاع الأسعار تعود الى الجفاف وغلاء الأعلاف لأن مادتي الشعير والنخالة، بلغتا، حسبه، في السوق السوداء 7 آلاف دج للكيلوغرام الواحد، داعيا إلى ضرورة إعداد برنامج استعجالي من قبل الدولة للحفاظ على هذه الثروة الحيوانية، بالعمل والتنسيق مع الموال والمربي، مؤكدا على ضرورة العمل بجديّة أكثر، على توفير كميات إضافية من الأعلاف الموجهة لتغذية المواشي.
كما أن قلة المواشي على المستوى الوطني، حسبه، تعد سببا آخر وراء ارتفاع الأسعار، موضحا، أن رقم رؤوس الأغنام لا يمكن تحديده ولا أحد يملك الإحصاء الرسمي، لأن العدد يتغير من يوم لآخر، موضحا، أن الثروة الحيوانية بقي منها الثلث، وقال إنه أضحى من الضروري إعادة النظر في توفير الأعلاف، في ظل المتغيرات المناخية وشبح الجفاف، الذي أصبح يشكل تهديدا حقيقيا أمام الحفاظ على الثروة الحيوانية.
وشدد محدث "المساء"، على ضرورة أن تضع وزارة الفلاحة برنامجا مستعجلا لحماية الثروة الحيوانية التي تراجعت، حسبه، اليوم إلى الثلث، وهو ما يستدعي تضافرا كبيرا للجهود أكثر من أي وقت مضى، خاصة في ظل المعطيات الجديدة، على غرار شبح الجفاف وارتفاع أسعار الغذاء عالميا، من أجل الحفاظ على ثروة للأجيال القادمة.
الموال لا يغش والسمسار يغتنم الفرص
أكد رئيس الجمعية الوطنية لتربية المواشي، أن "الموال لا يغش في بيع المواشي"، والأضحية تكون "مضمونة"، وتتوفر على الشروط المطلوبة لأداء الشعيرة الدينية، موضحا، أن المربين لا يعتمدون على "التحقين" لتسمين الخروف، عكس ما يفعله بعض "السماسرة"، متحدثا في نفس الوقت، عن استحالة انخفاض أسعار المواشي عشية العيد هذه السنة، بسبب زيادة الطلب مقابل العرض.
وقال بأن من شروط اقتناء الأضاحي، أن يكون يتراوح سنها بين 8 أشهر وسنة، وغير مصابة أو عرجاء أو مقطوعة الأذن أو مصابة في العين أو عمياء أو مكسورة القرن، مشيرا إلى أن الثروة الحيوانية في تراجع، مردفا بقوله: "طالبنا من الوزارة وضع برنامج مشترك بين ممثلي المهنة، من الغرفة الفلاحية، والجمعيات الوطنية والولائية واتحاد الفلاحين، لتوفير الأعلاف والحفاظ على الثروة الحيوانية وبيعها لنا بأسعار معقولة".
وعن أسعار الأضاحي عشية العيد، يرى المتحدث، أنه من المستحيل انهيار الأسعار قبيل العيد، مثلما يظنه البعض، مشيرا الى أن الوسطاء و"البزناسية" انتشروا كثيرا هذا العام، حتى أن الأضحية قد تصل إلى المشتري من اليد الخامسة أو السادسة، وهو ما يفسر هذا الارتفاع الذي وصل إليه، داعيا المواطنين إلى اللجوء للمربي والموال صاحب المزرعة، ضمانا للجودة والأسعار المعروضة، التي تكون في الغالب معقولة، وأقل مما هو معروض في الأسواق الفوضوية.
وقد تطرق بالمناسبة، إلى المتاعب التي تحاصر الموال، ومنها تربية المواشي التي تتطلب الكثير من الصبر والمثابرة، بالموازاة مع ارتفاع أسعار الأعلاف والشعير، لاسيما وأن الخروف الواحد يستهلك قرابة 3 كلغ في اليوم، "فلنا أن نتصور المجموع، خاصة في الشهور الأولى"، يوضح.
بيع الأضاحي بالعاصمة سابق لأوانه
ومن جهة اخرى، لاحظت "المساء" انتشار بعض نقاط بيع الاضاحي المحلية بالعاصمة، والتي سبقت أوانها على غير العادة، وهذا بعد فتح نقاط بيع الخرفان المستوردة، حيث وقفت "المساء" على نقطة بيع المواشي المحلية بباش جراح، لمعرفة الأسعار التي تعرض بها، فتبين أن سعر الخروف يتراوح بين 85 ألف دينار إلى 110 آلاف دينار فما فوق. ويلاحظ الزائر للمنطقة، غلاء أسعار الماشية التي تم عرضها بنفس أسعار السنة الماضية، حيث بلغ سعر الخروف الصغير جدا 75 ألف دينار، حيث أكّد أحد الباعة، أنّ أسعار الأضاحي مرتفعة هذه السنة ولم تتراجع، وأرجع ذلك إلى غلاء الأعلاف بالدرجة الأولى.
ويستغل السماسرة مناسبة عيد الأضحى لرفع الأسعار، يقول محدثنا، موضّحا، أنّ غالبية الباعة الموجودين في العاصمة ليسوا بموالين، بل أغلبهم يغيّرون نشاطهم العادي في هذه المناسبة الدينية ويشترون المواشي بأسعار معقولة من الأسواق الاسبوعية، ليعيدوا بيعها بأضعاف سعرها. وأوضح البائع، أنّ الأسعار عرفت ارتفاعا كبيرا، بلغ سعره هذه السنة 75 ألف دينار، في حين ترتفع الأسعار أكثر لتصل حتى130 ألف دينار بالنسبة إلى الأضحية من الحجم المتوسط، معترفا بغياب الإقبال هذه السنة مقارنة بالأعوام الماضية.