صيف استثنائي في ضيافة بونة
أطفال الصحراء الغربية يلامسون زرقة البحر

- 143

استقبلت ولاية عنابة، مؤخرا، الدفعة الأولى من أطفال الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، ضمن برنامج المخيم الصيفي السنوي، حيث حل 100 طفل صحراوي ضيوفا على مخيم الشباب الشهيد "بوسنة علي" بعين عشير، وسط أجواء بهجة بدت واضحة على وجوههم، وهم يلامسون لأول مرة، زرقة المتوسط، ويستقبلهم نسيم البحر .
بادرت مديرية الشباب والرياضة لولاية عنابة، بالتنسيق مع إدارة المخيم، بتنظيم استقبال حار للأطفال، بحضور مدير الشباب والرياضة، ومدير المخيم، إلى جانب عدد من الإطارات والمشرفين والمستخدمين، الذين سهروا على تأمين كل الظروف اللازمة، لإنجاح هذا البرنامج التضامني والإنساني.
يمتد هذا المخيم الصيفي إلى غاية 10 أوت القادم، على مرحلتين، حيث تستفيد كل دفعة من إقامة مدتها 15 يوما، تميزها الأنشطة الترفيهية والثقافية، والرحلات البحرية، والورشات البيئية والفنية، بما يعزز العلاقات الأخوية بين الشعبين الجزائري والصحراوي، ويمنح الأطفال لحظات لا تُنسى في أحضان الطبيعة والعناية الإنسانية.
يأتي هذا البرنامج التضامني، الذي تشرف عليه وزارتي الشباب والرياضة، بالتعاون مع السلطات المحلية، في إطار دعم القضية الصحراوية وترسيخ مبدأ الأخوة العربية، والتكافل مع أطفال يعيشون ظروفًا صعبة تحت الاحتلال أو اللجوء، ويمنحهم مساحة للفرح والتنفس، بعيدا عن قساوة الواقع اليومي.
وقد عبر الأطفال الصحراويون، عن سعادتهم الغامرة وهم يتجولون لأول مرة على شاطئ عنابة، ويغوصون في تفاصيل مدينة كانت في الأمس القريب، مجرد اسم في دروس الجغرافيا، لتتحول اليوم، إلى فضاء حي من الألوان واللعب والانتماء.
وتعمل الطواقم المشرفة على تأمين برنامج يومي غني ومتنوع، يشمل زيارات إلى معالم المدينة، وورشات في الرسم والمسرح، وأمسيات موسيقية تحت النجوم، بالإضافة إلى فترات استجمام تفتح للأطفال نوافذ جديدة على الحياة.
وتثبت عنابة مرة أخرى، التي لطالما كانت مدينة استقبال وسخاء، قدرتها على احتضان قلوب صغيرة قادمة من عمق الصحراء، وعلى تحويل أيام الصيف إلى ذاكرة مليئة بالحنان. وبين ضحكات الأطفال وصوت الموج، يُنسَج خيط إنساني ناعم بين الصحراء والبحر، بين مخيمات اللاجئين الصحراويين ومدينة بونة، وبين وطنٍ ينتظر الحرية، وبلدٍ لا ينسى واجبه الأخلاقي والتاريخي.
الصناعة التقليدية تُحيي صيف عنابة
62 حرفيًا في موعد التراث
تحتضن ولاية عنابة، منذ أول أمس، فعاليات الصالون الوطني لمنتجات الصناعة التقليدية، الذي نُظم بالمدرسة العليا للتسيير، ويدوم إلى غاية 23 جويلية الجاري بمبادرة من غرفة الصناعة التقليدية والحرف لولاية عنابة، وتحت إشراف مديرية السياحة والصناعة التقليدية، في إطار الجهود المبذولة وطنياً لترقية المنتوج الحرفي، وتثمين التراث المادي وغير المادي لمختلف مناطق البلاد، من خلال إنشاء فضاءات عرض، وتبادل خبرات بين الحرفيين، وربطهم بالزائرين والسوق المحلية والوطنية.
يعرف الصالون مشاركة 62 حرفيًا، من بينهم 22 من ولاية عنابة، و40 قدموا من 15 ولاية أخرى، من بينها تندوف، أدرار، غرداية، تقرت، قسنطينة، الطارف، وهران، تيبازة، وبسكرة، وهو ما منح الحدث بُعدًا وطنيًا متكاملاً، يعكس تنوّع وتعدّد الروافد الثقافية والبيئية التي تغذي الصناعة التقليدية الجزائرية.
وتوزّعت المعروضات بين النسيج التقليدي، الفخار، الحلي، النقش على الخشب، المنتجات الجلدية، النحاسيات، التطريز اليدوي، والخزف، وغيرها من الفنون التي تشكّل فسيفساء حية لتراث لا يزال نابضًا، وينتقل من جيل إلى آخر بفضل شغف الحرفيين وتمسكهم بالهوية.
أكثر من عرض.. منصة للتبادل والتكوين
إلى جانب كونه فضاءً للعرض والتسويق، يشكّل الصالون، محطة تفاعلية للحرفيين من مختلف ولايات الوطن، سمحت لهم بالتعارف، وتبادل التجارب، واستكشاف أساليب جديدة في العرض والترويج. كما أبدى عدد من المشاركين تطلعهم إلى تعزيز التكوين، والتوجه نحو الرقمنة كوسيلة ضرورية لمواكبة التغيرات في السوق وتوسيع قاعدة الزبائن. من جهتهم، عبّر الزوار عن إعجابهم بجودة المعروضات وتنوعها، مؤكّدين أنّ مثل هذه التظاهرات تساهم في إعادة الاعتبار للحرفة اليدوية، وتقرّب المستهلك من المنتج المحلي، في زمن تطغى فيه المنتجات الصناعية والموحدة.
وفي كلمته الافتتاحية، شدد الأمين العام للولاية، على أهمية قطاع الصناعة التقليدية في التنمية الاقتصادية المحلية، باعتباره مصدراً حقيقياً لمناصب الشغل، وعاملاً من عوامل الجذب السياحي، مضيفًا أنّ السلطات العمومية تعمل على مرافقة الحرفيين، وتسهيل مشاركتهم في مختلف المعارض الوطنية والدولية، مع تشجيع انخراطهم في آليات الترويج الإلكتروني والتكوين المستمر. أما مسؤولو غرفة الصناعة التقليدية، فأكّدوا أنّ هذا الصالون، يشكّل فرصة حقيقية لتسليط الضوء على كفاءات محلية وجهوية، ويهدف مستقبلاً التحوّل إلى موعد سنوي قار، يواكب الحركية السياحية بعنابة، ويدفع بالصناعات الحرفية نحو أسواق أوسع.
الحرفة.. ذاكرة تتحرّك
يبرز من خلال هذه التظاهرة، أنّ الصناعة التقليدية لم تعد مجرّد نشاط تراثي محافظ، بل أصبحت ذاكرة تتحرّك، وإبداعًا يعبّر عن جذور وهوية، ومجالاً مفتوحًا للابتكار والاندماج في دورة الاقتصاد الوطني. فكل قطعة معروضة تحكي عن بيئة، وعائلة، وتاريخ، ما يجعل الحرفة أكثر من مجرّد منتوج، بل رسالة ثقافية واجتماعية في حدّ ذاتها. وتتواصل فعاليات الصالون، من خلال ورشات تطبيقية، وعروض حية، ولقاءات مع الحرفيين، مما يمنح الزائر فرصة التعرّف على مراحل الإنتاج، وربما اكتشاف حرفة لم يكن يعرفها، أو شغف لم يكن يتوقعه.