الباحثة في التغذية صونيا بوزيد تكشف لـ"المساء":
"أنا أول من صنع مسحوق مصل اللبن في إفريقيا وأنتظر دعم الدولة"
- 1892
تطمح الباحثة في علم التغذية والتكنولوجيات الفلاحية الغذائية، المهندسة صونيا بوزيد، خريجة جامعة قسنطينة، إلى استغلال ما توصلت إليه من اكتشاف واعد، يتمثل في تثمين مصل اللبن، واستغلاله في إنتاج مسحوق ذي قيمة غذائية عالية، يتم اقتناؤه بالعملة الصعبة، مؤكدة في اتصال مع "المساء"، أنها الباحثة الوحيدة في الجزائر وإفريقيا، التي توصلت إلى تصنيع مثل هذا المسحوق باهظ الثمن، من المخلفات السائلة للملبنات، التي ترمي يوميا مئات الأمتار المكعبة من مصل اللبن، وتنفق أموالا طائلة من أجل التخلص منه، عوض بيعه إلى من يعيد إنتاجه.
ذكرت الباحثة بوزيد، التي تحضر لمناقشة مذكرة الدكتوراه، وتعمل حاليا مراقبة نوعية الإطعام بجامعة أم البواقي، لـ«المساء"، أن فكرة مشروعها جاءت بعد عدة تجارب قامت بها في مصنع "صوفيلي" بقسنطينة، بتأطير من البروفيسور حليمة بوغلوط والبروفيسور نور الدين زيدون، ولاحظت أن هناك كميات كبيرة من المصل الناتج عن صناعة مشتقات الحليب، كالأجبان واستخلاص الدهون، يتم رميها، ولا تستطيع المصانع والملبنات إعادة استغلالها، مفيدة أن هذه "الملاحظة العلمية" قادتها إلى التفكير في إعادة تثمين هذه النفايات من مصل اللبن، عن طريق تجفيفها والاستفادة من محتواها الغني بالبروتينات والأحماض الأمينية الكاملة، واستخراج مسحوق، يعاد استغلاله في كل تلك المشتقات.
أكدت محدثتنا، التي تريد رفع انشغالها للوزرات المعنية، لاسيما وزارة المؤسسات الناشئة والحاضنات، لحماية مشروعها الواعد، الذي سيقدم إضافة كبيرة ـ حسبها ـ للاقتصاد المحلي، عن طريق توفير مسحوق تخصيب مشتقات الحليب والعديد من المنتجات الغذائية، الذي يستورد من الخارج، وإنتاجه محليا، وحماية البيئة من مخلفات المصانع التي تبحث عن وسيلة ناجعة للتخلص من هذا المصل.
"رفضت التمويل الربوي وأنتظر شراكة ناجعة"
تروي المختصة بوزيد أنها تلقت تكوينا لدى الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب "أونساج"، وتحصلت على شهادة مقاولة والجائزة الأولى في مجموعة المتربصين، وأنها كونت ملفا للاستفادة من الدعم، لكنها عندما علمت أن التمويل البنكي مرتبط بالفوائد الربوية، رفضت الأمر، وهي تطمح إلى صيغة تمويلية أخرى، أو أن تعقد شراكة ناجعة مع إحدى الوحدات الصناعية لإنتاج مسحوق المصل، الذي يعد سلعة مطلوبة وبكثرة في جميع وحدات الصناعات التحويلية الغذائية والصحية على حد سواء، وفي هذا السياق، تفصل محدثتنا قائلة، إنها تستطيع أن تتعاقد مع أي مصنع يفرز المصل، تشتريه منه بأثمان منخفضة، وتبيع له المسحوق المستعمل في إنتاج مشتقات الحليب بثمن معقول جدا، وفي رأي محدثتنا، فإن هذه الصفقة المربحة لأصحاب الوحدات الإنتاجية لا توجد أحسن منها، كونها تخفف أعباء مالية ضخمة، جراء اقتناء المسحوق والتخلص من المصل السائل.
حسب المختصة بوزيد، فإن مادة مسحوق مصل اللبن لا يمكن الاستغناء عنها في الصناعات الغذائية التحويلية، وأن ثمنه غال، حيث أن 800 غرام من هذه المادة يتراوح سعرها بين 20 و25 ألف دينار، حيث يضيف المصنعون هذه المادة للمنتجات، كالأجبان والياوورت، البسكويت والشكولاطة، للحفاظ على تماسك المكونات، وعدم ترك المصل يترشح ويطفو على سطح المنتوج ثانية.
"سأوفر مسحوق المصل بأثمان زهيدة ومساعدة الوحدات الإنتاجية"
تنوي المختصة -إن ساعدتها الدولة في إنشاء وحدتها الإنتاجية- تخفيف حدة استيراد هذه المادة الهامة، وبيعها للمتعاملين بسعر لا يتعدى 4 آلاف دينار، بما يحقق أرباحا كبيرة للوحدات الإنتاجية، وتدعو من خلال منبر "المساء"، المتعاملين الاقتصاديين إلى الاستفادة من هذا المشروع الواعد، لأنه مربح جدا، ولا توجد أية مؤسسات إنتاجية منافسة سواء في الجزائر أو إفريقيا، تؤكد محدثتنا، وأنها لا ترغب في نقل مشروعها إلى الخارج، حيث أن الفرص هناك متاحة لاحتواء فكرتها المدرة للأموال.
كما ذكرت الباحثة أن من أهم هواجس أصحاب الوحدات الإنتاجية للحليب ومشتقاته، هو التخلص من النفايات مصل اللبن الناتجة عن تخثر بروتينات الحليب، وتنفق مبالغ مالية معتبرة لصرف هذا السائل، لأنه يشكل خطرا على البيئة، بسبب احتوائه على كميات كبيرة من المواد العضوية، التي لو ترمى في قنوات الصرف الصحي أو التربة، فإن تعفنها يؤدي إلى تشكل جراثيم وغيرها من المخاطر الصحية، وأن 10 لترات من الحليب الموجه لصناعة الجبن مثلا، يعطي كيلوغراما واحدا من الجبن و9 لترات الأخرى عبارة عن مصل اللبن، وأن الوحدات الإنتاجية تفرز يوميا بين 30 و35 ألف لتر كلها من مصل اللبن.
إذا أحصينا عدد المصانع التحويلية التي تنتج هذا السائل نجدها كثيرة، إذ توجد في بلانا زهاء 100 ملبنة لإنتاج الحليب ومشتقاته، فضلا عن الوحدات الإنتاجية الأخرى التي تحتاج إلى مادة مسحوق مصل اللبن، بالتالي يظهر حجم هذا المشروع وأهميته على الاقتصاد الوطني، بما يوفره من عملة صعبة، وتشجيع الإنتاج الوطني واستحداث مناصب شغل دائمة، وبتحليل بسيط، يمكن بفضل هذه الفكرة، إنشاء وحدة صناعة المصل بكل وحدة صناعية، وهو ما يصنع حركية اقتصادية وإنتاجية قوية.
تروي المختصة صونيا بوزيد، أنها خلال بحثها بوحدة إنتاج الألبان "صافيلي"، في إطار اتفاق بين معهد التغذية والتكنولوجيات الفلاحية الغذائية، بجامعة "منتوري" في قسنطينة، قامت بتجريب المسحوق على عدة منتجات، منها الياوورت، حيث ظهرت نتائج باهرة من حيث مذاق المنتوج ودرجة تماسك مكوناته، وحتى من حيث مدة صلاحيته التي فاقت المدة المعمول بها، وهي 28 يوما، مؤكدة أن درجة حموضة الياوورت الذي استعملت فيه مسحوق المصل فاقت أكثر من شهر.
تناشد الباحثة مختلف الوزرات والمنظمات المهنية ذات الصلة، احتضان فكرتها ومرافقتها في تجسيد حلم مشروعها، الذي يعد إضافة اقتصادية واجتماعية، مؤكدة أنه لو يتم تجسيد هذا المشروع وتعميمه بمختلف ولايات الوطن، سيمكن من توفير المادة الأولية والتصدير إلى الخارج، لاسيما أن هذه المادة مطلوبة بكثرة، وتدخل ضمن مكونات المنتجات الصناعية والصحية.