حماية وتصنيف القصور بالنعامة

أولوية لضمان استدامتها

أولوية لضمان استدامتها
  • 1055

يشكل تصنيف وحماية المواقع والمعالم الثقافية والمعمارية للقصور القديمة جنوب ولاية النعامة، أولوية ملحة يتطلع إليها مختلف الفاعلين من مختصين في التراث، ومسؤولين وجمعيات ومواطنين، ويعد تصنيف هذه القصور الموجودة ببلديات صفيصيفة وتيوت وعسلة ومغرار قطاعات محفوظة، وإدراجها ضمن التراث الوطني، من الأهداف التي يصبو إلى تحقيقها المهتمون بالتراث الثقافي للمنطقة.

يتمثل الرهان الأكبر لدى القائمين على قطاع الثقافة محليا، في تصنيف هذه المواقع للتكفل بالجوانب الإدارية والقانونية، وتسييرها بما يضمن استدامتها وأبعادها الحضارية والعمرانية، وهو ما ذهب إليه الكثير من المختصين والسكان.

استفادت هذه القصور العتيقة في السنوات الأخيرة، من دراسات متخصصة لحصر طبيعة هذه الممتلكات الثقافية، وإعداد مخططات تسيير لحماية هذا التراث المادي  الذي يميز واحات سلسلة جبال الأطلس الصحراوي، وفق مديرية الثقافة، وقد تم في نفس الصدد، إجراء جرد وإحصاء دقيق لكل ما تتوفر عليه قصور الولاية من مميزات تاريخية ومعمارية وأثرية، من طرف مختصين من الديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية، استنادا إلى المصدر.

حظيت هذه القصور، التي تتشكل أيضا من واحات وبساتين النخيل وأنظمة تقليدية للسقي بين سنتي 2004 و2014، بعمليات متتالية لإعادة تأهيل قامت بها دوريا مديريتا الثقافة والبناء والتعمير، ضمن ميزانية الولاية، للحفاظ عليها، كما أوضح رئيس مكتب حماية التراث الثقافي بالمديرية الولائية للثقافة، العربي منصور.

من هذه المعالم؛ قصر تيوت المشيد في القرن الـ15 ميلادي، الذي حظي بإنجاز عبر ثلاث مراحل، لأشغال ترميم وتثمين المزايا الفنية والهندسية لمختلف أجزائه وبناياته، والتي تتشكل من مسجده العتيق ونحو 270 منزلا ودكاكين وحمام وأبراج وأزقة وغيرها، بغلاف مالي فاق 90 مليون دينار، كما ذكر المسؤول.

تم على مستوى هذا القصر، تأهيل قنوات المياه والصرف وإنجاز شبكة إنارة، فضلا عن وقايته من أخطار السيول، إلى جانب ترميم المسجد والزاوية وساحة القصر ومداخل وأبواب القصر وواجهته عبر السور القديم، وتبليط الشارع الرئيسي، حسب المصدر.

لا زال ارتباط السكان بتراثهم المادي الذي أبقى على وجود عدد من البيوت القديمة داخل القصور آهلة بالسكان، الذين آثروا الحفاظ عليها، رغم التآكل الذي يعرفه الهيكل المعماري لهذا القصر.

أصبحت هذه المواقع التاريخية في الوقت الحالي، عامل جذب للسياح بتجسيد مبادرات أخرى، قصد الحفاظ على هذا الموروث وترميم بعض البيوت داخله، بالشراكة مع المجلس الشعبي البلدي لتيوت.

تم تحويل 7 بيوت عائلية بعد ترميمها، إلى أماكن لإقامة السياح، وأخرى للترويج للتحف ومنتوجات الصناعة التقليدية، مما يساهم في خلق مناصب العمل وإنعاش هذه الحرف، كما ذكر من جهته رئيس البلدية، محمد هنين.

دعوة إلى إشراك المختصين

من جانب آخر، شدد أعضاء عدة جمعيات محلية مهتمة بالتراث، منها جمعيتا أغرم أقديم وتنانت، على ضرورة مشاركة مختصين في علم الآثار ومؤرخين في أشغال الترميم المستقبلية، وأهمية تحسيس زوار هذه المناطق الأثرية حول هشاشة هذه المعالم التاريخية، وضرورة وضع لوحات إعلامية للتعريف بها.

قال أحمد بوطارد (80 سنة)، أحد أعيان المنطقة، إنه "من الأجدر إشراك الجمعيات المحلية وسكان المنطقة، لإبداء آرائهم بخصوص مراحل وطرق الترميم ومراعاة استخدام مواد البناء المحلية، فقد تم تشويه منظر بعض الأجزاء وتغيير البعض من شكلها الأصلي".

لطالما شكل نقص اليد العاملة المؤهلة أهم العراقيل التي تواجه تحقيق أهداف الترميم، كما عبر عنه عبد الرحمان رحو، أحد سكان قصر تيوت، الذي اعتبر أن "المواد المستعملة في عملية الترميم التي أجريت بهذه القصور لا تتلاءم والخصوصية والطبيعة الأصلية لبناءات القصر".

يضيف المتحدث، أن "وضع المادون، وهي الحجارة المصفحة والمنحوتة لتبليط أزقة القصر، ساعد على تشكل الرطوبة التي أثرت على الجدران وزادت في هشاشتها، وأغلب الفراغات المربعة التي وجدت سابقا بالأسقف، والتي تسمح بدخول أشعة الضوء والتهوية وتعرف قديما بـ"الفاهق"، تمت إزالتها أثناء الترميم.

ألح الطاهر بوزار، وهو شاعر وباحث في تراث بالمنطقة، على أهمية قصر صفيصيفة كـ«تحفة معمارية" من حيث نمط وهندسة البناء التي يتميز بها، وأبراجه السبعة وساحة "تاشرافت" التي تتوسطه وطريقة توزيع مياه البساتين التي تدعى "إيغرغار"، ونظام الفقارات به، وهو ما يتطلب بحوثا ميدانية وتأسيس قاعدة معطيات ثرية حول هذا المعلم.

من جهة أخرى، دعا أعضاء الجمعيات إلى إيلاء العناية اللازمة لجوانب الهندسة المعمارية لقصور ولاية النعامة، في إطار تعزيز وتثمين الثقافة المحلية والهوية، ودورها في تحقيق تنمية مستدامة، مع تنظيم تظاهرات إعلامية ومعارض تراثية للتعريف بهذا الموروث الصحراوي.

المشرية ... تثمين فنون الأدب الشعري

أبرز الشعراء المشاركون في تظاهرة "أيام النعامة للشعر الفصيح"، التي انطلقت فعالياتها أول أمس بالمشرية (النعامة)، على أهمية "تثمين فنون الأدب الشعري التي تعد من أهم الروافد الثقافية المساهمة في نشر الوعي والقيم داخل المجتمع".

قال سليمان جوادي، من وجوه الشعر المعروفة وطنيا وعربيا، وشارك بمجموعة من قصائده في افتتاح هذه التظاهرة التي تنظمها مديرية الثقافة للولاية، بالتنسيق مع مكتب النعامة "لبيت الشعر الجزائري" أن "النهوض بالشعر يمر عبر مد يد العون للمواهب الشابة التي اختارت القصيدة العمودية، وأولئك الذين سلكوا سبيل الشعر الحر (شعر التفعيلة) برؤية فنية جديدة تجمع بين الأصالة والمعاصرة".

اعتبر من جهته رئيس مكتب" بيت الشعر الجزائري" بالنعامة، الشاعر عرباوي المجدوب، أن "الساحة الأدبية في الجزائر، تزخر بالعديد ممن يملكون أدوات وآليات التشكيل الشعري، ممن تركو بصمات بارزة في التجربة الشعرية، لافتا إلى أن هذا اللقاء مناسبة للخوض في التجارب الشعرية لهؤلاء، وتسليط الضوء على البنية اللغوية بمختلف عناصرها الإيقاعية واللفظية والتصويرية في بناء نصوصهم الشعرية".

يقدم المشاركون في هذا الموعد الثقافي الذي استمر ليومين، بحضور 20 شاعرا من عدة ولايات على مستوى كل من سينما "الأمل" بمشرية، وسينما "إمزي" بعين الصفراء، باقة من القراءات الشعرية في لون الشعر الفصيح، ومجموعة من إبداعاتهم الأدبية المتنوعة التي تتغنى مرة بالحرية والوطن، ومآثر كفاح الشعب الجزائري وأخرى بالمرأة وجمال الصحراء وكرم أهل البادية.

تهدف التظاهرة إلى" فتح باب النقاش و تبادل الرؤى بين الشعراء المشاركين، للوقوف على معطيات التجربة الشعرية الجزائرية، وإبراز الظواهر والسمات الجمالية والفنية لها، وتحليل جوانب تطور ونقائص تجربة الشعر الفصيح بالجزائر"، كما أوضح من جهته مدير الثقافة، ساعد ميهوبي.

تعرف التظاهرة حضور أسماء أدبية وطنية، وأخرى محلية قدمت عدة أعمال في عالم الإبداع الشعري، من بينهم عاشور فني الذي اعتبر هذه المناسبة فرصة "لإعادة الوجه المشرق للشعر الجزائري، ولمّ شمل مجموعة من الشعراء وكتاب القصيدة النثرية والشعر الحر والعمودي، وفتح النقاشات والتعريف بالمبدعين الشباب".